الانقسامات بشأن أزمة اللاجئين

ليست هناك أزمة تشق صف الدول الـ28 الأعضاء بالاتحاد الأوروبي كما تفعل أزمة اللاجئين حاليًا وما تثيره هذه الأزمة من مخاوف، كما أظهرت الوقائع على الأرض خلال الأيام الماضية، أي منذ أن تصدرت قضية السفن، التي تجوب البحر البيض المتوسط بحثًا عن ميناء بحري أوروبي يستقبلها، أجندات اللقاءات المتكررة بين قادة التكتل، لذلك فإن القمة الأوروبية المزمع عقدها اليوم الخميس وغدا الجمعة، ستناقش قدرة الاتحاد الأوروبي على الاستمرار مستقبلا في ظل الاختلافات بسبب ملف الهجرة واللجوء، وسيتوقف عليها أيضا استمرار الحكومة الألمانية بقيادة المستشارة أنجيلا ميركل.

وحذّر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، الأربعاء، قادة التكتل، من أن أمام الاتحاد الأوروبي القليل من الوقت لإثبات قدرته على التعامل مع قضية المهاجرين، وإلا فإنه سيخسر لصالح القوى الاستبدادية المعادية لأوروبا، وقال في رسالته إلى محادثات بروكسل، ن "المخاطر كبيرة جدا، والوقت قصير"، واقترح أن يوافق القادة على ثلاث مبادرات: إقامة منصات إنزال إقليمية خارج أوروبا؛ توفير موازنة خاصة لمكافحة الهجرة غير الشرعية؛ تعزيز التعاون مع دول المنشأ والعبور، وأضاف أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي فرض سيطرة كاملة على حدوده الخارجية، مشيرا إلى أن الناس يرغبون في ذلك، "ليس لأنهم أصبحوا، فجأة، يكرهون الأجانب"، وإنما لأن وظيفة أي سلطة سياسية هي حماية أراضيها وحدودها.

مشكلة وجود في الاتحاد الأوروبي

وقال وزير الداخلية ونائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني في مقابلة صحافية أمس الأربعاء، إن الاتحاد الأوروبي يواجه مشكلة وجود، وربما يتفتت في غضون الـ12 شهرا المقبلة، وفي تعليقاته لمجلة "دير شبيغل" الألمانية، قال إن قمة الاتحاد الأوروبية في بروكسل، والتي من المرجح أن يهيمن عليها الجدل حول قضايا الهجرة والموازنة، سوف تظهر التكتل "أكثر انقساما عن أي وقت مضى".

وأضاف سالفيني "في الشهور المقبلة، سوف يتقرر ما إذا كان لا يزال أمام أوروبا مستقبل بشكلها الحالي أو أن الأمر برمته أصبح عقيما"، وتابع أن "الأمر لا يتعلق فقط بميزانية الأعوام السبعة المقبلة، العام المقبل سوف يشهد انتخابات البرلمان الأوروبي الجديد، وفي غضون عام، سوف نرى ما إذا كانت أوروبا المتحدة سوف تبقى قائمة أم لا".

ويتزعم سالفيني حزب "الرابطة" اليميني المتطرف، ومن بين حلفائه الأوروبيين رئيس الوزراء المجري السلطوي فيكتور أوربان، وزعيمة اليمين المتطرف الفرنسية مارين لو بان وحزب "البديل من أجل ألمانيا" الألماني المناهض للاتحاد الأوروبي، فيما ما زال شبح الانهيار يخيم على الحكومة الائتلافية الألمانية التي تشكلت قبل ثلاثة أشهر، وذلك بعد أن أخفقت محادثات أزمة استمرت حتى الساعات الأولى من صباح أمس في نزع فتيل خلاف بشأن الهجرة بين المستشارة أنجيلا ميركل وحلفائها من حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي البافاري.

ورطة ميركل

ويدور الخلاف بشأن خطط وضعها هورست زيهوفر وزير الداخلية ورئيس حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي المحافظ، لرفض استقبال المهاجرين المسجلين في دول أخرى بالاتحاد الأوروبي، وهذه الفكرة مرفوضة تماما من قبل ميركل التي تتسم مواقفها بالمرونة عادة لأنها ستقوض سياستها القائمة على فتح الباب أمام المهاجرين وستعتبر انتكاسة كبيرة لنظام الحدود المفتوحة داخل منطقة شينغن الأوروبية، بينما أمهل حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي ميركل حتى قمة الاتحاد الأوروبي التي تعقد اليوم للاتفاق مع الشركاء في الاتحاد بشأن السياسات حيال المهاجرين بما يخفف العبء عن كاهل ألمانيا، ويعتبر هذا الطلب صعبا في ضوء الانقسام الحاد داخل أوروبا حول كيفية مواجهة تدفق المهاجرين.

وعلّق ألكسندر دوبرينت وهو نائب بارز عن الحزب بقوله "نريد أن يقابل المهاجرون بالرفض على الحدود اعتبارا من الأسبوع المقبل إذا كانوا مسجلين بالفعل في دول أوروبية أخرى وبالتالي فإن عليهم اتخاذ إجراءات اللجوء هناك"، كما قال نائب كبير عن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تنتمي إليه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس الأربعاء إن أحزاب الائتلاف أخفقت في حل خلاف بشأن سياسة المهاجرين، وذلك خلال محادثات استمرت أربع ساعات في وقت متأخر الليلة قبل الماضية.

وردا على سؤال عما إذا كانت الأحزاب الثلاثة قد حلت الخلاف الذي يهدد حكومة ميركل التي تشكلت قبل ثلاثة أشهر أضاف النائب فولكر كاودر للتلفزيون الألماني: "لا، لم يكن هذا متوقعا لأن اللجان الحزبية ستجتمع يوم الأحد، إنه أمر خطير وشهدنا ذلك في المحادثات، ليست مسألة صغيرة بل محورية ومهمة، إننا بحاجة للحديث".

8 دول أوروبية على استعداد لاستقبال ركاب سفينة "لايف لاين"

أعلن رئيس وزراء مالطا جوزيف موسكات أمس الأربعاء أنه تم السماح للسفينة لايف لاين التي تقل مهاجرين، وتم منعها من الرسو في أوروبا منذ الخميس الماضي، للوصول لميناء في مالطا، وقال إن ثماني دول بالاتحاد الأوروبي وافقت على استقبال المهاجرين، مضيفا في مؤتمر صحافي أن هذه الدول هي فرنسا وإيطاليا وأيرلندا ولوكسمبورغ والبرتغال وهولندا وبلجيكا بجانب مالطا.

وأكد موسكات أنه سوف يتم استجواب طاقم قيادة السفينة، التي تديرها منظمة ألمانية غير حكومية، كما سوف يتم مصادرة السفينة، ويشار إلى أن السفينة عالقة في البحر المتوسط وعلى متنها 230 مهاجرا وطاقم عمل مؤلف من 17 شخصا منذ نحو أسبوع، وقد رفضت مالطا دخولها حتى تعهدت دول أوروبية أخرى باستقبال عدد من اللاجئين على متن السفينة.