نبيل أبو ردينة

ؤوفي بيان أمس الجمعة، وصف الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة اجتماع الرئيس عباس مع الوفد الأميركي، بأنه كان بناء ومعمقا وإيجابيا، تناول كل القضايا ذات الاهتمام المشترك بشكل جدي، حيث تم الاتفاق على استمرار الحوار الهادف إلى التوصل إلى صفقة سلام شاملة وتاريخية. وأضاف أبو ردينة، أن الرئيس عباس أعاد تأكيد المواقف الفلسطينية، خصوصا مبدأ حل الدولتين على حدود عام 1967، ووقف النشاطات الاستيطانية كافة، مشددا على قرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة والتفاهمات الموقعة، وخطة خريطة الطريق ومبادرة السلام العربية.

وكان بيان الرئاسة الفلسطينية قريبا إلى حد كبير من بيان أصدرته القنصلية الأميركية في القدس، وقالت فيه إن اللقاء كان مثمرا وركز على كيفية بدء محادثات جوهرية للسلام الإسرائيلي الفلسطيني. وأضافت القنصلية، في بيان مقتضب، أن الجانبين ركزا على مواصلة المحادثات التي تديرها الولايات المتحدة باعتبارها أفضل طريق للتوصل إلى اتفاق سلام شامل.

وكان عباس استقبل مساء أول من أمس الخميس مستشار الرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنر الذي أعلن التزام بلاده بتحقيق السلام في المنطقة، ورد عليه عباس بأنه لا يوجد مستحيل. وقال كوشنر لعباس: الرئيس ترمب متفائل جداً، ويأمل بمستقبل أفضل للشعب الفلسطيني والشعب الإسرائيلي. وأضاف: لقد أرسلنا اليوم من واشنطن لنتحدث عن موضوع مهم جدا له وهو العلاقات السلمية بين دول المنطقة بأسرها. وتابع: نأمل أن يستطيعوا العمل معا والعيش معا لسنوات كثيرة وأن يحظوا بحياة أفضل بكثير.

ورد عباس عليه في محاولة لتخفيف حدة الانتقادات الفلسطينية: نحن نؤكد أن هذا الوفد يعمل من أجل السلام، ونحن نعمل معه من أجل الوصول قريبا لما سماه الرئيس ترمب صفقة سلام تاريخية.

لكن كل هذا التفاؤل في التصريحات لم ينته باختراق حقيقي، كما يبدو. وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ"الشرق الأوسط" إن أي اتفاق ذات مغزى لم يحدث أثناء الاجتماع. وتابعت أن الرئيس عباس أوضح مرة أخرى لكوشنر اهتمامه والتزامه بصنع سلام عن طريق المفاوضات، لكن وفق مرجعية واضحة وحل يقوم على أساس الدولتين. وطالب عباس كذلك بوقف الاستيطان.

وقالت المصادر إن الوفد الأميركي استمع ولم يعط مواقف واضحة في الاجتماع الذي استمر نحو ساعتين ونصف الساعة، وحضره عن الجانب الأميركي نائبة مستشار الأمن القومي دينا باول، وجيسون غرينبلات رئيس فريق المفاوضات الدولية، والقائم بأعمال القنصل الأميركي، فيما حضره من الجانب الفلسطيني أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، ومستشار الرئيس للشؤون الاقتصادية محمد مصطفى، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، والناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة. ولم يحضر سفير واشنطن لدى إسرائيل ديفيد فريدمان اللقاء على الرغم من أنه شارك في اللقاءات التي أجراها كوشنر في إسرائيل. وكانت السلطة الفلسطينية أبلغت الأميركيين بأنه شخص غير مرغوب به في رام الله. ويدفع فريدمان نحو نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، ويؤيد بشكل كبير الاستيطان الإسرائيلي ويدعمه.

وطرح الأميركيون مجددا في اللقاء مع عباس مسألة الرواتب التي تدفعها السلطة للأسرى وعائلات قتلى قضوا في عمليات ومواجهات. وقال الصحافي الإسرائيلي جال بيرغر إن عباس أبلغ كوشنر أنه لن يوقف هذه الرواتب حتى آخر يوم في حياته ولو كلفه ذلك منصبه. وحديث عباس يعبّر إلى حد ما عن حالة الغضب الفلسطيني من تركيز الوفد الأميركي على هذه المسألة، وتجاهله قضايا جوهرية مثل حل الدولتين ووقف الاستيطان. وأفيد بأن عباس طلب موقفا معلنا من الأميركيين حول تأييد حل الدولتين ورفض الاستيطان، بعدما تجنب كوشنر التطرق إلى هذا الأمر علنا سواء في إسرائيل أو رام الله. واتفق الجانبان على بحث هذه القضية في اللقاءات اللاحقة.

ويأمل الفلسطينيون بأن يعود الأميركيون بموقف واضح من مسألة حل الدولتين والاستيطان، لأن ذلك سيساهم بشكل كبير في دفع عملية سلمية جديدة في المنطقة. ويريد عباس أن تكون مبادرة السلام العربية أساسا ومرجعية لأي عملية سلمية وليس شيئا آخر بما في ذلك السلام الإقليمي. ويخطط الفلسطينيون، إذا ما فشلت الجهود الأميركية، للعودة إلى مجلس الأمن والطلب منه تنفيذ قراراته بشأن إنهاء الاحتلال، وكذلك المطالبة بعضوية كاملة لدولة فلسطين.