مصر في المصالحة الفلسطينية

أكّدت مصادر مطلعة أن القاهرة عدّلت "الورقة المصرية" للمصالحة الفلسطينية، بعد أخذ ملاحظات حركة "فتح" والرئيس محمود عباس في الاعتبار، لتصبح من 3 مراحل بدلا من أربع، في وقت عقدت "حماس" اجتماعا واسعا في غزة الأحد، شارك فيه ممثلون عن الفصائل كافة، بما فيها حركة "فتح"، للتشاور في شأن المبادرتين المصرية والأممية للمصالحة ورفع الحصار عن قطاع غزة.
وكشفت مصادر فلسطينية موثوقة أن "الورقة المصرية المعدلة" التي طرحتها القاهرة على "حماس"، تتألف من 3 مراحل، و"تقترب كثيرا من مطالب الرئيس عباس وبرنامجه"، وأوضحت أن "مدة المرحلة الأولى 5 أسابيع تبدأ بعودة الوزراء في حكومة التوافق الوطني ورؤساء الهيئات والسلطات الحكومية لمزاولة عملهم في قطاع غزة، يليها توجه وفد أمني يمثل السلطة الفلسطينية لعقد اجتماعات مع وفد أمني من حماس في القاهرة".
وأضافت مصادر فلسطينية: "خلال المرحلة الأولى أيضا ستُشكَّل لجنة وطنية مهمتها مراقبة تنفيذ اتفاقي القاهرة الموقعين عامي 2011 و2017 ومتابعة خطواتها"، إضافة إلى "عقد اجتماع بين مسؤولين في وزارة المال في الضفة وغزة للاتفاق على تسليم حماس الجباية للسلطة وحكومة التوافق"، وأشارت إلى أن "محادثات تشكيل حكومة وحدة وطنية ستبدأ أيضا خلال المرحلة الأولى".
وبيّنت أن المرحلة الثانية التي تستغرق 4 أسابيع "ستتضمن تسليم الجباية على أرض الواقع لوزارة المال في حكومة التوافق، والتعهد بصرف رواتب موظفي حكومة حماس السابقة، وبخاصة المدنيين والشرطة والدفاع المدني، وتنفيذ توصيات اللجنة الإدارية القانونية"، التي شُكلت بموجب اتفاق عام 2011 وأنهت أعمالها في شباط/ فبراير الماضي، كما تتضمن هذه المرحلة "عقد اجتماع لمجلس الوزراء في مقره في مدينة غزة لتقويم تمكين الحكومة وما أُنجز في هاتين المرحلتين".
وأكدت أن "مدة المرحلة الثالثة 3 أيام فقط، وتتضمن عقد اجتماعات بين مسؤولين أمنيين من حماس والسلطة الفلسطينية، فضلا عن عقد اجتماع للإطار القيادي الموقت المكلّف إعادة بناء وهيكلة منظمة التحرير الفلسطينية، ويضم إلى جانب فصائل المنظمة، حماس والجهاد الإسلامي، إضافة إلى المستقلين".
وعقدت "حماس" اجتماعا واسعا في مدينة غزة الأحد شارك فيه ممثلون عن الفصائل كافة، بمن فيهم ممثل "فتح"، عضو الهيئة القيادية العليا للحركة في القطاع عماد الآغا. وفي مستهل الاجتماع المفتوح أمام وسائل إعلام، تحدّث عضو المكتب السياسي لـ"حماس" حسام بدران الذي وصل إلى القطاع الخميس الماضي عبر معبر رفح مع 5 آخرين من أعضاء المكتب السياسي في الخارج، في مقدمهم نائب رئيس الحركة صالح العاروري، وتحدث في الجلسة المغلقة عضو المكتب السياسي للحركة خليل الحية.
وقال بدران: "لا يوجد أي ترتيب سياسي أو ميداني أو تحسين الوضع في قطاع غزة بمعزل عن التوافق الوطني الفلسطيني، والحديث في الحرب والسلم والتهدئة ورفع الحصار قرار وطني"، وأضاف: "نحن في حماس نتداول ما يحدث هنا وهناك، لكن عند التطبيق، سيكون بالتوافق"، مشيرا إلى أن اجتماعات المكتب السياسي للحركة في غزة "لم تنته بعد"، واعتبر "أننا نعيش مرحلة بالغة الخطورة والحساسية، فنتحدث عن صفقة القرن التي يراد منها تصفية القضية"، مجددا تأكيده موقف الحركة بأن "لا دولة في غزة، أو من دونها، ونؤكد أن فلسطين كاملة من البحر إلى النهر". وأكد أن "لدى حماس هدفا استراتيجيا تشاركها فيه الفصائل الأخرى وهو أن الحصار الممتد منذ 11 عاما يجب أن يتوقف".
واستبق مصدر إسرائيلي رفيع المستوى احتمال نجاح جهود المصالحة والتهدئة، واجتماع الحكومة المصغرة للشؤون الأمنية مساء أمس، بإعلان أن الاتصالات الدائرة حاليا هي لتحقيق هدف واحد هو "وقف تام للنار"، وأضاف: "أي تسوية أوسع لن تتم من دون إعادة المواطنيْن الإسرائيليين وجثتي جنديين إسرائيليين محجوزتين في القطاع إلى إسرائيل"، وتابع أنه فقط في حال وقف تام للنار، ستخفف إسرائيل الحصار وستعيد فتح معبر كرم سالم، وتجدد التصاريح في شأن حيز الصيد لصيادي القطاع إلى ما كان عليه في الماضي.
وطبقا لمصادر إسرائيلية فإن المشاورات الحكومية تتناول اقتراحيْن رئيسيْن، الأول الذي قدمته مصر، ويتناول المصالحة الفلسطينية، وتبادل أسرى وجثث جنود، وهدنة طويلة الأمد، والثاني للموفد الأممي نيكولاي ملادينوف الذي يضع على رأس الاهتمام تبادل أسرى، ودعم اقتصاد القطاع بنصف بليون دولار، وإقامة منشآت لتحلية المياه وتقوية التيار الكهربائي، والسماح بإدخال بضائع للقطاع بكميات كبيرة، ومنح رخص عمل للغزيين.