غزة – علياء بدر
بدأ ثلاثة طهاة، قدموا من إيطاليا إلى قطاع غزة، عبر معبر "بيت حانون" إيرز، شمال القطاع، الخميس الماضي، تقديم ورشات عمل، لسيدات فلسطينيات، وطهاة المطاعم في القطاع لتعليمهم "سر" صناعة البيتزا والباستا الإيطالية.
وخضع العشرات من الطهاة، وربات المنازل في قطاع غزة ، لورشات العمل التي يقدّمها الطهاة الإيطاليون الثلاثة، تتعلق بكيفية إعداد الأطباق البسيطة، لا سيّما الإيطالية منها. وأوضح الطاهي الإيطالي ماوريزو دومينكو، 45 عامًا، أنه أغلق منذ حوالي شهر تقريبًا، مطعمه الخاص بصناعة البيتزا المتواجد في جزيرة "سردينيا" الإيطالية، كي يخرج بجولة يزور فيها مطاعم الضفة الغربية، وقطاع غزة، لتعليمهم الثقافة الإيطالية وأسرارها في إعداد الوجبات. ويعمل دومينكو في إعداد وتجهيز "البيتزا"، منذ أن كان في الـ13 من عمره، ليلتحق فيما بعد بكلية تختص بـ"الدراسات الفندقية"، في جزيرة صقلية الإيطالية.
وفي أحد المطابخ التابعة لمطعم "الطابون" في مدينة غزة، يخلط الطاهي الإيطالي دومينكو، الدقيق الأبيض بـالخميرة أولًا، كي يشرع في إضافة الماء على الخليط. وينصح دومينكو الطهاة بقوله "كل 2 كيلوغرام من الدقيق، يحتاج إلى لتر كامل من المياه". وبعد أن جهّز عجينة البيتزا، قال "العجينة الآن بعد خلطها مع حبيبات الخميرة، أصبحت مثل الكائن الحي، لذا علينا أن نتركها لبعض الوقت كي تتنفس، وتُعطي نتائج مبهرة عند طهيها.
وتابع دومينكو "قدمنا إلى قطاع غزة للتضامن مع السكان المحاصرين للعام العاشر على التوالي، ولتعليم الطهاة كيفية احترام المطبخ، وخطوات عمل كل من البيتزا، ومعكرونة الباستا، والتركيز على ضرورة البساطة في المكونات". ووصف الشيف الإيطالي تفاعل الطهاة الفلسطينيين مع المعلومات التي يقدمها بـ"الرائع"، مضيفًا "الإنسان دائما توّاق لمعرفة ثقافة البلاد الأخرى، وعاداتها، وأكلاتها الشعبية". ويشير دومينكو إلى أنه استقى من قطاع غزة ثقافة صناعة الأكلات الشعبية الفلسطينية. وواصل أنه تعلم في أحد المطاعم التي زارها، كيفية صناعة "المسَخّنْ" "أكلة شعبية فلسطينية يتم فيها طهو الدجاج بالسماق، إضافة إلى خبز الصاج". وأكد أنه يسعى من خلال هذه الورشات إلى بناء جسر يربط غزة بإيطاليا، لإخراجهم –ولو معنويًا- من حالة الحصار التي فُرضت عليهم.
وتقف الطاهية ماريا بيراستوا ، 45 عامًا، مساعدة الطاهي دومينكو -في المطبخ، تُعلّم الطُهاة، كيفية إتقان صناعة صلصة "الباستا" الحمراء، و"المجنونة" الحارة جداً. وكانت بيراستو زارت قطاع غزة للمرة الأولى، عقب الحرب التي شنّتها إسرائيل صيف عام 2014، للتضامن مع السكان.
وخلال تواجدها في غزة، عام 2014 أشهرت بيراستو إسلامها، نتيجة إعجابها بثقافة سكان قطاع غزة المحافظة، وأضافت بيراستو "نحن هنا اليوم ليس لتعليم سكان غزة كيفية صناعة البيتزا والباستا الإيطاليتين فقط، إنما أيضًا لنقل صورة مغايرة عن تلك التي تنقل عبر وسائل الإعلام عن القطاع. وتابعت "سننقل مشهد أن سكان قطاع غزة إنسانيون بالدرجة الأولى، وليسوا إرهابيين كما تدّعي وسائل الإعلام العبرية، فهم يعيشون الفرح تماما كما عاشوا الحزن أيام الحروب".
وعبّرت بيراستو عن سعادتها لأنها ساعدت نساء في غزة في تعلم صناعة الأكلات الإيطالية الشعبية، مشيرة إلى التفاعل التي حظُيت به ورشات عملها. واستدركت "النساء هنا أعجبوا بالأكلات التي علمناها لهن، وأخبرننا أنهن نوين تحضيرها كأطباق أساسية خلال شهر رمضان. ومن المقرر أن يغادر الوفد الإيطالي قطاع غزة، يوم الجمعة المقبل، عبر معبر "بيت حانون" إيرز، شمال القطاع.
ويبدي الطاهي الفلسطيني الشاب، رامز ناجي ،23 عامًا، سعادته الكبيرة، بتلقي التدريب على يد الطهاة الإيطاليين. وأضاف ناجي "لم يعد نحلم بالسفر إلى إيطاليا، لتعلم ثقافة صناعة البيتزا، والباستا بصلصتها الحمراء والبيضاء، اللتين تشتهر إيطاليا بصناعتهما، إذ قرّب الطُهاة الإيطاليون الثلاثة المسافات، وحققوا أحلامنا".