طرابلس - فاطمة السعداوي
تتواصل الاشتباكات العنيفة حتى صباح الثلاثاء، في مدينة "الزاوية" القريبة من العاصمة طرابلس بين مسلحين من تنظيمات مختلفة، قتل فيها المدعو“سراج النايلي” التابع لمليشيات "الخضراوي" ، كما جرح المواطن عبد الكريم جبودة برصاصة طائشة، وتعدُّ أصابته خطيرة. وكانت اشتباكات مسلحة عنيفة اندلعت بين مليشيات "الحنيش" ومليشيات "الخضراوي" ما أدي إلى إحراق عدد من المنازل والمحلات في شارع عمر المختار وسط المدينة.
وقامت ما تعرف بالغرفة الأمنية ورشفانة بتسهيل دخول العائلات النازحة من مدينة الزاوية إلى مناطق آمنة، وعملت على تأمينهم وحمايتهم. وأعلنت سبع كتائب مسلحة انضمامها بأفرادها وعتادها وعرباتها ، في لواء واحد تحت مسمى "قوة حماية مدينة الكفرة" الواقعة جنوب شرق ليبيا. وجاء هذا الإعلان بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة "الكفرة" من تسلل قوة خارجية تابعة لحركة "تحرير السودان" وتمركزها في منطقتي بزيمة وبوزريق، بعدما قطعت الطريق وقامت بالسطو المسلح والخطف والقتل والإبتزاز.
و الكتائب السبع هي كتائب" سُبل السلام" و"ثوار الكفرة" و"شُهداء الهواري" و"استطلاع 21" و"المجاهد المهدي السنوسي" و"الشهيد القاضي أكريم". وتم اختيار آمر كتيبة "سُبل السلام"، عبد الرحمن هاشم، آمراً للواء الموحد، بهدف حماية مدينة الكفرة وضواحيها والجنوب الشرقي الليبي. هذا وطالب ضباط الجيش الليبي في المنطقة الغربية، بضرورة تفعيل دور الوحدات العسكرية النظامية القائمة وفق الأسس والمبادئ العسكرية النظامية وخضوعها للقوانين العسكرية النافذة.
وأوصى الضباط في الملتقى الثالث لهم في المنطقة الغربية في الرحيبات، بتفعيل دور مديريات الأمن في جميع مكوناتها داخل البلديات، وتنظيم التعاون في ما بينها وتقديم الدعم لها للقيام بدورها المنوط بها. وشددوا في بيان، على تفعيل دور أجهزة المخابرات المتمثلة في الاستخبارات العسكرية وجهاز المخابرات الداخلية وجهاز المخابرات العام وجهاز البحث الجنائي والقيام كل بدوره خاصة في الظروف الراهنة.
واقترح ضباط المنطقة الغربية فرز وتشكيل قوة عسكرية نظامية وتجهيزها لمكافحة الإرهاب في أسرع وقت ممكن. واقترحوا أيضا فرز وتشكيل قوة لتأمين وحراسة الحدود الغربية والمنافذ من "رأس أجدير" حتى "غدامس"، وتفعيل دور الشرطة العسكرية والقضاء العسكري. سياسياً، انطلق أمس في العاصمة التونسية اجتماع دول جوار ليبيا، الذي ضم كلا من تونس وليبيا والجزائر، ومصر والسودان والتشاد والنيجر، بهدف مساعدة الأطراف الليبية على تجاوز مرحلة الفوضى، وتجنب التدخل العسكري الخارجي، وعودة الحكومة المدعومة من قبل المنتظم الأممي لممارسة مهامها من العاصمة الليبية طرابلس.
وعقد خلال اليوم الأول اجتماع تحضيري على مستوى كبار موظفي دبلوماسية البلدان المشاركة، شكل تمهيدا لاتخاذ قرارات تساهم في إعادة الأمن والاستقرار إلى ليبيا المجاورة. إلا أن وزارة الخارجية التونسية، التي تقود هذا الاجتماع والتي دعت له منذ أشهر، لم تحدد صفة المجتمعين خلال اليوم الأول، واكتفت بمنحهم صفة كبار الموظفين. وذكرت مصادر دبلوماسية تونسية أن اليوم الأول خصص لاجتماع سفراء الدول المشاركة في هذا الاجتماع بهدف تقريب وجهات النظر، وتشخيص خطورة الوضع في ليبيا، وتأثيراته السلبية على كل هذه الدول في حال تنفيذ هجوم غربي.
وكلف المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية وفدا برئاسه موسى الكوني، الرجل الثاني في طوارق ليبيا ونائب رئيس الوزراء في حكومة الوفاق الليبية، بحضور اجتماع المؤتمر الوزاري لدول جوار ليبيا. كما حضر هذا الاجتماع، الأمين العام لجامعة الدول العربية، وممثلو الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، والممثل الخاص للأمين العام رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وهو ما يعطي لهذا الاجتماع، حسب عدد من المراقبين، حجما هاما على المستوى السياسة الدولية تجاه الأزمة الليبية.
و أكد السفير أحمد بن حلي، نائب الأمين العام للجامعة العربية، أمس أن الأمين العام للجامعة الدكتور نبيل العربي سيطرح خلال اجتماعات دول الجوار الليبي موقف الجامعة في ما يتعلق بالتطورات والاقتراحات الخاصة بليبيا، معربا عن أمله في أن تركز المشاورات الحالية بين الليبيين على الانتهاء من عملية وجود حكومة وحدة وطنية تقودها الأمم المتحدة.
وأعرب بن حلي عن أمله في أن تتمكن الحكومة الليبية الجديدة من الانتقال إلى العاصمة طرابلس للبدء في مباشرة مهامها المستعجلة، خاصة في مجال إعادة الأمن والاستقرار، وتكوين الأجهزة الأمنية والجيش وكل ما يتعلق بأمن واستقرار ليبيا، مضيفا أن هذا الاجتماع يعد حلقة أساسية لدعم الليبيين. وشدد بن حلي على أهمية أن يشعر الأشقاء في ليبيا أنه حان الوقت للاتفاق على أن تبدأ حكومة الوفاق في تنفيذ المهام الموكلة إليها، في إطار البرنامج السياسي المتفق عليه في الصخيرات بالمغرب، وذلك كخطوة أولى تجسد عمل هذه الحكومة في مباشرة مهامها، خاصة ما يتعلق بجمع السلاح وتنظيم الميليشيات المسلحة، سواء بإدخالها في الجيش أو إيجاد مخرج لها، وأن تبقى هذه الحكومة ممثلة لوحدة ليبيا.
واعتبر بن حلي أن الليبيين مطالبين بالحيلولة دون السماح بوجود تدخل خارجي، خاصة العسكري منها، وقال بهذا الخصوص إن "أي تلكؤ في التوصل للحلول السياسية في ليبيا سيعطي حجة للمتربصين من أجل التدخل وربما التدخل العسكري"، موضحا أن هناك تحديات كبيرة تواجه الليبيين في الوقت الراهن، وفي مقدمتها التنظيمات الإرهابية، خاصة "داعش" الذي بدأ يستقر في مناطق ليبية عدة، شرقا وغربا وجنوبا، وحذر من أن وحدة ليبيا معرضة للتهديد، حيث توجد مؤشرات على تدخل أطراف خارجية غير عربية، تهيئ الأجواء لذلك.
وحول موقفه من المشاورات التي تجريها الأطراف الليبية، أكد بن حلي ضرورة خروج الليبيين من سلسلة المشاورات التي طالت وأصبحت غير مجدية، وقال إن رسالة الجامعة العربية واضحة، وهي أن الجامعة ستكون حاضرة في دعم الحكومة الليبية الجديدة عندما تبدأ في مباشرة مهامها، وذلك لمساعدة الليبيين في تكوين مقدرات الدولة، في ما يتعلق بالأمن وبناء الجيش والمرافق الأخرى، بالإضافة إلى الاتفاق على الدستور الجديد، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.
الى ذلك، أعربت جامعة الدول العربية عن تقديرها وشكرها لسلطنة عمان، على استضافتها لاجتماعات الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي في مدينة صلالة برعاية الأمم المتحدة. وقال بن حلي في هذا السياق إن "هذا جهد مقدر من دولة عربية تحاول مساعدة الأشقاء الليبيين، وهم في أمس الحاجة لهذه المساعدة"، مؤكدا أن هذه الاجتماعات تمثل أمرا مهما بعد بدء مهمة حكومة الوفاق الوطني في أداء مهامها، ولافتا النظر إلى أن صياغة الدستور والاتفاق على بنوده ستكون أحد المراحل لبناء مؤسسات الدولة الليبية، باعتبار أن الدستور هو العقد الاجتماعي بين مكونات المجتمع الليبي.
وأوضح رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، مارتن كوبلر، أن البعثة الأممية تقوم بدور الوسيط للاتصال بين جميع الجوانب في ليبيا، مشيرًا إلى أنه يحاول توطيد العلاقات مع الأحزاب والجمعية التأسيسية للدستور من أجل توحيد الصفوف. وقال في تصريحات تلفزيونية، أمس، إنهم مستعدون للاستماع للجميع لحل المشكلات التي تعترض إرساء الأمن والاستقرار في ليبيا، محذرًا في الوقت نفسه من أن تنظيم "داعش" الإرهابي لا يهدد ليبيا فقط بل المنطقة بالكامل مثل مصر والجزائر وتونس، ومن الضروري وقفهم في ليبيا ومن خلال الليبيين أنفسهم.
وكان كوبلر بحث مع المبعوث الخاص للاتحاد الأفريقي إلى ليبيا جاكايا كيكويتي في لقاء تشاوريًا في سلطنة عمان آخر تطور الأوضاع في ليبيا. وتحدث الطرفان خلال لقائهما حول الأوضاع في ليبيا وأهمية لقاء هيأة الدستور واتفاق الصخيرات لحل الأزمة في ليبيا.