بيروت ـ فادي سماحه
يعيش حزب الله في لبنان وضعًا صعبًا على المستوى المالي، بعد تشديد العقوبات الأميركية على النظام الإيراني الممول الأول لها، لكن وضع مكافآت مقابل معلومات على شبكات الحزب المالية يضيف الملح إلى الجرح المالي للميليشيا، حيث وعدت الولايات المتحدة الاثنين، بتقديم مكافآت جديدة يمكن إن تصل إلى عشرة ملايين دولار لمن يقدم معلومات يمكن أن "تعرقل" عمل الشبكات المالية لحزب الله اللبناني في العالم.
اقرأ ايضا:
واشنطن تدرس حذف السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب
وذكر بيان للخارجية الأميركية، أن الخطوة الجديدة ستوفر "حافزا قويًا للناس للتقدم بمعلومات من شأنها أن تساعدنا على إسقاط شبكة حزب الله المالية".
وأشارت الخارجية الأميركية إلى أن الميليشيا اللبنانية كانت قد حققت دخلا سنويا يقدر بنحو مليار دولار من خلال "الدعم المالي المباشر من إيران والشركات والاستثمارات الدولية وشبكات المانحين وأنشطة غسل الأموال".
"جهود ناجحة"
واعتبر المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية ناثان تك في تصريحات إلى موقع "سكاي نيوز عربية"، أن جهود تجفيف منابع تمويل حزب الله نجحت في إحداث تأثير.
وقال تك، "لا يمكن رؤية تأثير جهودنا بشكل أفضل من تصريحات الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، فالشهر الماضي وفي العلن للمرة الأولى، أعرب نصر الله عن أسفه للوضع المالي لحزب الله وقال إن الحرب المالية التي شنتها وزارة الخزانة كان لها تأثيرها".
وأضاف أن الحزب ينحدر إلى مستويات جديدة، فقد لجأ مؤخرا إلى استغلال التبرعات الخيرية وتحويل هذا التمويل إلى مقاتليه، فضلا عن اعتماد سياسة الإكراه والترهيب للضغط على القطاع المالي في لبنان ورهن مستقبل البلاد".
تضييق مالي وبدائل تكافلية
ويشير مقربون من حزب الله إلى أن الحزب يواجه التضييق المالي بالاعتماد على شبكة تكافلية بين أنصاره خاصة فيما يتعلق بالخدمات المقدمة لهم، بالإضافة إلى أساليب التحايل.
وقال الصحافي اللبناني قاسم قصير، "حسب معرفتي ببيئة حزب الله، كلما زادت الضغوط المالية، زادت أدوات التحايل على الضغوط".
وأوضح أن حزب الله بات يمتلك خبرات كبيرة في التحايل على العقوبات، كما أشار إلى أن "مزيدا من الضغوط سيؤدي إلى مزيد من التضامن الداخلي.. وسيساهم في تطوير القدرات الداخلية".
ولفت المتحدث باسم الخارجية الأميركية إلى أن "اعتماد حزب الله الجديد على التبرعات خير دليل على نجاح عقوباتنا الاقتصادية في قطع شريان الحياة المالي من النظام الإيراني".
كما أوضح أن الإدارة الأميركية ستتخذ "الإجراءات كافة في تنفيذ العقوبات على حزب الله ونأخذ منع تحايله عليها على محمل الجد".
استهداف البيئة الحاضنة
ويقول المحلل السياسي اللبناني أسعد حيدر، في تصريحات صحافية "إن الإجراءات الأميركية الأخيرة تهدف إلى تجفيف المنابع المالية لحزب الله وتستهدفه في البيئة الحاضنة له "حيث أصبح الكثير من الممولين من خارج لبنان عرضة للشبهات والملاحقات".
وأضاف حيدر أن تخفيض ميزانية الإنفاق داخل الحزب يُعد تعبيرًا عن مشكلة مالية كبيرة، مضيفًا أن الحزب ملزم بخدمات اجتماعية ودفع رواتب في محيطه وبالتالي ستتأثر هذه المنظومة.
ولمس العاملون في مؤسسات الحزب، المدنية والعسكرية، منذ بداية العام الجاري تراجعًا في القدرات المالية لمؤسساته بسبب اقتطاع رواتبهم، للمرة الأولى، فيما جرى الاستغناء عن العاملين في قطاعات مدنية بعقود جزئية، بحسب مصادر متعددة.
تفاصيل التمويل الإيراني
وكشفت معلومات جمعها مركز العقوبات والتمويل غير المشروع في معهد الدفاع والديمقراطيات الأميركي، أن حزب الله اعتاد على تلقي الأموال من إيران "في حقائب ، وليس من خلال البنوك"، عبر تهريبها من سورية.
وتساهم إيران سنويًا بنحو 80 في المائة من ميزانية حزب الله، بمبلغ يقدر بـ 800 مليون دولار، وبما أن حزب الله لا يخضع لعقوبات شاملة من قبل الاتحاد الأوروبي، يجد من السهل جمع ملايين الدولارات سنويًا من أنصاره المغتربين في أوروبا.
تجارة العملة والتهريب
ويستخدم حزب الله العديد من الأساليب المختلفة لتهريب الأمول إلى لبنان عبر تجارة العملة في السوق السوداء، وهو نظام قائم على الثقة بين الأفراد، إضافة إلى الجمعيات الخيرية ومختلف أساليب التهريب القديمة.
كما يحصل حزب الله على الكثير من الأموال عبر المغتربين في إفريقيا حيث تصل إليه الأموال نقدا من خلال رحلات الطيران المباشرة.
وذكر المركز الأميركي أن الأنشطة الإجرامية تعد أحد روافد التمويل، مشيرا إلى عمليات سطو مسلح نفذها الحزب، بما في ذلك سرقة بنك في السويد عام 2009.
وقال المركز "إن الحزب استطاع غسل أموال قذرة حصل عليها من أموال المخدرات عبر البنك اللبناني الكندي الذي بالفعل جرى إدراجه على قائمة العقوبات الأميركية".
واستفاد الحزب من حلقة لتهريب السجائر في الولايات المتحدة امتدت من منتصف التسعينيات إلى عام 2005، ويُضاف إلى ذلك، الاتجار في المخدرات في دول أميركا اللاتينية، حيث يمتلك الحزب علاقات واسعة مع عصابات المخدرات الكبيرة.
وسهلت الحكومة الفنزويلية عمليات تهريب المخدرات لصالح الحزب، بحسب المركز الأميركي.
ثلاثي اللائحة السوداء الأميركية
ويُعد من المُثير للانتباه في عرض المكافآت الذي أصدرته الخارجية الأميركية هو تحديد ثلاثة أفراد كأبرز ممولين للحزب من ضمن عشرات الشركات والإفراد المدرجين بالفعل على لائحة العقوبات، حيث طلبت معلومات مباشرة عنهم، وهم أدهم طباجة ومحمد ابراهيم بزي وعلي يوسف شرارة، والثلاثة حاليا على اللائحة السوداء الأميركية "للإرهابيين الدوليين".
ويعمل العديد من أنصار حزب الله في شركات تجارية كواجهة أمامية لعمليات غسيل الأمول، وهو ما كون إمبراطورية من الاستثمارات العالمية القائمة على نهر قذر من الأموال.
وأوضحت معلومات من وزارة الخزانة الأميركية، أن طباجة يملك غالبية أسهم شركة مجموعة الإنماء للأعمال السياحية التي تعمل في العقارات والبناء وتنشط في لبنان والعراق، كما تمتلك شركة للترفيه.
ويتصدر اسم طباجة عقود حيازة العديد من الممتلكات في لبنان نيابة عن الحزب، وهو علاقة وثيقة بالقيادات التنفيذية داخل الميليشيا.
وتمكن الحزب عبر طباجة من الحصول على مشاريع نفطية وتنموية في العراق من أجل إمداد الحزب بالأموال.
أما إبراهيم بزي، فقد حددته وزارة الخزانه على أنه شخصية رئيسية في غسيل الأموال وتهريب المخدرات، حيث نشأت علاقة تعاون بينه ورئيس غامبيا السابق يحيى جامع في هذا الإطار، وقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليه في عام 2011.
ويعد بزي من أبرز المسؤولين عن التعاملات المالية في ميليشيا حزب الله، وقد رصدت الخزانة الأميركية تعاملات تورط فيها مع البنك المركزي الإيراني.
ويأتي شرارة كضلع ثالث في مذكرة المكافآت، وهو رجل أعمال يترأس مجلس إدارة شركة "سبكتروم اينفستمنت غروب هولدينغ" للاتصالات التي لديها أعمال في الشرق الأوسط وغرب أفريقيا وأوروبا.
وقد عمل شرارة على تلقي ملايين الدولارات من حزب الله بهدف استثمارها في مشاريع تجارية وتمويل الميليشيا في المقابل.
ويعتبر المركز أن حزب الله "لديه نقاط ضعف قاتلة، فيما يتعلق بالاعتماد بشدة على التمويل الإيراني".
وتزامن تشديد الولايات المتحدة العقوبات على حزب الله، مع انتهاء فترة الإعفاءات التي منحتها واشنطن لبعض الدول المستوردة للنفط الإيراني، ما يعني "نظريا" أن صادرات النفط الإيراني قد تصل إلى الصفر قريبا.
قد يهمك أيضًا :