القدس المحتلة ـ ناصر الأسعد
هاجم الجيش الإسرائيلي، أمس الجمعة، مسيرات انطلقت في قطاع غزة، في وقت تمكّن نحو 120 ألف مصلٍّ من الوصول إلى القدس، وأداء صلاة الجمعة الأولى من شهر رمضان الفضيل في المسجد الأقصى المبارك، على الرغم من القيود الشديدة والحواجز العسكرية العديدة.
وبدأ المصلون بالتوافد في ساعات مبكرة من الصباح إلى المسجد الأقصى، وسط إجراءات أمنية مشددة فرضتها سلطات الاحتلال التي حددت أعمار من يُسمح لهم بالوصول إلى القدس من أبناء الضفة الغربية بـ40 عاماً للنساء و55 عاماً للرجال، في حين منعت أبناء قطاع غزة من دخول المدينة.
ووصف المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، في خطبة الجمعة، السفارة الأميركية التي تم افتتاحها في القدس الغربية بالمستوطنة والمستعمرة، وقال إنها ليست سفارة لأنها قامت على الظلم والعدوان ولأنها جاءت مخالفة للقوانين الدولية. وأكد أن هذه السفارة لن تغير شيئاً من واقع القدس ولا من حقيقتها، فالقدس كفلسطين أرض محتلة.وكانت مدن عدة في الضفة الغربية وفي البلدات العربية في إسرائيل، قد شهدت، أمس الجمعة، مسيرات تضامنية مع غزة. وقد أصيب عدد من المواطنين بالاختناق، عقب قمع قوات الاحتلال مسيرة قرية كفر قدوم، شرق محافظة قلقيلية. إلى ذلك، هاجم الجيش الإسرائيلي، أمس (الجمعة)، مسيرات انطلقت في قطاع غزة ضمن فاعليات تطلقها الفصائل والهيئات الشعبية احتجاجًا على نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس.
وتوافد الآلاف من الفلسطينيين للجمعة الثامنة على التوالي إلى حدود قطاع غزة ضمن ما عُرف باسم "جمعة الوفاء للشهداء والجرحى"، حيث بدأت عملية التوافد بعد صلاة العصر عبر حافلات كبيرة وصغيرة نقلت الحشود إلى الحدود الشرقية والشمالية من القطاع. وأُفيد بأن ما لا يقل عن 17 فلسطينياً أُصيبوا بالرصاص الحي على حدود قطاع غزة غالبيتهم جروحهم ما بين المتوسطة والطفيفة، فيما أصيب عشرات بالاختناق جراء إلقاء الاحتلال قنابل غاز بشكل مكثف في مناطق حدودية عدة من القطاع. وأصيب المصوّر الصحافي بسام مسعود الذي يعمل لوكالة "رويترز"، شرق خان يونس ونُقل للعلاج في أحد مستشفيات القطاع.
ولوحظ أن عمليات تجمع المتظاهرين بدأت بعد صلاة العصر على عكس ما كان يجري خلال الجمعات السابقة. وكان عدد المتظاهرين أمس أقل من المرات الماضية، وتناولوا إفطار صيامهم داخل الخيام وفي الساحات المجاورة لها بدعم من الفصائل. ومع بدء إشعال الشبان إطارات السيارات التالفة على الحدود، وتسيير طائرات ورقية محملة بزجاجات حارقة تجاه مستوطنات غلاف القطاع، أقدمت طائرات صغيرة تابعة لجيش الاحتلال وكذلك جنود على الأرض بإطلاق عشرات من قنابل الغاز المسيل للدموع تجاه المتظاهرين وخيام العودة.
ونفى إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لـ"حماس»"، أنباء إسرائيلية عن توصل الحركة ومصر إلى تفاهمات تقضي بتقليل عدد المتظاهرين على الحدود. وقال هنية خلال خطبة صلاة الجمعة من المسجد العمري الكبير في مدينة غزة، إن المسيرات ستتواصل حتى تحقيق أهدافها برفع الحصار كلياً عن القطاع، مؤكداً أن حركته لم ولن تدخل في أي صفقات بشأن هذه المسيرات ولن تأخذ قراراها إلا من خلال إجماع وطني. وأضاف: ما عدنا نركن إلى الوفود والحلول الجزئية، فإما أن يُرفع الحصار كلياً، وإما فالمسيرة مستمرة بل ستأخذ أشكالاً وإبداعات نضالية أخرى.
وتابع: نشهد خطوات جادة لرفع الحصار عن غزة، واستقبلنا خلال الفترة الماضية الكثير من التصورات والوفود للتعامل مع حصار غزة وهذا ما كان سيحصل إلا لأنه وجد بعد 11 عاماً من الحصار شعباً ما زال قوياً ولم ينكسر ولم يُهزم بل أشد قوة. ونفى هنية أن تكون مصر خلال اللقاء الذي جرى بينه وبين القائم بأعمال رئيس جهاز المخابرات عباس كامل منذ أيام، قد نقلت أي رسائل تهديد إسرائيلية، متهماً الإعلام الإسرائيلي بترويج إشاعات لإحداث بلبلة في صفوف الفلسطينيين والمتضامنين معهم لحرف الأنظار عن المجزرة الإسرائيلية الأخيرة.
وأشار إلى أن اللقاء في القاهرة جرى في أجواء دافئة، وتم خلاله إجراء مشاورات معمقة بشأن الوضع العام، والحصار على قطاع غزة، ومسيرات العودة، والوحدة الوطنية. ولفت إلى أن مصر طلبت من "حماس" ألا تتدحرج مسيرات العودة إلى مواجهة مسلحة، مضيفاً: وهذا أيضًا موقف حماس وبقية الفصائل.