غزة – محمد حبيب
احتجّ العشرات من أصحاب المنازل المدمّرة في العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، على تأخير إعمار منازلهم للشهر الخامس على التوالي، مستهجنين الصمت الدولي إزاء معاناتهم.
وطالب المحتجّون، خلال وقفة نُظمت في مدينة غزة، الأربعاء، المجتمع الدولي بضرورة التحرك الفوري والسريع، من أجل فتح المعابر وإتمام عملية الإعمار فورًا، سيما في ظل المعاناة القاسية التي تمر بها أسرهم.
وشارك في الوقفة، أصحاب البيوت المدمّرة، رافعين لافتات تطالب بإعادة الإعمار "غزة .. ما زالت تعاني"، "لاجئون.. نريد العيش بكرامة"، "نطالب أحرار العالم بالضغط من أجل إدخال مواد البناء ورفع الحصار عن غزة".
وناشد المحتجّون أيضًا رئيس السلطة برفع الفيتو المفروض على الحكومة والسماح لها بممارسة دورها تجاه غزة.
ودعا المتظاهرون، في بيان لهم، حكومة التوافق والمجلس الوطني إلى ضرورة تحمّل مسؤولياتهم تجاه معاناتهم.
وذكر البيان، أنه "لا بدّ على الجميع أن يقوموا بواجباتهم تجاه أبناء قطاع غزة كافة، والمتضررين منهم خاصة، فأوضاع قطاع غزة باتت لا تطاق، والانقسام المقيت يزيد الوضع سوءًا".
وحثّ البيان، الفصائل الفلسطينية كافة على ضرورة التوحد لمواجهة الانتهاكات "الإسرائيلية" المتكررة بحق الفلسطينيين، والعمل الجاد من أجل الوصول بأهالي القطاع إلى بر الأمان.
وما زالت الآلاف من الأسر التي دُمرت منازلها في العدوان الأخير على غزة، رهن التشرد والضياع بفعل تأخر عملية الإعمار.
وكشفت حكومة التوافق، عن عدم البدء في الإعمار الكلي، بدعوى عدم وجود خطة أممية تساعد في تسهيل مهامها، بالإضافة إلى تعنت الاحتلال بعدم إدخال مواد البناء إلى القطاع.
وانتقد اقتصاديون ونقابيون الآلية الأممية المعمول بها لإعادة إعمار قطاع غزة، وطالبوا بضرورة أن يكون هناك دورًا أكثر فاعلية للسلطة والقطاع الخاص.
وأضاف المراقبون الاقتصاديون أن الآلية أثبتت بعد مضي ستة أشهر على انتهاء الحرب الأخيرة على غزة فشلها في تلبية الحد الأدنى من متطلبات إعادة الإعمار.
وقلل نائب رئيس اتحاد المقاولين نبيل أبو معيلق، خلال جلسة استماع نظمها المعهد الفلسطيني للاتصال والتنمية بالتعاون مع مؤسسة أمان في غزة، من جدوى كميات الأسمنت المحدودة التي تم توريدها إلى غزة منذ انتهاء العدوان.
وأوضح أن حجم كمية الأسمنت الواردة خلال الأشهر الماضية لم تتجاوز 40 ألف طن، ما يعني أنها كمية تلبي احتياجات القطاع لمدة أسبوع واحد .
واعتبر أبو معيلق أن آلية الأمم المتحدة لإعادة الاعمار زادة من حدة معاناة متضرري الحرب من أصحاب البيوت والمنشآت المدمرة كليًا، إذ لم تتلق هذه الشريحة أي تعويضات أو مواد بناء لإعادة إعمار منازلهم المدمرة كليًا والذين يقدر عددهم بما يزيد عن عشرين ألف متضرر.
وانتقد أبو معيلق، الطريقة التي تدار بها عملية إعادة الإعمار، لافتًا إلى أنه "في الوقت الذي ينتظر المتضررون الحصول على تعويضات مالية لإعادة إعمار منازلهم تقوم الأمم المتحدة بصرف مبالغ مالية كبيرة للخبراء والموظفين الدوليين العاملين ضمن خطتها التي وصفها بالعقيمة" .
وشدّد أبو معيلق على تمسك القطاع الخاص بمطالبه المتعلقة بإلغاء خطة سيري منوهًا في ذات الوقت الى أنه إذا لم يتم إلغاء هذه الخطة فسيضطر القطاع الخاص للتعامل مع الوضع الحالي وسيواصل جهده من أجل تحسينه .
وقال أبو معيلق، إن "العام الجاري 2015 لا يبشر بالخير ويشير إلى بطء ملحوظ في تنفيذ عملية الإعمار وهو عام مقلق سياسيًا واقتصاديًا ونأمل أن تطرأ تطورات إيجابية تكفل طمأنة المتضررين سيما في ظل ما صدر أخيرًا عن وكالات ومنظمات أممية من تصريحات حول تباطؤ عملية إعادة الإعمار التي توقعت منظمة أوكسفام البريطانية أن تستمر لمائة عام ما لم يتم تعديلها" .
وأكد مدير شركة "سند للصناعات الإنشائية" في قطاع غزة حازم عبدالعال، أن الأسمنت الوارد لقطاع غزة يخضع للفحوص المخبرية التي أثبتت جودته وتمتعه بالمواصفات الأوروبية، لافتًا إلى أن شركة "سند" تطلب من الشركات المصنعة للأسمنت وتحديدًا الشركة الإسرائيلية "نيشر" تزويدها بنتائج الفحوصات التي تجريها في مختبراتها بشكل شهري.
وتطرق عبدالعال إلى اللغط الذي أثير حول جودة الأسمنت الذي يدخل إلى القطاع، مبينًا أنه يتم توريد عدة أنواع من الأسمنت لاستخدامات متعددة.
وأوضح أن جميع الفحوصات التي أجريت على هذه الأنواع في كافة مختبرات القطاع ومنها مختبر الجامعة الإسلامية ومختبر نقابة المهندسين أشارت إلى مطابقته للمواصفات الأوروبية.
وأشار عبدالعال، في معرض رده على اتهام شركة "سند" باحتكار الأسمنت في السوق المحلية، إلى أن نحو 14 شركة في الضفة الغربية لديها رخص لاستيراد الأسمنت من الأردن وتركيا، مضيفًا "ولكن بموجب أن شركة سند وكيل لشركة نيشر الإسرائيلية فهي تقوم بتسويق أسمنت نيشر بالإضافة إلى قيام سند باستيراد الأسمنت من الأردن وتركيا كباقي الشركات العاملة في هذا المجال".
ولفت عبدالعال إلى أن شركة "سند" شرعت في إرساء اللبنة الأولى لإنشاء مصنع للأسمنت كداعم للاقتصاد الوطني، كما تعمل على تعبئة وتسويق أسمنت نيشر ولا تحتكر عملية تسويق الأسمنت إذ أن نسبة سيطرة سند على تسويق الأسمنت في السوق المحلية تتراوح من 75 % إلى 80% .
وذكر مدير شركة "سند للصناعات الإنشائية"، أن التباين في السعر الرسمي للأسمنت في الضفة الغربية وغزة يرجع إلى ارتفاع كلفة النقل والرسوم التي يجبيها الجانب الإسرائيلي على معبر كرم أبو سالم والتي تبلغ 30 شيكل عن كل طن أسمنت.
وأضاف أن شركته ليست طرفًا في توريد مواد البناء الأخرى من الحصمة وحديد البناء .
وانتقد الباحث والخبير الاقتصادي عمر شعبان، خطة المبعوث الأممي روبرت سيري لإعادة الإعمار والآلية الأممية المعمول بها لإدخال مواد البناء اللازمة، معتبرًا أن هذه الآلية أسهمت في تمكين وتثبيت الحصار الإسرائيلي على القطاع.
وأبرز شعبان، أنه من الضروري أن يكون للسلطة دورًا في عملية إعادة الإعمار وأن لا يُترك هذا الأمر برمته للأمم المتحدة التي تحدد عملية إدخال مواد البناء بكميات محدودة لا تفي بالحد الأدنى لمتطلبات إعادة الإعمار.
وقال الخبير الاقتصادي، إن "الأمم المتحدة ترتكب جريمة من خلال مبعوثها روبرت سيري والمبعوث القادم كما أن الموظفين الأجانب الذين يتقاضون رواتبًا خيالية يعمدوا إطالة عملية إعادة الإعمار وتثبت الحصار الإسرائيلي وبالتالي لا بدّ من تدخل السلطة لفتح المجال أما التجار لاستيراد الأسمنت وعدم ترك هذا الأمر لاحتكار شركة سند ".
وانتقد شعبان، دور القطاع الخاص وإذعانه للقبول بآلية إدخال مواد البناء المعمول بها، داعيًا في هذا السياق القطاع الخاص إلى مقاطعة الآلية الأممية المعمول بها لإدخال مواد البناء .