"نفق بلعا" معلم أثري تاريخي في انتظار الترميم

تتجه أنظار المؤسسات المحلية والمعنية بترميم الآثار التاريخية الفلسطينية، نحو إعادة تأهيل وترميم النفق العثماني المعروفة باسم (الخرق)، الواقع شرق بلدة بلعا شرق محافظة طولكرم.

وتعتبر بلدة بلعا من القرى ذات الطبيعة الخلابة المتمثلة بجبالها المرتفعة الشامخة، وأراضيها الزراعية الخصبة، كما أنها حلقة الوصل ما بين محافظتي طولكرم وجنين، إذ تحتل مركزا هاما وحيويا في الأماكن الأثرية القديمة، ومنها في جهتها الشرقية النفق العثماني المعروف بـ(الخرق)، كونه يخترق باطن الجبل من بدايته وحتى نهايته.

ويوصف النفق من قبل الباحثين والمختصين بالآثار بحد ذاته معلما أثريا جذابا، يتجلى فيه جمال البناء وروعة المنظر، ويكتسب أهمية تاريخية كبيرة لدى أهالي بلعا والمحافظة من جهة، وباقي محافظات الوطن من جهة أخرى، إذ يشكل نقطة التقاء للعديد من القرى المجاورة، يتم خلالها التعارف بين الناس، حيث يعتبر المتنفس الوحيد وقبلة الباحثين عن الهدوء والهواء النقي، ما يفسح المجال للتأمل والاسترخاء الذهني في كافة فصول السنة.

ويعود تاريخ النفق إلى عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني الذي حكم ما بين الفترة (1876 – 1909) ميلادي، وتم إنجاز النفق بمشروع سكة حديد الحجاز في بداية القرن العشرين، لتسهيل سفر الحجاج من فلسطين وبلاد الشام إلى الديار الحجازية، ولتخليد هذا الإنجاز (المشروع) أقيم احتفال كبير في ساحة المرجة بدمشق، وحتى اليوم يرى الزائر لتلك الساحة نصباً تذكارياً لذلك.

والنفق عبارة عن خرق تمر فيه سكة الحديد، وفي جوانبه من اليمين والشمال، يوجد (وسعات) يمكن أن يتوقف داخلها أي شخص إذا ما فاجأه القطار المار عبر النفق، إضافة إلى قناديل للإضاءة في حال وصل القطار ليلاً، وتشير الدراسات التاريخية إلى أن هذه المنطقة كانت معمورة قديما.

ويقول مدير مكتب وزارة السياحة والآثار في طولكرم مفيد صلاح، إن تسمية النفق العثماني بالخرق تعود لاختراقه باطن الجبل، حيث بدأ العمل به سنه 1876 واستمر لغاية عام 1909، فيما نفذ بناءه أفراد من العسكر الذين كان يطلق عليهم في حينه (السخرة).

وتابع صلاح إنه تم إدراج منطقة الخرق على موقع الخارطة السياحية في فلسطين من ضمن المواقع الأثرية المميزة التي تستحق الاهتمام والتأهيل وإعادة الترميم بالتعاون مع المجتمع المحلي ومن خلال الشراكة مع مؤسسة المحافظة، خاصة أن نفق الخرق مقام على أنقاض خربة أثرية رومانية يطلق عليها اسم (راشين) وهي أعلى نقطة جبلية في محافظة طولكرم.

محافظ طولكرم العميد عصام أبو بكر، أكد على أهمية الاهتمام بالمكان وترميمه للحفاظ على حاضره التاريخي وليكون شاهداً على عظم المكان الذي أنشأ على أنقاض خربة رومانية، موضحاً أنه ومن خلال الشراكة والتعاون مع البلديات والمجالس المحلية التي تعنى بالمكان يمكن ترميم الخرق والاستفادة من المبادرة الشبابية لطلائع مؤسسة الرؤيا الفلسطينية لترميم النفق وتحويله لموقع سياحي تاريخي.

وأشار إلى ضرورة تحويل موقع الخرق العثماني لمكان ثقافي سياحي من خلال التعاون والشراكة مع وزارة السياحة والآثار وجهات الاختصاص انطلاقاً من جمالية المكان وموقعه الخلاب الذي يستدعي العمل على ترميمه والحفاظ عليه.

من جانبه، أكد باسم بني شمسة مدير مشروع الإنجاز الشبابي في مؤسسة الرؤيا الفلسطينية، أنه ومن خلال مبادرة الطلائع الشبابية وضمن موارد ذاتية وتطوعية ومن خلال مساهمة المجتمع المحلي جاءت مبادرة ترميم الخرق العثماني، موضحاً أن الهدف في المستقبل بأن يتحول المكان إلى منتدى ثقافي وموقع سياحي.

بدوره، عبر رئيس بلدية بلعا أحمد منصور، عن تعاون البلدية في إطار متابعة ترميم الخرق العثماني وضمن الإمكانيات التي تستطيع توفيرها، مشدداً على أهمية أن يكون هناك مشروع كامل للترميم بدعم من وزارة السياحة والآثار إضافة للشراكة مع المجالس القروية القريبة من المكان.

ويشار أن محافظ طولكرم عصام أبو بكر، قد زار منطقة الخرق العثماني اليوم الخميس على رأس وفد من وزارة السياحة والآثار وبحضور ومشاركة مدراء عدد من المؤسسات الحكومية إضافة لمشاركة قائد منطقة طولكرم وبحضور نائب مدير  الشرطه