غزة – محمد حبيب
ذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية، السبت نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين أن حركة "حماس" تتجنّب إجراء محادثات بشأن الإفراج عن الإسرائيليين الأربعة، اثنان من المدنيين، وجثتا جنديين، معتقدة بذلك أنها ستنتزع ثمناً أغلى من إسرائيل في المستقبل.
وقال مسؤول كبير شارك في جلسات ملف المصالحة مع تركيا لصحيفة "هآرتس" إن ضغوط المعارضين في المجلس الوزاري "الكابينيت" لاتفاقية المصالحة مع تركيا، بادعاء أن الاتفاق قد تخلى عن أربعة إسرائيليين "مدنيين وجنود" مفقودين أو محتجزين لدى حماس في غزة، هذا من شأنه أن يعيق بدرجة كبيرة التقدم في مباحثات مع الحركة بشأن إطلاق سراحهم.
وعبر المسؤول عن مخاوفه من أن الخلاف العلني الحاد والمتصاعد، بالتزامن مع احتجاجات عائلات المفقودين، قد يقنع حركة "حماس" -بالخطأ- أنه يمكنها انتزاع ثمن أغلى من إسرائيل في هذه الصفقة، ويدفعها لتأخير المحادثات بهذا الشأن لفترة أطول.
ووفقا لهذا التحليل، تقول الصحيفة، فإن الجناح العسكري للحركة يتعامل مع هذا الملف، مبعداً الجناح السياسي عن أي تدخل فيه. وتحرص "حماس" بذلك على تحقيق صفقة "جلعاد شاليط 2"، التي نجحت في إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين، حتى وإن كانت الظروف هذه المرة مختلفة تماماً عما كانت عليه في قضية جلعاد شاليط.
تقول صحيفة "هآرتس"، نقلاً عن المسؤول الذي لم تعرف هويته، إن استراتيجية "حماس" في هذا الملف تقوم على أربعة مبادئ، أولاً: الغموض، فهي لم تقدم أية معلومات عن وضع هؤلاء المفقودين. ثانياً: التضخيم، فالحركة تقول إن الأسرى الأربعة هم جنود. ثالثاً: الاستنزاف، أي إضاعة الوقت بهدف إجبار إسرائيل على الاستسلام للضغوط. رابعاً: التأجيل والتخريب، فقد انتهت حرب 2014 منذ عامين، ومضى عام على دخول أحد الإسرائيليين "هشام الصياد" إلى غزة، ومع ذلك فإنه لم تبدأ أية مفاوضات حقيقية بشأن إطلاق سراحهم.
وبحسب الصحيفة، تعزو مصادر في وزارة جيش الاحتلال هذا التأخير إلى استراتيجية حماس لتثبيت حد أدنى من الشروط التي لا تراجع عنها، وأولها الإفراج الجماعي عن الأسرى.
وتقول المصادر إن حماس وفقاً لوجهة النظر هذه، لم تقرر بعد البدء بمفاوضات جادة من شأنها التوصل إلى اتفاق. ومن تجربة سابقة وهي قضية شاليط، فإن إجراء مفاوضات مع حماس يعد إشكالية، لأن الحركة تستغرق وقتاً طويلاً جداً حتى قبل أن تكون على استعداد لبدء اتصالات جادة.
وبحسب المصادر، عادةً يتم تبادل إشارات مختلفة بين الجانبين"حماس وسلطات الاحتلال" من خلال مجموعة واسعة من القنوات، وبعضها يكون ضمن منافسة، وذلك كله قبل أن يتم وضع إطار ليصبح من الممكن الشروع في التفاصيل. وفي هذه المرحلة، لم تبدِ حماس أي استعداد لمناقشة تفاصيل صفقة محتملة.
وتتابع الصحيفة، أن ثمة عنصرًا حاسمًا في موافقة حماس على بدء مفاوضات ملموسة مع إسرائيل في هذا الجانب، وهو تحليل مجموعة من الظروف في إسرائيل، ودراسة الحركة لمجمل الضغوط التي تمارس من قبل الرأي العام الإسرائيلي على حكومته لتقديم "تنازلات".
وذكر تحليل، قالت الصحيفة إنه أجري من قبل مؤسسة الدفاع عن قضية شاليط، أن حماس قررت تأجيل الاتصالات والمحادثات في قضيته مدة عام تقريباً، بعد أن حصلت على انطباع بأن الحملة التي تديرها أسرة شاليط ستقود حكومة نتنياهو الى تقديم "مزيد من التنازلات".
وقال المسؤول إن المطالبات التي تقدم بها عدد قليل من الوزراء في الحكومة نيابة عن أهالي المفقودين، والتي رأوا أنها في حال تأجيل الاتفاق مع تركيا كانت ستدفع حماس لإعادة الرهائن وجثث الجنود، لا أساس لها في الواقع. وأضاف أن "قدرة تركيا على التأثير في حماس وجناحها العسكري، على وجه الخصوص، ليست كبيرة. ولا يمكن للأتراك أن يكونوا وسيطاً فعالاً لجلب حماس كي تجري مفاوضات حقيقية. فضلاً عن أن أنقرة غير مستعدة للمشاركة بجدية في هذه المسألة".
في المقابل، تقول مصادر أمنية إسرائيلية إنه لا مبرر لممارسة الضغوط الاقتصادية على غزة، لأن هذا لن يؤدي لجعل حماس أكثر مرونة. وإن هناك حاجة لإعادة تأهيل اقتصاد غزة، وذلك لتهدئة الوضع ومنع تدهور الأمور نحو حرب أخرى. في حين أنه تجب معالجة مفاوضات صفقة التبادل بعيداً وبشكل منفصل، مع التركيز على الجناح العسكري للحركة.