قوات الاحتلال الإسرائيلي

دخلت الهبة الجماهيرية الفلسطينية أو ما تعتبرها بعض الفصائل "انتفاضة" شهرها الثاني فيما لا تزال الفصائل والقوى السياسية الوازنة غير منخرطة في الميدان، رغم بياناتها التي تدعم الانتفاضة، كما أكد مراقبون أن استمرار الهبة الجماهيرية بحاجة إلى تمتين الجبهة الداخلية بصفتها صمام الأمان من أجل ديمومة الانتفاضة، وغير ذلك يعني ضربة لطموح وآمال الشباب الذين يتصدرون المشهد.

وأكد الكاتب زياد عثمان بأن "الوحدة الوطنية باتت أمرا ملحا في ظل هكذا ظروف، ولا يمكن القبول باستمرار الانقسام بعد كل هذه التضحيات"، متابعا "لا أعلم لماذا لم يتلقف قيادات الفصائل هذه الإشارات من الجيل الشاب أنه يرفض كل مشاريعهم ولا يقبل إلا بأن تكون البوصلة تجاه الاحتلال العدو الأول والأخير للشعب الفلسطيني".

وأضاف "هذا الاندفاع غير المسبوق من الشباب، بحاجة ماسة لمن يوجهه نحو الاتجاه الصحيح، وإلا سنبقى نسير في جنازات دون أي استثمار صحيح لهذه الدماء الزكية".

وتابع "كل فعل مقاوم ضد الاحتلال هدفه النهائي والاستراتيجي هو إنهاء الاحتلال والاستقلال، لكن لا بد من هدف "تكتيكي" نسعى للوصول إليه وتحقيقه، فلماذا لا نستهدف الاستيطان؟، ويكون شعارنا في هذه الانتفاضة "لا للقبول بالاستيطان"، أو "فليرحل المستوطنون"، مذكرًا بخطورة البناء الاستيطاني على القضية الفلسطينية، وسرقة المستوطنات لمئات آلاف الدونمات، وحيلولتها دون قيام دولة فلسطينية مستقلة متواصلة جغرافيا.

وبين زياد عثمان أنه رغم ضعف التفاعل الشعبي مع الانتفاضة، إلا أن تأثيرها على الكيان الإسرائيلي كان ملحوظا، وهو ما دفع بعجلة التحركات الدولية للدوران في محاولة لوأدها. بالمقابل فإن الدبلوماسية الفلسطينية نشطت في محافل دولية عدة من أجل حشد الرأي العام العالمي لصالح القضية الفلسطينية، لكن هذا الجهد "حسب المتابعين" يتطلب المراكمة عليه، من خلال تغيير أصول اللعبة ورفض العودة للاتفاقيات السابقة التي يرفض الاحتلال الالتزام بها.

ويخشى مراقبون من تكرار التجربة الفلسطينية الماضية من خلال التعاطي مع بعض الحلول السياسية المجزوءة التي تمنح الاحتلال طوق نجاة، ليتبين لاحقا أنها مجرد سراب في الصحراء.

ويرى عضو المجلس الوطني الفلسطيني تيسير نصر الله أن "التحركات الدولية حتى الآن ضعيفة، ودون المستوى المطلوب، وتأتي لتنقذ الاحتلال وحكومة نتنياهو المتطرفة من المأزق الذي تمر به بعد انتفاض الشعب في وجههم".

وذكر إنه "لا توجد حتى الآن أية مبادرات حقيقية للخروج من هذا الوضع، وكل ما طرح خلال زيارة وزير "الخارجية" الأمريكية "جون كيري" والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، كانت عبارة عن ضغوطات على الرئيس والقيادة الفلسطينية لوقف الانتفاضة، والقبول بأي حلول جزئية لا تقدم ولا تؤخر، دون التطرق الفعلي للأسباب الحقيقية للمشكلة، المتمثلة بالاحتلال "الإسرائيلي". لافتًا "هم يبحثون عن إخضاع الفلسطينيين وجعلهم يبادرون للتهدئة دون أن تبادر "إسرائيل" لذلك، وهي توسع من دائرة الإرهاب والعقوبات الجماعية".

وتابع "لا يمكن للانتفاضة أن تقف بقرار دون أي نتائج ملموسة على الأرض، لأنها أصلا لم تكن لتندلع بقرار، وما يمكن أن يوقفها هو فقط تحقيق الأهداف التي جاءت من أجلها، ودون ذلك يعني انتحار جديد للقضية برمتها".

ويرى مراقبون أن الانتفاضة ستكون بين "مد وجزر"، وتتصاعد أحيانًا وتهبط أحيانًا أخرى، لكن هناك انقسام يتعلق بدخول الفصائل على خط المواجهة من عدمه. ففي حين يؤكد البعض أن ذلك سيعطي الانتفاضة زخمًا أكبر وتتسع دائرة المواجهات، يشدد آخرون أن نجاح الانتفاضة يكمن في سلميتها وعفويتها دون موجه لها، معبرين عن مخاوفهم من تحول الفصائل للتنافس فيما بينها وترك جوهر القضية وهو الاحتلال وسبل مواجهته.