رام الله – وليد أبوسرحان
تناقش الدول الأوروبية إمكان استدعاء السفراء من إسرائيل، إذا هدد الاستيطان حل الدولتين على أساس حدود عام 1967، في حين قررت الحكومة الإسبانية بحث الاعتراف بدولة فلسطين على أساس تلك الحدود.
وكشف وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل غارسيا مارغايو أنَّ "حكومته سوف تبحث، الثلاثاء، الاعتراف بالدولة الفلسطينية"، مبرزًا أنَّ "حكومته سوف تناقش ما إذا كان الاعتراف بالدولة الفلسطينية سوف يساعد على الخروج من مأزق عملية السلام في المنطقة، ويساهم في الوصول إلى اتفاق سلام على قاعدة دولتين لشعبين، وذلك وفقًا لما تقوم به العديد من الدول الأوروبية، التي تحاول حذو طريق حكومة السويد وإيرلندا وبريطانيا".
وأكّد، وفقًا لما نشره موقع القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي، الإثنين، أنَّ "ذلك يأتي ضمن مساعي الدول الأوروبية للخروج من مأزق عملية السلام في المنطقة"، مشيرًا إلى أنَّ "فرنسا قريبًا ستبحث الخطوة ذاتها".
وأعلنت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، الإثنين، عن المزيد من التفاصيل بشأن "وثيقة العقوبات"، التي يعدّها الاتحاد الأوروبي ليتم فرضها على إسرائيل إذا ما استمر البناء الاستيطاني في المناطق الحساسة في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وأشارت الصحيفة إلى أنَّ "العقوبات قد تتضمن استدعاء سفراء الاتحاد الأوروبي"، ونقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسية مطلعة على محتوى الوثيقة، التي تتكون من صفحتين، أنها تتضمن فصلين من "العصي"، التي سيتم رفعها في وجه إسرائيل، إضافة إلى فصل من "الجزر"، المقدم للفلسطينيين.
وشبّه دبلوماسيون أوروبيون الوثيقة بـ"قائمة طعام في مطعم صيني"، يمكن لكل دولة أن تختار من بينها العقوبات التي ستنفذها.
ويتضمن الفصل الأول من الوثيقة الخطوات الدبلوماسية المشتركة التي يمكن أن تتخذها الدول الثمانية والعشرين ضد إسرائيل، ومن بينها تنسيق الإدانة للمستوطنات والاحتجاجات المشتركة لدى الخارجية الإسرائيلية ومكتب رئيس الوزراء، وغيرها.
ويشمل الفصل الثاني العلاقات الثنائية بين كل دولة وإسرائيل، ويقترح خطوات مثل استدعاء السفراء من تل أبيب ردًا على التحركات الإسرائيلية التي تهدد حل الدولتين، كما تتضمن الوثيقة اقتراحات للتحرك ضد المستوطنين، مثل حظر إقامة علاقات أو استضافة اجتماعات مع زعماء المستوطنين أو المنظمات الممثلة أو المرتبطة بصورة واضحة ورسمية بالمستوطنات.
ويتناول الفصل الثالث الشأن الفلسطينيّ، ويركز على تقديم "الجزر"، فمثلاً، تقترح الوثيقة أن يتخذ الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء به خطوات في اتجاه "تعزيز عناصر الدولة الفلسطينية".
واعتبرت الصحيفة أنَّ هذا يعني فيما يبدو التعامل مع فلسطين كدولة مبدئيًا، حتى دون الاعتراف بذلك رسميًا، وبهذا يسعى الاتحاد الأوروبي لإقناع الفلسطينيين بالتوقف عن المضي في الجهود الأحادية لإنجاز الاعتراف بدولتهم.
وكانت الصحيفة نقلت، الأحد، عن دبلوماسي أوروبي مطلع القول أنَّ "عملية السلام مجمدة تمامًا، إلا أنَّ الوضع على الأرض ليس كذلك، هناك إحباط كبير في أوروبا وعدم تسامح مع النشاط الاستيطاني، هذه الوثيقة جزء من تبادل داخلي للأفكار يجري في بروكسل هذه الأيام".
وأشار مسؤولون أوروبيون إلى أنهم "يدرسون وسائل جديدة لوقف النشاط الاستيطاني"، فيما تجرى مناقشات في مراحل مبكرة، لاسيما أنَّ الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لإسرائيل، وقد يبحث منع المستوطنين من زيارة الاتحاد الأوروبي.
ويحتمل أن تتضمن العقوبات أيضًا إعادة النظر في اتفاق التجارة الحرة مع إسرائيل، في صورتها النهائية.
وفي السياق ذاته، أكّد معاون الرئيس الفلسطيني محمود عباس، نبيل أبو ردينة أنَّ "البناء الاستيطاني في القدس الشرقية غير قانوني"، مناشدًا المجتمع الدولي، لاسيما الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وقف التصعيد الإسرائيلي.
هذا، وكان وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان قد رفض الانتقادات الدولية لسياسات الاستيطان، وأكّد لنظيره الألماني، الأحد، أنَّ "إسرائيل لن تتوقف عن بناء منازل لليهود في القدس الشرقية".
وأضاف ليبرمان، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير، "لن نقبل بأي قيود على البناء في الأحياء اليهودية في القدس.، فيما أكّد شتاينماير أنَّ "إنشاء دولة فلسطينية هو الحل الوحيد للصراع المستمر منذ عقود".
يذكر أنّه، منذ بداية تشرين الأول/ أكتوبر، قدمت إسرائيل خططًا لبناء لنحو 4300 منزل في أراض في الضفة الغربية، ضمّت إلى القدس، وهو ما يسلط الضوء على التوترات في مدينة تشهد احتقانًا بالفعل، بسبب مواجهات جراء دخول اليهود إلى حرم المسجد الأقصى.
وأدى الإعلان عن مشاريع البناء إلى إغضاب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة التي تعتبر الجيوب الاستيطانية الإسرائيلية في المناطق المحتلة غير قانونية وعقبة في وجه السلام.
ويريد الفلسطينيون القدس الشرقية عاصمة لدولة يطمحون إلى إنشائها في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي مناطق احتلتها إسرائيل عام 1967.
وانسحبت إسرائيل من قطاع غزة عام 2005 ولكنها تفرض حصارًا عليه، فيما تعتبر القدس الموحدة عاصمتها، وهو زعم لا يلقى اعترافًا دوليًا.
ويعيش في القدس الشرقية ما يقدر بنحو 150 ألف يهودي، من بينهم ليبرمان، الذي يعيش في مستوطنة في الضفة الغربية، الذي أكد أنَّ "كل من يحلم بأن الحكومة الإسرائيلية ستذعن وتقيد البناء في القدس هو مخطئ، نحن مستعدون للدفاع عن استقلالنا وسيادتنا ولن تكون هناك أي تنازلات، أعتقد أن أي ضغط هنا سيكون سلبيًا جدًا جدًا وغير بنّاء مطلقًا."
ويخشى الفلسطينيون أن تحرمهم المستوطنات من إقامة دولة تتوافر لها مقومات البقاء وذات تواصل جغرافي.