القوات الحكومية السورية

تشهد غوطة دمشق الشرقية انفجارات عنيفة خلال ساعات مساء الأربعاء، ناجمة عن قصف جوي وبري مكثفين على مناطق في مدن وبلدات فيها، حيث استهدفت الطائرات الحربية مناطق في مدينة زملكا، ما أدى لاندلاع نيران في ممتلكات مواطنين، بينما استشهد 3 مواطنين بينهم مواطنتان اثنتان، في القصف من قبل القوات الحكومية السورية على مناطق في بلدة حزة، وسط مدينة حمورية، حيث استهدفتها الطائرات الحربية ومروحيات القوات الحكومية السورية وسط قصف صاروخي ومدفعي مكثفين، تسبّبا في سقوط عشرات الشهداء والجرحى، ليرتفع إلى 26 على الأقل بينهم 6 أطفال و4 مواطنات، عدد الشهداء الذين قضوا اليوم في مدينة حمورية، ليبلغ عدد الشهداء المدنيين اليوم 48 شهيداً مدنياً بينهم 8 أطفال و7 مواطنات ممن قضوا في كل من سقبا وكفربطنا وحمورية وحزة وعربين، جراء قصف جوي ومدفعي وصاروخي على هذه المناطق.
وتدور معارك عنيفة بين القوات الحكومية السورية والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية من جانب، ومقاتلي فيلق الرحمن من جانب آخر، على محاور في محيط وأطراف مدينة حمورية، في محاولة من القوات الحكومية السورية السيطرة عليها وتوسعة نطاق تواجدها داخل الغوطة المحاصرة والتي قطعتها قبل أيام إلى 3 جيوب تتبع لكل من جيش الإسلام وحركة أحرار الشام الإسلامية وفيلق الرحمن، وتمكنت القوات الحكومية السورية من تحقيق تقدم في محيط مدينة حمورية والسيطرة على مباني ومزارع، وسط استهدافات مكثفة ومتبادلة، في محاولة من فيلق الرحمن صد الهجوم، ومع تصاعد أعداد الشهداء المدنيين اليوم، فإنه يرتفع إلى 64 شهيد مدني بينهم 9 أطفال و7 مواطنات، فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 238 جريحاً مدنياً بينهم عشرات الأطفال والمواطنات، وذلك خلال أقل من 48 ساعة، جرت فيها عمليات إجلاء لعشرات المدنيين، من مدينة دوما الخاضعة إلى سيطرة جيش الإسلام عبر مخيم الوافدين إلى مراكز إيواء في مناطق تسيطر عليها القوات الحكومية السورية في ريف دمشق، وبذلك يرتفع إلى 1246 بينهم 252 طفلاً دون سن الثامنة عشر، و171 مواطنة، عدد الشهداء المدنيين ممن قضوا جميعاً منذ الـ 18 من شباط / فبراير الفائت، خلال تصعيد عمليات القصف الجوي والمدفعي على مدن وبلدات دوما وحرستا وعربين وزملكا وحمورية وجسرين وكفربطنا وحزة والأشعري والأفتريس وأوتايا والشيفونية والنشابية ومنطقة المرج ومسرابا ومديرا وبيت سوى وعين ترما ومناطق أخرى في الغوطة الشرقية المحاصرة، كما تسبب القصف خلال هذه الفترة التي استكملت أسبوعين منذ انطلاقتها، في إصابة أكثر من 4770 مدني بينهم مئات الأطفال والمواطنات بجراح متفاوتة الخطورة، فيما تعرض البعض لإعاقات دائمة، كذلك لا تزال جثامين عشرات المدنيين تحت أنقاض الدمار الذي خلفه القصف الجوي المدفعي والصاروخي من قبل القوات الحكومية السورية على غوطة دمشق الشرقية، ومن ضمن المجموع للشهداء الذين وثقهم المرصد السوري لحقوق الإنسان 714 مدني بينهم 111 طفلاً دون سن الثامنة عشر و88 مواطنة، ممن استشهدوا ووثقهم المرصد السوري منذ صدور قرار مجلس الأمن الدولي، الذي لم يفلح مرة جديدة في وقف القتل بحق أبناء غوطة دمشق الشرقية، كما تسبب القصف بوقوع مئات الجرحى والمصابين، حيث لا تزال أعداد الشهداء قابلة للازدياد بسبب وجود جرحى بحالات خطرة

ومع تطويق القوات التركية لمدينة عفرين وريفها في شمال سورية، يسود الخوف المدنيين الذين تكتظ بهم المنازل ويحاول بعضهم الفرار، فيما ينصرف المقاتلون الأكراد الى تحصين مواقعهم استعداداً للدفاع عن معقله، ومنذ بدء الهجوم التركي في 20 كانون الثاني/يناير، توافد الآلاف من سكان البلدات الحدودية الى مدينة عفرين ما فاقم الوضع الانساني سوءاً، خصوصاً بعد انقطاع الخدمات الرئيسية من مياه وكهرباء وانصراف السكان الى تموين منازلهم خشية حصار وشيك، وتقول ألماس بكر (23 عاما) النازحة من منطقة راجو الحدودية مع تركيا “نخاف على مصيرنا في حال دخل الأتراك إلى عفرين (…) قلوبنا تبكي على عفرين فهي لا تستحق ذلك”.

وتمكنت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها منذ الاثنين من تطويق مدينة عفرين وعشرات القرى غربها، فيما لا يزال منفذ وحيد يربطها بمدينة حلب، لكنه بات تحت مرمى نيران القوات التركية، وفر المئات في اليومين الأخيرين من عفرين، فيما وقفت سيارات وشاحنات في صف طويل بانتظار السماح بمنحها إذناً للمغادرة من دون أن تتمكن من ذلك، وتشهد أسواق المدينة، وفق مراسل وكالة فرانس برس، زحمة غير معتادة مع خروج السكان للتموين وشراء حاجياتهم، من الأرز والسكر والخبز، فيما تبحث الغالبية عن كيفية التزود بالمياه المقطوعة عن المدينة منذ أكثر من أسبوع، وتحاول ألماس مساعدة والدها على سحب المياه عبر خرطوم من خزان إلى آخر على سطح أحد الأبنية، وفي أحد شوارع المدينة، تتجمع نساء تحمل كل منهن عبوة بلاستيكية بانتظار أن يحين دورهن لتعبئة المياه من خزان متنقل.

وانقطعت خدمات المياه والكهرباء عن عفرين إثر سيطرة القوات التركية على سد ميدانكي، المزود الرئيسي لها، وبحسب مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للامم المتحدة، يعتمد سكان مدينة عفرين حالياً على ستة آبار غير معقمة ما يعرضهم لخطر الاصابة بالامراض التي تنتقل عبر المياه، وانقطعت منذ أيام الاتصالات وشبكة الانترنت إثر استهداف الاتراك أبراج البث. ويكتفي السكان حالياً باستخدام الانترنت الفضائي، من مكان الى آخر، تتنقل ميديا محمد (20 عاماً) محاولة التقاط اشارة الانترنت على هاتفها النقال.

وتقول الشابة النازحة من منطقة جنديريس التي سيطرت عليها القوات التركية وحلفاؤها الاسبوع الماضي “نحضر أنفسنا، أحضرنا معونات وسلالا غذائية. ونبقى حالياً في الأقبية”، مضيفة “أكثر ما نتمون به هو الأرز والسكر والمعلبات وحليب الأطفال”، وفي أحد شوارع المدينة التي تؤوي حالياً، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان، نحو 350 ألف شخص، يتجمع مدنيون حول شاحنة صغيرة للهلال الأحمر الكردي للحصول على حفاضات للاطفال ومواد غذائية.

ودفع الهجوم التركي عشرات الآلاف من المدنيين للنزوح من بلداتهم وقراهم الحدودية مع تركيا، وتوجه جزء كبير منهم إلى مدينة عفرين، ونتيجة الاكتظاظ، باتت عائلات عدة تتشارك منازل صغيرة، ومنهم من لجأ إلى الأقبية ومنازل قيد الإنشاء، بينما ينام آخرون في شاحناتهم وسياراتهم، وتقول سلطانة (57 عاماً) النازحة من منطقة راجو والتي تقيم مع عائلات عدة في منزل قيد الإنشاء يفتقد للخدمات الاساسية كافة “أخذوا منازلنا ودمروها (…) ماذا يريدون أن يأخذوا بعد؟ دجاجاتنا، حفاضات أطفالنا؟”، وتضيف “لن نخاف، لن نترك عفرين، وان شاء الله نعود إلى بيوتنا”.

ومنذ بدء الهجوم، دخلت قافلة مساعدات أممية واحدة إلى منطقة عفرين مطلع الشهر الحالي تكفي 50 ألف شخص فقط، وتقول الرئيسة المشتركة للمجلس التنفيذي في مقاطعة عفرين هيفي مصطفى لوكالة فرانس برس “الوضع الإنساني مأساوي برغم جهودنا”، وتنسحب المعاناة أيضاً على المرافق الطبية التي تشهد نقصاً في الأدوية والمستلزمات الطبية والكادر الطبي، وتوضح مصطفى “أحياناً يفقد جرحى حياتهم بسبب النقص في المواد الطبية”، ويبدي المسؤولون المحليون قلقهم ازاء تداعيات أي اقتحام تركي للمدينة جراء الاكتظاظ.

وقال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الاربعاء انه يأمل في سقوط مدينة عفرين “بحلول هذا المساء”، ويقول المستشار الاعلامي لوحدات حماية الشعب الكردية في عفرين ريزان حدو لفرانس برس “الوضع حالياً كارثي”، مضيفاً “هناك ضعف من الادارة الذاتية في التعامل مع الأزمة، قد يكون ناتجاً عن قلة الامكانيات او كونها لا تملك الخبرة الكافية”.

ويتصدى المقاتلون الأكراد الذين أثبتوا فعالية في قتال تنظيم داعش، للهجوم التركي، لكنها المرة الأولى التي يتعرضون فيها لعملية عسكرية واسعة بهذا الشكل مع قصف جوي، وطالب الأكراد دمشق التدخل، وبعد مفاوضات دخلت قوات محدودة تابعة للنظام انتشرت على جبهات عدة، لكن سرعان ما استهدفها الأتراك بالقصف. وتسبب هذا القصف اليوم بمقتل عشرة مقاتلين موالين للالقوات الحكومية السوريةية على حاجز لهم على الطريق الوحيد المؤدي من مدينة عفرين باتجاه مناطق سيطرة القوات الحكومية السورية، وفق ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان.

وأراد الأكراد بشكل أساسي من الجيش السوري نشر دفاعات جوية تتصدى للطائرات التركية، وهو ما لم يحصل حتى الآن، ويقول حدو “ما قامت به الوحدات خلال أكثر من 50 يوماً كان لافتاً جدا، لكنهم في النهاية شبان (..) يتعبون”، مضيفاً “ليس هناك تكافؤ في السلاح أو أعداد المقاتلين، ليس لدى الوحدات اسلحة نوعية مثل مضادات الطائرات”.

وأعادت الوحدات الكردية انتشارها على جبهات القتال بعدما باتت عفرين هي “الأولوية”، وارسلت قوات سورية الديموقراطية المئات ممن يقاتلون الجهاديين في دير الزور (شرق) إلى عفرين، وبرغم ذلك، يخشى حدو من “مجزرة كبيرة” إذا دخلت القوات التركية الى عفرين، ويحمل الأكراد التحالف الدولي، حليفهم الرئيسي ضد الجهاديين، جزءاً من المسؤولية. ويقول حدو “لا حليف استراتيجيا لنا، هناك جهة هي التحالف الدولي تتعامل معنا كأدوات”، مضيفاً “لم نكن نريد منهم السلاح، كنا نريد أن يمنعوا عنا الحرب”، ويقول علي، وهو عامل بناء في أواخر العشرينات، “لا وسائل نحمي بها أنفسنا، لولا الطائرة لما كانوا دخلوا. فليواجهونا مباشرة، ليوقفوا طائراتهم ويتحدّونا”.