لندن ـ سليم كرم
وفقا لوثائق سرية، فان الحكومة البريطانية اعتبرت غزو العراق للكويت عام 1990، "فرصة لاتعوض لبيع الأسلحة لدول الخليج. وقد كشفت المذكرات التي أصدرها الأرشيف الوطني عن كيفية تعزيز وزراء وموظفي الحكومة في حرب الخليج لضمان استفادة مصنعي الاسلحة البريطانيون من الارتفاع المتوقع فى الاوامر العسكرية. وتضمنت الوثائق بيانات سرية موجزة من وزير المشتريات الدفاعية آلان كلارك، ثم وزير الدفاع، ولرئيسة الوزراء، مارغريت تاتشر، أثناء جولتهم في دول الخليج عشية الحرب. وقد حققت جهود الحكومة حصتها من الارباح. ووفرت ايضا الحرب عبئا كبيرا على مبيعات الأسلحة في المنطقة وساعدت على تعزيز علاقة قوية لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا.
ويظهر آخر تقرير سنوي لمنظمة الدفاع والأمن الحكومية أن المملكة المتحدة- بريطانيا- قد فازت ب 6 مليارات جنيه من صفقات الأسلحة في عام 2016 - والتي تمثل 9٪ من السوق العالمية. ونصف قيمتها الإجمالية تعود للشرق الأوسط ، واظهر التقرير ان بريطانيا احتلت ثاني أكبر مركز في تجاره الأسلحة في العالم بعد الولايات المتحدة الاميركية. على مدى 10 سنوات .
وفي رسالة "سرية" تمت كتابتها في 19 آب / أغسطس 1990، اي بعد أيام من غزو قوات صدام حسين الكويت، كتب كلارك مذكرة خاصة إلى تاتشر وصف فيها الرد المتوقع للولايات المتحدة وحلفائها بأنه "فرصة لا مثيل لها" لمنظمة خدمات التصدير الخاصه بوزارة الدفاع المعروفة الآن "دي اي أس أو". وأوضح كلارك: قائلاً "انة مهما كانت السياسات التي نعتمدها، يجب أن أؤكد أن هذه فرصة لا مثيل لها لمصلحة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية؛ ومنظمة (دي اي اس او).
وفي وقت لاحق في المذكرة، يضيف كلارك قائلا: "لقد أعددت قائمة من توقعات مبيعات الدفاع الحالية في بداية الأزمة. ومن المرجح الآن أن يتم إحضارها وزيادة حجمها إذا قمنا بأشياءنا ". وأظهرت مذكرات أخرى أن كلارك انتهز اجتماعاته مع أمير قطر ومع وزير الدفاع البحريني للدفع من أجل شراء الأسلحة. ومن ناحية أخرى، قام بتحديد الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر والأردن كعملاء محتملين. وقال جو لو، وهو باحث في حملة مكافحة تجارة الأسلحة، إن هذه البلدان نفسها يتم استهدافها الآن من قبل المملكة المتحدة لصادرات الدفاع. وأضاف لو "ان الزمن قد يكون قد تغير، ولكن العقلية لا تزال هي نفسها ولم تتغير". واضاف ان "هذه التصريحات تظهر ان الحكومة البريطانية رأت ان حرب الخليج الاولى ليست بكارثة انسانية وانما هي فرصة لشركات الاسلحة للاستفادة من الموت والدمار".
وفي إحدى الوثائق المختصره ، التي تمتت كتابتها في 7 آب / أغسطس وضع علامه عليها "سري للغايه "، ناقش فيها الموظفون المدنيون مبيعات الدفاع المحتملة. ،وكانت ومن بين الطلبات المحتملة التي كانوا يحاولون احضارها 36 مروحية من طراز (ويستلاند بلاك هوك )من أبوظبي، في صفقة بقيمة 325 مليون جنيه إسترليني. وقد أدرجت سلطنة عُمان على أنها مهتمة في شراء مركبات قتال محاربه في الصحراء، فضلا عن وضع طلب للدبابات طراز (تشالنجر الثانية). أرادت ايضا البحرين شراء طائرات "هوك" من "إيروزباس" بريطانيا ، في حين أدرجت المملكة العربية السعودية على أنها مهتمة بصفقة بقيمة 200 مليون جنيه استرليني لسبع حوامات.
واعرب كلارك عن اعتقاده بان تبادل المعلومات الاستخباراتية مع دول الخليج في فترة ما قبل الحرب يمكن ان يكون أداة تسويقية مفيدة لصناعة الاسلحة. وقال انه قدم خطة لكبير ضباط المخابرات للقيام بزيارات اسبوعية لدول الخليج للمشاركة في جلسات نظيفة سريعة، موضحا بانها لن يكون بها ايه "انتهاك لتفاهماتنا مع الولايات المتحدة". وكان كلارك واضحا بشأن فوائد هذه الزيارات، مشيرا إلى أنها "ستقدم مساهمة حقيقيه ومفيده لممثل منظمه (دي اي اس او) .
وتظهر الوثائق زياره كلارك لملوك دول الخليخ في الأيام السابقة للحرب لتأكيد دعم المملكة المتحدة لهم. وشدد كلارك على سرعة الاستجابة العسكرية البريطانية بشكل خاص . وقال لـ "تاتشر" ان نيته هي التوجه ضد العراق في النزاع الوشيك.، وقد صرح تشارلز باول السكرتير الخاص لـ "تاتشر" لـ "كلارك" في مذكرة انه يريد ان يستخدم زيارته لحكام الخليج للاشارة الى ان المملكة المتحدة كانت اسرع وأفضل في الرد ومساعدة حلفائها الخليجيين من فرنسا والتي تعتبر منافسًا اخر لتصدير الاسلحة. كما طلب باول من كلارك زيارة دول الخليج الصغيرة والتي شعرت بأن المملكة المتحدة لم تعطها كفايتها من الاهتمام بشان احتياجتها ومخاوفها الأمنية.
وتعتبرمسألة الصادرات مسألة حساسة بالنسبة للوزراء. وعلى الرغم من ذلك عارض وليم والديغراف وزير الدولة للشؤون الخارجية والكومنولث في مذكرة لباول، قرار الحكومة برفع انتهاكات صدام حسين لحقوق الانسان، قائلا له انه اثار قضية حتمية "فلماذا ذهبت للقيام بهذا العمل معه؟ "