غزة ـ منيب سعادة
أكّد رئيس الوزراء رامي الحمد الله أنه يرفض الظلم والفصل العنصري وأشكال العنصرية كافة ،قائلًا" علينا أن نعمل لبث الأمل في نفوس شبابنا وشعوبنا، وفيما يتواصل حرمان شعبنا من حقوقه فإن هذا تخلي إضافي عن مبادئ حقوق الإنسان فان على عاتق المجتمع الدولي تقع مسؤولية جماعية، للوصول لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وعدم الاكتفاء بالشعارات لأن علينا مسؤولية للبحث عن السلام وتحقيقه ومواجهة الظلم والاحتلال".
جاء ذلك خلال كلمة الحمد الله نيابة عن الرئيس محمود عباس، الأحد، لدى مشاركته في "منتدى باريس للسلام بمناسبة الذكرى 100 لانتهاء الحرب العالمية الأولى، في العاصمة الفرنسية باريس، أمام عشرات الطلاب من جامعة العلوم السياسية في باريس، بحضور الرئيس التشادي، ورئيس الوزراء الأرميني وعدد من ممثلي المؤسسات الدولية.
وأضاف الحمد الله: "أود أن اعبر عن سعادتي وأنا أشارككم اليوم في منتدى باريس للسلام والذي يعقد في الذكرى المائة لنهاية الحرب العالمية الأولى، وانقل لكم تحيات الرئيس محمود عباس متمنيا لمؤتمركم النجاح".
وتابع: "إننا في فلسطين نسعى لتحقيق تقرير المصير والسلام والحرية وهدفنا أن يعيش شبابنا وشعبنا حياة كريمة كباقي شعوب العالم، كثير من شعوب العالم سمعت عن كلمة السلام، وهذه الكلمة تحمل معنى خاص لنا ولكن أيضًا تمثل حالة من خيبة الأمل والأوجاع، فبعد اكثر من 20 عاما من اتفاق أوسلو والذي كان يهدف إلى تمهيد الطريق لإنهاء الاحتلال وتحقيق السلام إلا أن هذا الحلم تحطم، الاحتلال ما زال يسيطر على حياتنا ويقوم بخرق فاضح للقوانين والقرارات الدولية والإنسانية، حيث تقوم إسرائيل بمصادرة الأراضي وهدم البيوت وترحيل وتهجير العائلات الفلسطينية من بيوتهم، وتبني المستوطنات وتضيق على شعبنا بشتى الوسائل، فمثلا، 70% من أبناء شعبنا في قطاع غزة لم يتمكنوا من مغادرة القطاع منذ 11 عامًا بسبب الحصار الإسرائيلي، وبعد 51 عامًا من الاحتلال يطلب منا أن نوفر الأمن للمحتل، لذا فان غالبية الفلسطينيين لديهم شكوك عندما يسمعوا كلمة سلام لأنهم جربوا الكثير من الوعود التي لم تتحقق".
واردف الحمد الله: "هذا العام حيوي للسعي لتحقيق السلام ونحن نعي جيدا الذكرى 100 على نهاية الحرب العالمية الأولى، فإننا نستذكر أهمية البحث عن السلام، أن هذه الحرب المدمرة جعلتنا نستخلص العبر والدروس من الماضي وفي تلك الفترة تم تمرير 14 مبدأ للسلام من بينها حق تقرير المصير وللأسف هذا الحق محروم منه الشعب الفلسطيني".
واستطرد: "هذا العام أحيا شعبنا الذكرى 70 للنكبة، ففي العام 1948 هجر 900 ألف فلسطيني من أرضهم قسرًا وأجبروا على العيش في الشتات ومخيمات اللجوء، وحتى اليوم فان أبناء شعبنا في اللجوء لا يحق لهم العودة إلى وطنهم، هذه الجروح ما زالت مفتوحة وأطول احتلال في التاريخ لم ينتهي، وفي هذا العام ايضا نحي الذكرى 70 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي يعتبر مبدأ وبوصلة لتعزيز قيم العدل والعدالة والكرامة الإنسانية، إن النكبة الفلسطينية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والحربين العالميتين الأولى والثانية، أكدت أن النصر لتحقيق السلام ممكن من خلال تعزيز الحرية والعدل والمساواة وليس انتصارًا للقوة البحتة، نعيش اليوم في العالم أوقاتًا عصيبة، حيث ينتشر الخوف والعنصرية وبناء الجدران فيما تعمل قوى على تعزيز الانقسامات بدل الوحدة".
وطالب الحمد الله المجتمع الدولي بضرورة اتخاذ خطوات عملية وفورية لدعم حقوق شعبنا وعلى رأسها قضية اللاجئين وحشد الدعم المالي للخروج من الأزمة المالية التي تواجهها، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" لضمان استمرار تقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين في جميع أماكن تواجدهم، ونرفض الخطوات الأميركية التي تستهدف اللاجئين الفلسطينيين، بخاصة وقف الدعم المالي عن الأونروا ومحاولة تحديد أعداد اللاجئين، فحقوق اللاجئين لا يجب المساس بها، وان وكالة الأونروا أنشئت بناء على إرادة المجتمع الدولي لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين، إلى حين إيجاد حل عادل وشامل لقضيتهم وفق ما نصت عليه الشرعية الدولية.
وقال: "اود أن أشارككم افكاري بخصوص أهمية دور الشباب في تعزيز نظام عالمي للسلام، وفي فلسطين مثلا ثلث المجتمع من الشباب وهم دون سن 29 ويتطلعون لبناء عالم أفضل قائم على المساواة والعدل، لذا فان تمكين الشباب وتعزيز قدراتهم هام من اجل تحقيق أهداف السلام".
وأضاف الحمد الله، "الحياة الإنسانية للبشر مقدسة ويجب احترامها بغض النظر عن الدين أو العرق أو اللون، وهذا يضمن النظر بتساوي للجميع، وهذا الوعد الذي يسعى لتحقيقه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لأجل بناء عالم من السلام ولكن للأسف فإن أحلام أطفالنا تسرق منهم، ويقبع 350 طفلا في السجون الإسرائيلية بدل أن يكونوا على مقاعدهم الدراسية".
وتابع: "إن تمكين الشباب مهم من أجل أن يكونوا مواطنون فاعلون وعلى الأجيال الشبابية أن تفكر بشكل نقدي لتعرف الحقيقة من التضليل وأن لا تقع في فخ المعلومات الخاطئة، لذا فان التعليم مفتاح مهم لتمكين الشباب، لكن في وضعنا الفلسطيني فإن الاحتلال يسعى إلى تحطيم هذا الاستثمار، من خلال هدم المدارس حتى ان جزء من هذه المدارس بدعم من الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة، كما يتم منع الطلاب في قطاع غزة من إكمال دراستهم من خلال منعم من مغادرة القطاع، إضافة إلى التضييق على أساتذة ومعلمين أجانب للعمل في الجامعات الفلسطينية بعدم منحهم تأشيرات دخول".
وقال رئيس الوزراء: "نفخر بأن مستويات الأمية عندنا من الأدنى في العالم، وقد انخفضت خلال العقود الماضية من 14% إلى 3% كما نفخر بأداء معلمينا وانجازاتهم، ففي عام 2016 حصلت معلمة فلسطينية على جائزة أفضل معلمة في العالم والشهر الماضي طالبين من مدارسنا فازوا في مسابقة تحدي القراءة العربي وتنافسوا مع 10 ملايين مشارك، ومؤخرًا التقيت بطلاب في تجمع الخان الأحمر المهدد بالهدم والمصادرة من قبل إسرائيل في مخالفة واضحة للقانون الدولي، لقد رأيت أن المدارس وطلابها هم الأمل حيث قالوا لي إن الاحتلال الإسرائيلي سيهدم المدرسة ولكن نحن مصممون على الدراسة والتركيز في دروسنا".
وأردف: "التمكين مهم من أجل تعزيز المشاركة والاقتصاد العالمي، مشيرًا إلى أن الاقتصاد الفلسطيني يسيطر عليه الاحتلال الإسرائيلي، وعلاقتنا ونظامنا التجاري محكوم ببروتوكول باريس الذي كان من المفترض أن يكون اتفاقا مرحليا لكن العمل به ما زال جاري ولا يتم احترامه من قبل إسرائيل، لذا حان الوقت للتغير لان هذا الاتفاق يعزز التبعية الكاملة للاقتصاد الإسرائيلي وحرماننا من الاعتماد على ذاتنا وبناء قدراتنا الاقتصادية، و62% من مساحة الضفة الغربية تسيطر عليها إسرائيل وتتواجد في هذا المناطق ثرواتنا الطبيعية المهمة لتطوير اقتصادنا، حيث تقوم إسرائيل باستغلالها من خلال قائمة مشاريع فمثلا يتم انتاج 43 صنفا غذائيا، و47 منتجًا آخر يتم تصديره للخارج، و الدراسات والتقارير الدولية أكدت أن استغلال هذه المناطق فلسطينيا سيزيد الدخل القومي بنسبة 30% بما قيمته ثلاثة مليارات دولار".
واستطرد الحمد الله: "إننا نعاني من التمييز في عدة اوجه أخرى من قبل الاحتلال، فمثلا شوارعنا وبلداتنا وقرانا غير موجودة على خرائط غوغل بينما المستوطنات غير الشرعية في الأراضي الفلسطينية موجودة، كما أن خدمة الجيل الثالث تم السماح بها في الضفة الغربية العام الماضي، هذه المواضيع والاجراءات تمنع شبابنا ليكونوا شركاء ومشاركين في الاقتصاد العالمي والعولمة".
واستدرك رئيس الوزراء: "رغم الصعوبات والتحديات ان افخر بإنجازات وطموحات شبابنا وأنا سعيد أن مشروعا فلسطينيا من مؤسسة أهلية محلية وغرفة تجارة جنين مشاركون في مشاريع ريادية تنظم على هامش هذا المنتدى وتم اختيار هذا المشروع من بين المئات من المشاريع على مستوى العالم، كما أؤكد الأهمية التي نوليها للمشاريع الصغيرة والخاصة التي يقودها الشباب، فعلينا كحكومات العمل، من أجل دعم شبابنا وتعزيز قدراتهم لبناء مستقبل أفضل".
وقال: "إن التعددية في العالم في خطر، بينما لا يتم تنفيذ القانون الدولي الذي يهدف إلى تعزيز السلام والأمن لجميع شعوب العالم، فالمئات من قرارات الأمم المتحدة لم تنفذ، ولقد رأينا كيف أن الجهد الدولي ساهم في الوصول إلى اتفاق مع إيران ونشيد بهذا، في نفس الوقت نرفض الخطوات الأحادية والتي تمثلت بقرار الرئيس الأميركي بتغيير وضع القدس لان هذا مبني على عدم العدل ويزيد من حالة عدم الاستقرار كما انه يريد ابرام صفقة من دون الاخذ بعين الاعتبار حقوق شعبنا".
وأشار رئيس الوزراء إلى أن القيادة وعلى رأسها الرئيس محمود عباس ملتزمون بخيار حل الدولتين ونحن دعمنا خلال السنوات الماضية إطارات دولية متعدد، من اجل الوصول إلى صيغة دولية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وقمنا بالاعتراف بإسرائيل لكنها لم تعترف بنا وقبلنا بـ22% من مساحة فلسطين التاريخية لكن إسرائيل تواصل بناء المستوطنات، كما انها تعتبر القدس الشرقية عاصمتها وهي محتلة حسب القانون الدولي، كما تحرمنا من الاستثمار في المناطق المسماة "ج" وتواصل الخروقات وترفض السلام العادل والشامل المبني على قرارات الشرعية الدولية.
وتابع "ندعو دول العالم اجمع للعمل من أجل السلام وخلق جهود لتحقيق هذا الهدف، وفي هذا السياق نقدر الجهود الفرنسية لدعم خلق آلية متعددة الأطراف لحل المشاكل العالمية وذلك بناء على المصالح المشتركة والثقة، ونستذكر في هذا الإطار اتفاق باريس بخصوص التغير المناخي".
واختتم رئيس الوزراء: "لقد عرض الرئيس محمود عباس في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر الماضي مبادرة لخلق رؤية دولية متعددة الأطراف تتعاون فيما بينها لتحقيق السلام، وندعو إلى تنفيذ القرارات والقوانين الدولية ونؤكد أهمية تنفيذها لتحقيق السلام".