غزة – محمد حبيب
ردّ المنسّق الخاص للأمم المتحدة لعملية السّلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، على الانتقادات التي وجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مؤخرًا، للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بسبب قوله "الحقيقة"، وهي أن الشعب الفلسطيني يعيش تحت الاحتلال منذ نصف قرن، وأن الفلسطينيين يعيشون بسبب ذلك حالة من الإحباط ويفتقرون للحلول السياسية بسبب ما تقوم به إسرائيل"، مع ما يعنيه ذلك من إغلاق وحصار لقطاع غزة، ومن تضييق وتقييد للحركة، وتزايد الاستيطان، وهدم البيوت، وعدم وجود رؤية لحل سياسي للتقدم نحو تمكين الفلسطينيين من إقامة دولة خاصة بهم.
وقال ملادينوف إن الأمم المتحدة تتابع الحقائق الموجودة على أرض الواقع، وتعمل على تطوير آلية إعادة إعمار قطاع غزة، والمساعدة على إقامة الدولة الفلسطينية، ودعم استعادة الوحدة الوطنية، ومساندة القيادة الفلسطينية في مساعيها من أجل الحصول على الحقوق الوطنية الفلسطينية وإقامة الدولة، مشيرًا الى أن حل الدولتين هو الحل الوحيد الذي يراه المجتمع الدولي للخروج من "دوامة العنف الحالية"، مؤكدًا عدم قبول الأمم المتحدة باستمرار هذه الأوضاع التي تنذر بالانفجار إن لم يتم تداركها من قبل المجتمع الدولي.
جاء ذلك خلال لقاء نظّمه المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات)، في مقر المركز بغزة، بعنوان "دور الأمم المتحدة في قطاع غزة"، بحضور عشرات الشخصيات من ممثلي الفصائل والمجتمع المدني والكتّاب ورجال الأعمال.
وافتتح اللقاءمدير عام مركز مسارات هاني المصري، متحدثًا من البيرة عبر "الفيديو كونفرنس"، حيث أشار إلى الجرائم التي تمارسها دولة الاحتلال بحق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة من الاعتقال، وهدم المنازل، والإعدامات الميدانية، والاستيطان، والتمييز العنصري ضد فلسطينيي 48، والعدوان والحصار المستمر على قطاع غزة، الذي يعتبر وفق القانون الدولي إعلان حرب ونوعًا من العقوبات الجماعية، التي تفترض تحركًا عاجلًا من الأمم المتحدة وجميع الدول والشعوب من أجل إجبار إسرائيل على رفع الحصار كليًا دون قيد أو شرط.وأوضح المصري أن إسرائيل تقوم بتعميق الاحتلال وتكثيف الاستيطان ضاربة بعرض الحائط الشرعية الدولية والقانون الدولي وجميع القرارات الدولية، التي أكدت على عدم جواز احتلال الأراضي الفلسطينية وضرورة الانسحاب منها، وعلى تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه المشروعة، بما فيها حقه في العودة وتقرير المصير، والذي يشمل حقه بإقامة دولة فلسطين على الأراضي المحتلة العام 1967 وعاصمتها القدس.
وأدار اللقاءمدير مكتب مسارات في قطاع غزة، صلاح عبد العاطي، حيث أشار إلى أنّ كافة التقارير الحقوقية، بما فيها تقارير الأمم المتحدة، تؤكد أن الوضع الإنساني في غزة محفوف بالمخاطر، فاستمرار الحصار ومأسسته والانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة لحقوق الإنسان أدت إلى تزايد نسب الفقر والبطالة، وإلى بطء عمليات الإعمار بسبب آلية إعادة الإعمار، وعدم تدفق أموال إعادة الإعمار، واستمرار إغلاق المعابر، إضافة إلى عجز المجتمع الدولي عن إنهاء أو محاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائم الحرب التي اقتُرفت في قطاع غزة؛ الأمر الذي يتطلب تحركًا فاعلًا من الأمم المتحدة ومؤسساتها في فلسطين لضمان احترام حقوق الإنسان، ودعم السلطة ومؤسساتها، ودعم المصالحة الوطنية، مناشدًا الأمم المتحدة التدخل لوقف الانتهاكات بحق الأسرى، وخاصة الأسير الصحفي محمد القيق.
وأكد ملادينوف على أهمية إتمام المصالحة الوطنية وضمان تشكيل حكومة موحدة تتحمل مسؤولياتها بشكل كامل في الأراضي الفلسطينية، موضحًا أن الأمم المتحدة تدعم عملية استعادة الوحدة الوطنية، وتساهم في دعم كافة الحوارات والجهود التي تأمل أن تكلل بالنجاح، كما أن المجتمع الدولي يدعم تشكيل حكومة وحدة وطنية تحقق المشاركة والديمقراطية وتعمل على تحسين حياة الفلسطينيين.
وبيّن أن هناك ثلاثة تحديات كبرى تواجه قطاع غزة، يتعلق الأول بعملية إعادة الإعمار، حيث نوه إلى أن الأمم المتحدة تولي أهمية خاصة وتشرف على عملية إعادة الإعمار، وتحاول تطوير آلية الإعمار التي اتفقت عليها الأطراف، بمساعدة المنسق الخاص السابق روبرت سيري، بهدف تلبية احتياجات عملية الإعمار، وباقي الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين في القطاع.
وثاني التحديات يتمثل في الاحتياجات القائمة والأساسية لسكان القطاع من كهرباء، وماء، وإسكان، وتحسين الخدمات المختلفة، وضمان فتح المعابر، وحرية الحركة للمواطنين والبضائع، وهي كلها قضايا مترابطة ببعضها البعض. وثالثها هو خلق جو اقتصادي من أجل إعادة بناء ما تم تدميره، وخلق فرص أكبر، وإنعاش اقتصادي لمواطني وأسر قطاع غزة، إضافة إلى التركيز على بناء الأمل، وتمكين المواطنين من التمتع بمستوى معيشي لائق وكريم.
وأشار ملادينوف إلى أن إنهاء الاحتلال يأتي في صدارة الأولويات ضمن الإستراتيجية العامة التي تعكف على وضعها الأمم المتحدة بشأن التعامل مع القضية الفلسطينية، لأن ذلك هو الحل الجذري لمعالجة المشكلات المختلفة وتحسين ظروف الحياة في الأراضي الفلسطينية، وضمن هذا الجهد أكد أن هناك مساعٍ لعقد مؤتمر جديد للمانحين في رام الله بالتعاون مع حكومة التوافق الوطني، من أجل وضع العالم أمام مسؤولياته السياسية والإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني.