غزة – محمد حبيب
أجمع محللون إسرائيليون على أن إقدام أحد جنود الاحتلال الاسرائيلي على تصفية شاب فلسطيني جريح في الخليل قبل يومين نتاج تحريض فج من ساسة ومرجعيات دينية، وقال معلق الشؤون العسكرية في قناة التلفزة الثانية روني دانئيل إن المسؤول المباشر عن إعدام الفلسطيني على يد الجنود هو الحاخام الشرقي الأكبر إسحاق يوسيف الذي أصدر مؤخرًا فتوى تلزم الجنود بإطلاق النار على كل مقاوم فلسطيني يحمل سكيناً حتى لو تعارض الأمر مع تعليمات قادته العسكريين.
وخلال مشاركته في برنامج "هيومان" الذي بثته القناة الليلة الماضية، أضاف دانئيل: "علينا أن نتوقع تنفيذ مثل هذه الجرائم بدم بارد في ظل التحريض على القتل الذي تقوم به المرجعيات الدينية وكثير من الوزراء والنواب ".
من ناحيته كشف أمنون أبراموفيتش، كبير المعلقين في القناة النقاب عن أن الجندي الذي نفذ الجريمة يعد ناشطاً في منظمة "لإهفا" الإرهابية التي تجاهر بدعمها لتنفيذ عمليات إرهابية ضد الفلسطينيين. وخلال مشاركته في نفس البرنامج، نوه أبراموفيتش إلى أن صفحة الفيسبوك الخاصة بالجندي، الذي تحفظت المحكمة العسكرية على الكشف عن اسمه، تزخر بالمنشورات المحرضة على قتل العرب.
وأشار المعلق بن كاسبيت إلى أن ما أقدم عليه الجندي هو نتاج طبيعي للفضاء الديني والاجتماعي والثقافي السائد في إسرائيل.
وأثناء مشاركته في برنامج "الأسبوع" الذي بثته قناة التلفزة العاشرة الليلة، أضاف كاسبيت "مع تعاظم تمثيل المتدينين في الجيش سيما من الضباط القتاليين، وفي ظل تحريض المرجعيات الدينية على القتل، فأنه يتوجب علينا أن نتوقع حوادث أكثر فظاعة ".
ويشار إلى أن الحاخام زلمامملميد، أحد أبرز المرجعيات الدينية اليهودية قد أفتى العام الماضي بأنه يتوجب على الجنود المتدينين تنفيذ توجيهات حاخاماتهم حتى لو تعارضت مع تعليمات قادتهم العسكريين. وكان كلاً من وزير الدولة الليكودي أوفير أوكينوس ووزير التعليم نفتالي بنات قد أعلنا تأييدهما لما قام به الجندي.
ونقلت الإذاعة العبرية عن بنات قوله في كلمة له أمام طلاب الخميس الماضي: "هذا الجندي مثال للجندي الذي يعمل كل ما في وسعه من أجل حماية الدولة ومواطنيها ". ونقلت قناة التلفزة الأولى أمس عن أوكينوس قوله: "أنا أفضل الإرهابي ميت على أن يكون هناك أي احتمال بأن يتعرض أحد جنودنا لأي ضرر ".
في سياق متصل وجه محللون إسرائيليون انتقادات ضد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، الذي زعم إنه توجد علاقة بين هجمات تنظيم 'داعش' الإرهابية والهبة الشعبية الفلسطينية ضد الاحتلال. وزعم نتنياهو في مؤتمر صحفي عقده الأربعاء، وفي خطاب أمام 'أيباك' أول من أمس، أن العمليات التي ينفذها الفلسطينيون في سياق الهبة شبيهة بالهجمات الإرهابية في بروكسل وإسطنبول وباريس وساحل العاج.
ووصفت المحللة السياسية في صحيفة 'يديعوت أحرونوت'، سيما كدمون، سلوك نتنياهو بعقد المؤتمر الصحفي بأنه استغلال هجمات بروكسل للتعبير عن شماتة 'وتشبيهها بالإرهاب الفلسطيني. 'كأن عمليات الطعن في شوارع إسرائيل التي ينفذها شبان فلسطينيون يائسون ويفتقرون لمستقبل مشابهة لاعتداءات إرهابية للإسلام الجهادي المتطرف، التي أهدافها ودوافعها مختلفة بالمطلق عن تلك الفلسطينية'.
وانتقدت كدمون زعم نتنياهو بأن اعتداءات 'داعش' والعمليات الفلسطينية 'لا تنبع من الظلم وإنما من أيديولوجية قاتلة'. وكتبت المحللة 'كأن قصة فتى من القدس الشرقية، الذي ترزح عائلته تحت حكم إسرائيلي منذ خمسة عقود، هي القصة ذاتها للأخوين من بروكسل، الموجودان تحت تأثير الإسلام الراديكالي. بماذا تختلف شماتة نتنياهو، الذي يصعب عليه إخفاء حماسته لإظهار ’قلت لكم’، عن شماتة (الرئيس التركي رجب طيب) إردوغان، الذي يوازي بين الهجمات الإرهابية لداعش وبي.كي.كي.، منظمة المتمردين الأكراد'. وأضافت أن 'الأمر ليس متعلقا بـ'قلت لكم’ فقط، وإنما أيضا بالشكل الوصائي والمتعجرف الذي يتطرقون فيه لدينا إلى الإرهاب العالمي. وكأننا، بتجربتنا، يمكننا أن تعلمهم ما هو الإرهاب.
عذرا، ماذا يمكننا أن نعلمهم بالضبط، كيف نجحنا في اجتثاث الإرهاب؟' في إشارة إلى عجز إسرائيل عن وقف الهبة الفلسطينية أو تهدئتها. وتابعت كدمون أن 'هذا كان مؤتمرا صحفيا لا حاجة له ومصطنع، وهدفه كان توفير شعور بأن إسرائيل هي جزء لا يتجزأ من الإرهاب العالمي، وأن الإرهاب الفلسطيني والإرهاب العالمي سيان، وفيما ما زالوا في العالم لا يعرفون كيف يواجهون هذا، وأنه لحظنا تعلموا ذلك عندنا'.
من جانبه، أكد الصحافي غدعون ليفي في 'هآرتس' على أن 'الإرهاب الفلسطيني إجرامي بوسائله، لكنه عادل في أهدافه: من أجل إنهاء الاحتلال. ولا توجد علاقة بين الانتحاري في مترو بروكسل والفتى الذي يطعن عند باب العامود. وألف خطاب لبنيامين نتنياهو في مؤتمر ’أيباك’ لن تنجح في إرباك أشخاص نزيهين: الإرهاب الفلسطيني هو وسيلة اللا خيار، أداة بأيدي ضعفاء لتحقيق هدفهم العادل'. ولفت ليفي إلى أن 'النوع الثالث من الإرهاب هو ذاك الذي تمارسه دولة. إسرائيل مثلا. قتل جماعي لأبرياء، كذاك الذي حدث في غزة ولبنان، لا يعتبر إرهابا، لأنه لا ينفذه متوحشون مسلمون أو انتحاريون شيعة، وإنما طائرات أميركية متطورة، يقودها شبان إسرائيليون أخلاقيون. لكن هذا إرهاب أيضا، رغم أنه من نوع آخر'.