الخرطوم - جمال إمام
أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية لتفريق تجمعات محتجين ومنعهم من إقامة متاريس وحواجز في طرق رئيسية في أم درمان والخرطوم بحري في أول أيام العصيان المدني في السودان، وسقط أربعة أشخاص قتلى من المحتجين بحسب لجنة أطباء السودان المركزية القريبة من المعارضة.
ونقل مراسل بي بي سي في السودان، محمد عثمان، عن اللجنة توضيحها بأن شخصين من القتلى الأربعة قد تعرضا للطعن بآلة حادة في أم درمان ونقلا إلى مستشفى السلاح الطبي العسكري حيث توفيا هناك متأثرين بجراحهما.
ووفق اللجنة، قُتل الثالث برصاصة في الصدر قرب أحد المتاريس، ومات الرابع متأثراً بجراحه إثر الإصابة بطلق ناري مباشر في الصدر في الخرطوم بحري، ومعظم المحال التجارية في الأسواق والأحياء السكنية قد أغلقت أبوابها في العاصمة الخرطوم بمدنها الثلاث في اليوم الأول من العصيان المدني، كما انتشرت قوات أمنية في الطرق الرئيسة ومداخل الجسور والمرافق الحيوية.
وقال تجمع المهنيين السودانيين إن عددا من العاملين في البنوك والمطارات وشركة الكهرباء اعتقلوا وتعرضوا للتهديد قبيل بدء العصيان المدني الذي أعلن عنه تحالف قوى الحرية والتغيير المعارض، وحث كل العمال على البقاء في منازلهم اعتبارا من يوم (الأحد)، كجزء من حملته لإجبار المجلس العسكري الحاكم على التنازل عن السلطة للمدنيين.
وكان قادة الاحتجاج دعوا إلى عصيان مدني في جميع أنحاء البلاد، بعد اتهامهم للجيش بالمماطلة في نقل السلطة إلى إدارة مدنية، مشيرًا إلى أن العصيان لن ينتهي إلا بقيام حكومة مدنية بإذاعة "إعلان بيان تسلم السلطة" عبر التلفزيون السوداني.
وقال التجمع في بيان "العصيان هو الفعل السلمي القادر على تركيع أعتى ترسانة أسلحة في العالم"، داعيا "العاملين في كل المؤسسات والمرافق في القطاعين الخاص والعام إلى الانخراط في والتمسك الصارم بأدوات العصيان المدني الشامل والإضراب السياسي العام اعزازاً لدماء الشهداء وحمايةً لحياة زملائهم ووفاءً لنضالاتهم".
وتأتي الدعوة بعد أيام من فض قوات الامن بشكل عنيف لاعتصام نظم منذ 6 إبريل/نيسان أمام مقرّ الجيش في الخرطوم، بعدما توسعت حركة الاحتجاجات التي انطلقت في كانون الأول/ديسمبر.
ويقول مسعفون تابعون للمعارضة إن عدد القتلى منذ فض الاعتصام يوم الاثنين وفي حملة أمنية أوسع أعقبت ذلك قد وصل إلى 118 قتيلا. وتقول الحكومة إن عدد القتلى 61 بينهم ثلاثة من قوات الأمن، حسبما أوردت وكالة أنباء رويترز.
"اعتقالات"
في غضون ذلك، قال مصدران في المعارضة السودانية إن اثنين من قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان اعتقلا في وقت مبكر من صباح يوم السبت بعد فترة وجيزة من اجتماع عقد مع رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد الذي كان يزور البلاد في محاولة للتوسط لحل أزمة تهدد الانتقال الديمقراطي.
ويأتي اعتقال إسماعيل جلاب الأمين العام للحركة والمتحدث باسم الحركة مبارك أردول بعد ساعات من احتجاز قوات الأمن لمحمد عصمت أحد أعضاء وفد المعارضة بعد لقائه بأبي أحمد، ولم يعلق المجلس العسكري الانتقالي على أنباء الاعتقالات.
وحث آبي أحمد الحكام العسكريين والمعارضة المدنية في السودان على التحلي "بالشجاعة" في محاولة الاتفاق على خطوات الانتقال للديمقراطية بعد سقوط أكبر عدد من القتلى منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير في أبريل/ نيسان.
وجاء عرض الوساطة في حل الأزمة بعد أن أصيبت المحادثات التي يجريها إعلان قوى الحرية والتغيير المعارض مع المجلس العسكري الانتقالي بالجمود ثم انهارت بالكامل بعد أحداث الأثنين الماضي.
وعلى الرغم من عدم إعلان تحقيق أي انفراجة مع نهاية زيارة آبي أحمد التي استغرقت يوما واحدا فقد صرح مساعد لرئيس الوزراء الإثيوبي بأن المحادثات سارت بشكل جيد، مشيرا إلى أنه سيعود للسودان قريبا، ولم يتمكن الطرفان من التوصل إلى اتفاق على السلطة الانتقالية، إذ يسعى كل طرف منهما إلى أن تكون له الأغلبية في المجلس الذي يمثل هذه السلطة.
ولم يرد المحتجون على اقتراح المجلس العسكري الانتقالي الذي قدمه الثلاثاء وطالب فيه بأن تكون الشريعة الإسلامية مصدر التشريع، واتهموا المجلس بأنه مكون من بقايا نظام الرئيس السابق عمر البشير، الذي أطيح به الشهر الماضي.
وقال عضو التجمع خالد عمر إن رد المجلس العسكري على مقترحات قادة الحراك ركز على قضايا غير أساسية، مشيرا إلى أنها "مزايدة سياسية غير مقبولة" منه.
وأشار إلى أن "قوى التغيير ستواصل نضالها السلمي حتى تتحقق مطالب الجماهير بنقل السلطة إلى حكومة مدنية."
ووصف التجمع دعوة المجلس العسكري إلى انتخابات مبكرة بأنها "شرعنة للنظام القديم"، حيث قال عضو وفد التفاوض، مدني عباس، إن هذا "المقترح عبثي ومرفوض وإنه سيقود البلاد إلى ما لا تحمد عقباه".
وكان المجلس العسكري قد عبر عن بعض التحفظات بشأن الوثيقة التي قدمتها المعارضة والمتعلقة بتشكيل مجلس مشترك يحكم البلاد خلال الفترة الانتقالية.
وقال الجيش إن المعارضة أغفلت قوانين الشريعة باعتبارها مصدرا للتشريع، وإنها استبعدت الجماعات الأخرى من المشاركة في الهيئات الانتقالية المزمع تشكيلها.
قد يهمــــك أيضــــا:
آبي أحمد يلتقي طرفَي النزاع السوداني ويُطالب بضرورة التحلي بالشجاعة والمسؤولية