أطفال القدس

 قالت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال إن الأطفال المقدسيين ما زالوا يعانون جراء الاعتداءات المختلفة التي تمارس ضدهم من قبل المستوطنين، وسط تواطؤ أجهزة الاحتلال الرسمية.

ووثقت الحركة حالات تسعة أطفال مقدسيين تعرضوا لاعتداءات من قبل المستوطنين، منذ بداية العام الجاري، فيما أشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة (أوتشا)، في تقاريره، إلى أنه وثق 139 اعتداء من قبل المستوطنين منذ بداية عام 2014 وحتى الآن في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية.

ومن الحالات التي وثقتها الحركة، الطفلان الشقيقان محمد وفداء أبو وهدان (13، و11 عاما) من قرية سلوان، اللذان تعرضا لاعتداء من قبل مجموعة من المستوطنين في التاسع من حزيران الجاري، عندما كانا في طريقهما إلى المسجد الأقصى.

وقال الطفل محمد أبو وهدان، في إفادته للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، إنه خرج وشقيقته فداء في ذلك اليوم للمشاركة في مخيم صيفي يقام في المسجد الأقصى، وقد سلكا طريق باب المغاربة، ومن ثم إلى حارة الشرفة للوصول للمسجد لأنه لا يوجد لهما سوى هذه الطريق.

وأضاف أبو وهدان أنه لدى وصولهما حارة الشرفة المعروفة باسم 'حارة اليهود'، هاجمهما مستوطنان تتراوح أعمارهما بين 16-17 عاما، وضربه أحدهما على فمه ومن ثم سدد له عدة لكمات على مختلف أنحاء جسده وأسقطه أرضا، في حين اعتدى المستوطن الثاني على شقيقته فداء بضربها على وجهها، وأسقطها أرضا أيضا.

استمر الاعتداء على الشقيقين أبو وهدان ما يقارب من الخمس دقائق، حتى حضر شاب فلسطيني وخلصهما من بين يدي المستوطنين، وفق ما أفاد به الطفل محمد.

وأضاف أن ستة جنود وشرطيين إسرائيليين حضروا للمكان بعد ذهاب المستوطنين، وأوقفوهما وسألوهما عن أسمائهما، مشيرا إلى أن أحد الشرطيين تكلم مع الآخر باللغة العربية أمامهما وقال إنه سيذهب لإحضار المستوطنين ويسألهما إن كانا يريدان رفع قضية على الشقيقين أبو وهدان، قبل أن يخلوا سبيلهما.

وقال مدير عام الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال– فلسطين خالد قزمار 'إنه في كثير من الحوادث قامت الشرطة الإسرائيلية بمعاملة الأطفال المقدسيين كمشتبه بهم نتيجة لاعتداءات المستوطنين في القدس، حيث يصبح الأطفال المقدسيون ضحية مرة أخرى'، مضيفا أن 'المستوطنين يرون في ذلك حماية لهم من أي ملاحقة ويعتبرونه دافعا لاستمرار اعتداءاتهم'.

ويشير الطفل أبو وهدان إلى أنهم يتعرضون بشكل متكرر لاعتداءات المستوطنين وحراسهم بسبب قرب منزل عائلته من باب المغاربة، مشيرا إلى تعرض شقيقته إسراء (16 عاما) إلى اعتداء من قبل أحد حراس المستوطنين في الرابع من الشهر الماضي، وذلك برش غاز الفلفل على وجهها خلال مرورها في حارة الشرفة بالبلدة القديمة برفقة شقيقه أحمد (9 سنوات)، بعد أن احتجت على عدد من المستوطنين قاموا بقذف كرة نحوها بشكل متعمد.

أما الطفل معتز أبو دياب (13 عاما)، من حي اللوزة في قرية سلوان، فقد تعرض للضرب أثناء توجهه للمدرسة من قبل حارس مستوطنة في الحادي عشر من الشهر الماضي.

وقال الطفل أبو دياب، في إفادته للحركة، إن الطريق التي يسلكها للوصول لمدرسته تمر بالقرب من مستوطنة 'بيت يونتان'، وذلك اليوم هاجمه حارس المستوطنة الذي كان مسلحا بمسدس، بشكل مفاجئ، واعتدى عليه بالضرب على مختلف أنحاء جسده.

وأضاف أن ثلاثة جنود إسرائيليين حضروا وأبعدوا حارس المستوطنة عنه، وطلب منه أحدهم الاتصال بأهله حتى يحضروا شهادة الميلاد الخاصة به، وقال: 'لم ينتظر الجنود حتى يحضر أهلي شهادة الميلاد وقاموا بتكبيل يديّ بكلبشات حديدية إلى الأمام ودفعوني إلى داخل الجيب، وساروا بي حوالي عشر دقائق حتى وصلنا مركز شرطة شارع صلاح الدين'، مشيرا إلى أنه تعرض للضرب على رأسه من قبل أحد الجنود أثناء نقله بالجيب.

أُجلس الطفل أبو دياب على كرسي حديدي داخل مركز الشرطة وهو مكبل اليدين حوالي ساعتين، وقال: 'كنت أشعر بالخوف والقلق ولا أعرف ماذا يمكن أن يحدث معي، وكانت يداي تؤلمانني من الكلبشات، وكنت أشعر بالعطش، لكني كنت خائفا من طلب الماء'.

خضع الطفل أبو دياب للتحقيق، ووجه له المحقق الإسرائيلي تهمة إلقاء حجارة على سيارة مستوطنين داخل مستوطنة 'بيت يونتان'.

وأضاف: 'قال لي المحقق إن هناك إثباتات أنني ألقيت حجارة على السيارة، لكنني أنكرت التهمة وطلبت رؤية تلك الإثباتات، إلا أن المحقق رفض ذلك وقال إنه سيعرضها أمام القاضي في المحكمة'.

وتابع: 'هددني المحقق أكثر من مرة بأنه سيسجنني إذا لم أقل الحقيقة، وأنا كنت أنفي كل هذه التهم، فأخذ يضرب بقوة على الطاولة ويصرخ عليّ، وأنا كنت أشعر بالخوف والقهر'.

أفرج عن الطفل أبو دياب بعد حضور والده لمركز الشرطة، وخضع للحبس المنزلي لمدة خمسة أيام، وسمح له فقط بالذهاب للمدرسة برفقة والده.

وقال: 'ما حدث معي جعلني أشعر بالظلم، التهمة ألصقت بي من حارس المستوطنة المعروف بأنه يحتك كثيرا بالطلبة أثناء توجههم للمدرسة'.

كما وثقت الحركة حالة الطفلين راضي الددو (14 عاما) ومحمد عسيلة (14 عاما) من البلدة القديمة بالقدس، اللذين تعرضا لاعتداء من قبل مستوطن في الثاني والعشرين من شهر نيسان الماضي.

ويقول الطفل الددو إنه كان يقود دراجته الهوائية وصديقه محمد يجلس خلفه، في طريق البرقوق بالقدس القديمة، عندما دفعهما مستوطن ما أدى لسقوطهما أرضا وإصابتهما بجروح ورضوض.

ويضيف أنه شاهد المستوطن يفر من المكان بعد الاعتداء، وأن جنديين إسرائيليين حضرا للمكان بعد أن تجمع المواطنون حولهما، وقالا إنهما شاهدا المستوطن الذي نفذ الاعتداء.

نقل الطفل الددو إلى مستشفى المقاصد وتم تقديم العلاج اللازم له، وقال إن ابن عمه توجه إلى مركز الشرطة الموجود في البلدة القديمة لرفع شكوى ضد المستوطن الذي اعتدى عليه وعلى صديقه، مشيرا إلى أنهم يتعرضون كثيرا لاعتداءات المستوطنين، خاصة السب والشتائم.

أما محمد عسيلة، فأصيب برضوض مختلفة جراء الاعتداء، ويقول إنه أصبح يتجنب مغادرة المنزل والذهاب للحارة بسبب خوفه من أن يتعرض لاعتداء جديد من قبل المستوطنين.