غزة – محمد حبيب
ندّد مجلس الوزراء الفلسطيني بقيام قطعان المستوطنين واليهود المتطرفين وعلى رأسهم وزراء في حكومة الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ اقتحام واسع للمسجد الأقصى المبارك، وفرض حصار عسكري على البلدة القديمة في القدس وعلى المسجد الأقصى، ووضع متاريس حديد بالقرب من بواباته.
وحذّر المجلس في مستهل جلسته الأسبوعية التي عقدها الثلاثاء في مدينة رام الله برئاسة رامي الحمد الله من مخاطر وتداعيات شروع قوات الاحتلال بتنفيذ اقتحام عسكري غير مسبوق على المسجد الأقصى، واقتحام المصلى القبلي، وإطلاق قنابل الغاز السام، والرصاص المطاطي على المرابطين فيه، والذي أدى إلى وقوع عشرات الإصابات في صفوف المصلين، وإلحاق الدمار الكبير في المصلى، بالإضافة إلى الشروع بتكسير نوافذ وأبواب المصلى والدخول إليه والعبث بمحتوياته وتدميرها، والاعتداء على حراس وسدنة المسجد الأقصى وملاحقتهم والقيام باعتقال عدد منهم.
واعتبر منع سلطات الاحتلال دخول النساء والفتيات والطالبات من كل الأجيال إلى باحات المسجد، وقرار وزير جيش الاحتلال بحظر نشاط مصاطب العلم والرباط في المسجد الأقصى 'جريمة عدوان على الديانات السماوية، وانتهاك سافر لحرية العبادة وأداء الشعائر الدينية للمسلمين'.
كما حذّر من خطورة دعوة منظمات وجماعات الهيكل المزعوم المتطرفة أنصارها إلى أوسع مشاركة في اقتحامات مكثفة للمسجد الأقصى المبارك، تزامنا مع بدء موسم الأعياد اليهودية، وتنظيم فعاليات تلمودية في رحاب الأقصى المبارك، معتبرا ذلك مؤشرا لفرض مخططات التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك، وتحقيق أهداف حكومة الاحتلال الإسرائيلي العدوانية بالسيطرة الكاملة على مدينة القدس والأقصى وتهويدهما.
وطالب المجلس الأمتين العربية والإسلامية لاستشعار الخطر الحقيقي على المدينة المقدسة والمسجد الأقصى، ما يستدعي من المسلمين في كافة أرجاء العالم التحرك بشكل جدي، والوقوف في وجه الأخطار المحدقة بالمدينة المقدسة، وما يوجب على المجتمع الدولي التحرك فورا والوقوف عند مسؤولياته لوقف اعتداءات حكومة الاحتلال، وإجراءاتها العنصرية وانتهاكاتها التهويدية، وحربها الدينية التي تفجرها بحق مدينة القدس، والأقصى.
وأكد دعمه لموقف الرئيس محمود عباس بالدعوة إلى عقد قمة إسلامية عاجلة، لمواجهة ما تتعرض له المدينة المقدسة، مثمنا المواقف البطولية لأهلنا من المصلين والمرابطين والمعتكفين من النساء والرجال، الذين يصدون اعتداءات قطعان الاحتلال الإسرائيلي، ويحبطون مخططاتهم العدوانية العنصرية التي تستهدف أولى القبلتين.
ودعا الفلسطينيين في الداخل وكل من يستطيع الوصول إلى القدس إلى شد الرحال، وضرورة التواجد المستمر والمرابطة في المسجد الأقصى وفي ساحاته، لرد أي اعتداء يستهدفه، مؤكدا وقوف الحكومة بكل طاقاتها لتوفير متطلبات الصمود للمقدسيين، وموجها الدعوة للعالمين العربي والإسلامي لتقديم الدعم العاجل لمؤازرة المدينة المقدسة، للحفاظ على هويتها العربية وتراثها الديني والثقافي والإنساني، ودعم صمود المواطنين في القدس، وفي كافة الأراضي الفلسطينية 'التي تتعرض لأشرس هجمة استيطانية وأبشع الجرائم، التي تصنف كجرائم حرب وجرائم عدوان وجرائم ضد الإنسانية'.
وأعرب عن شكره وتقديره للمملكة العربية السعودية الشقيقة لتحويلها الأموال التي التزمت بتقديمها من خلال شبكة الأمان المالية العربية في موعدها، مجددا دعوته للدول العربية الشقيقة الأخرى إلى تقديم ما يترتب عليها من مستحقات لشبكة الأمان المالية التي أقرتها القمم العربية، إضافة إلى تفعيل شبكة الأمان الإسلامية، وذلك لمواجهة المخططات الإسرائيلية، ودعم صمود أهلنا في المدينة المقدسة.
وعلى صعيد آخر، دعا المجلس إلى رفع علم دولة فلسطين فوق البيوت والمدارس والمتاجر والجامعات والمؤسسات، تزامناً مع مراسم رفع علم دولة فلسطين في مقر الأمم المتحدة يوم 30 من الشهر الجاري.
وأعرب عن شكره وتقديره لجميع الدول التي صوتت لصالح رفع علم فلسطين في الأمم المتحدة، مثمناً كافة الجهود التي بذلت فلسطينيا وعربيا ودوليا لإنجاح هذه الخطوة، معتبرا هذا النجاح السياسي الدبلوماسي تعبيرا حقيقيا عن التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، وحقه في الدولة المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، وكافة حقوقه المشروعة ونضاله ضد الاحتلال والاستيطان. وأكد المجلس إصرار الشعب الفلسطيني بدعم من أحرار العالم على رفع العلم الفلسطيني فوق مآذن وكنائس القدس، عاصمة دولة فلسطين بإذن الله.
كما ثمّن قرار إعلان الجامعة العربية مشاركة أمينها العام الدكتور نبيل العربي، ووزراء الخارجية العرب مع سيادة الرئيس في مراسم رفع علم دولة فلسطين، على هامش انعقاد الدورة الجديدة للجمعية العامة للأمم المتحدة أواخر الشهر الجاري.
إلى ذلك، أكد المجلس حرص الحكومة على تأمين الحياة الكريمة للأسرى المحررين، مؤكدا أن هيئة شؤون الأسرى والمحررين تتبع منظمة التحرير الفلسطينية، والحكومة لن تتوانى عن تقديم الدعم اللازم من خلال الصندوق القومي الفلسطيني، لتطبيق التشريعات الخاصة بالأسرى.
ودعا الأمم المتحدة للعمل على تأمين الحماية للأسرى في معتقلات الاحتلال، وإلزام إسرائيل للاعتراف بهم كأسرى دولة، خاصة بعد انضمام دولة فلسطين إلى الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وفي ظل القوانين العنصرية والانتهاكات الصارخة للقانون الدولي والإنساني بحق الأسرى، وسياسة الاعتقال الإداري، وقانون التغذية القسرية العنصري، وغيرها من الانتهاكات تجاه الأسرى وحقوقهم.
وحمّل المجلس الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن حياة الأسير سامي أبو دياك الذي يعاني أوضاعاً صحية خطيرة، بسبب سياسة الإهمال الطبي، التي أودت بحياة مئات الفلسطينيين في معتقلات الاحتلال.
وفي سياق منفصل، أطلع رئيس الوزراء أعضاء المجلس على نتائج زيارته والوفد المرافق إلى فرنسا وترؤسه مع نظيره الفرنسي لأعمال اللجنة الوزارية الفلسطينية الفرنسية المشتركة، وعقده لعدد من اللقاءات مع رئيس الوزراء الفرنسي، والوزراء ورؤساء الهيئات الحكومية الفرنسية، إلى جانب لقائه وفدا من رجال الأعمال الفرنسيين وممثلي الاتحادات الصناعية، وزيارته لمعهد العالم العربي بباريس، معبرا عن ارتياحه لهذه الزيارة، ولنتائجها في تعزيز التعاون المشترك خصوصًا على الصعيد السياسي والاقتصادي، وترسيخ العلاقات الثنائية بين البلدين،وتقدم المجلس بالشكر إلى فرنسا رئيسا وحكومة وشعبا لدعمها المميز لحقوق شعبنا العادلة، وتقديره لجهود فرنسا في دعم صمود الشعب الفلسطيني وثباته على أرضه، مؤكدا على أن الاستثمار الفرنسي في دعم الدولة الفلسطينية هو استثمار في الديمقراطية والسلام والاستقرار في المنطقة بأكملها.
وفي السياق ذاته، أطلع رئيس الوزراء أعضاء المجلس على نتائج اجتماعه بالوفد الفرنسي خلال زيارته إلى فرنسا، والذي ضم عددا من رجال الأعمال، وممثلي عدد من الشركات العالمية والاتحادات الصناعية، وممثلي وزارات الحكومة الفرنسية، والذين أكدوا على الدعم الفرنسي لفلسطين والاستثمار في دعم اقتصادها الوطني، وتعزيز الشراكة بين البلدين.
وبهذا الخصوص، أكد الحمد الله أن الحكومة الفلسطينية اتخذت العديد من الخطوات والقرارات لتشجيع الاستثمار على الصعيد المحلي، وعلى الصعيد الدولي، لا سيما الاستثمار الفرنسي، وتعزيز ذلك بالشراكة الاقتصادية مع فرنسا في عدة مجالات، وعن طريق تنفيذ عدد من المشاريع كان آخرها إنهاء المرحلة الأولى من المنطقة الصناعية في بيت لحم.
وشدّد أن الحكومة تسعى بشكل حثيث بالتعاون مع الشركاء الدوليين خاصة فرنسا، للنهوض بالواقع الاقتصادي رغم العقبات الإسرائيلية المفروضة، وبشكل خاص في المناطق المسماة 'ج'، وحث رجال الأعمال الفرنسيين على تعزيز الاستثمار الفرنسي في قطاع غزة.
وتوقف المجلس عند قيام حركة حماس بفرض رسوم جديدة تحت مسميات مختلفة على البضائع القادمة إلى المحافظات الجنوبية من المحافظات الشمالية، معربا عن رفضه لهذه الإجراءات التي تزيد من معاناة أهلنا في قطاع غزة.
وأكد 'أن هذه الرسوم باطلة وغير قانونية، وتساهم في تعميق الانقسام وتعطيل مسيرة المصالحة، وتعرقل تطبيق سياسات حكومة التوافق، وتلحق ضررا بالغا بالتنمية الاقتصادية، وتضعف قدرة المنتج الوطني على منافسة المنتجات الأخرى، وخاصة الإسرائيلية المتواجدة بكثرة في أسواق المحافظات الجنوبية، داعيا حماس إلى وقف هذه الرسوم'.
وأكد المجلس 'أن الحكومة ليست مسؤولة عن مشاكل انقطاع الكهرباء في قطاع غزة، وقد بذلت أقصى الجهود لإصلاح شبكة الكهرباء المتضررة جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ورفع إمدادات الكهرباء، وإعفاء محطة توليد الكهرباء من ضريبة 'البلو'، وتحملت فاتورة الكهرباء الشهرية.
وأوضح أن الحكومة قامت بإدخال 3194 كوبا من الوقود، إضافة إلى ما يقارب 2000 كوب من الجانب المصري، وذلك ابتداء من الشهر الجاري فقط، وتواصل جهودها لإيجاد حلول دائمة طويلة الأجل، تتمثل في تمديد خط لتزويد محطة الكهرباء بالغاز الطبيعي، بالتنسيق مع دولة قطر الشقيقة.