القاهرة - فلسطين اليوم
بدأ القائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر زيارة مفاجئة إلى القاهرة غداة مغادرة رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج مصر إلى تونس.
التصريحات الرسمية المصرية أكدت مراراً أن ما يهم القاهرة هو الحفاظ على الأمن القومي، وذلك لا يتسنى إلا بواسطة ليبيا موحدة بجيش قوي تتوفر له الإمكانات لخوض المواجهة مع تنظيمي "داعش" و"القاعدة"، وقد كانت مصر من أكثر الدول مطالبةً برفع حظر التسليح عن الجيش الليبي لتمكينه من بسط نفوذه على كامل الأراضي الليبية. ولكي يتحقق ذلك، لا بد من حكومة وفاق وطني تضمن استقرارا سياسيا وأمنيا، ما سينعكس بتأمين الجبهة الغربية لمصر وتمهيد الطريق أمام بداية جديدة لبلد يتخبط في نزاعات لا تنتهي منذ خمس سنوات.
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وفي لقاء سابق جمعه بالسراج، أكد ثوابت موقف بلاده إزاء الأزمة الليبية، منوهًا بأهمية دعم مؤسسات الدولة، بما فيها الجيش الوطني والشرطة، والحفاظ عليهما ركيزتين أساسيتين لاستعادة الأمن ومكافحة الإرهاب، كما شدد السيسي على أهمية رفع الحظر المفروض على توريد السلاح إلى الجيش الليبي، بما يمكنه من أداء مهماته الوطنية.
مهمات عديدة تصبو إليها زيارة المسؤول العسكري الليبي إلى القاهرة، وخاصة أنها تأتي بعد نحو أسبوع من إشادة الرئيس السيسي العلنية به وبالجيش الليبي وتعاونهما مع مصر في مهمة الإفراج عن 20 عاملاً مصرياً في عمق الجنوب الليبي، فضلاً عن اهتمام مصر البالغ بدعم وتقوية الجيش الليبي تحت قيادة الفريق حفتر، التي تراها القاهرة قيادة مناسبة وقوية.
ولا يستبعد المحللون أن تدعمه مصر لدى حكومة الوفاق الوطني الليبي المنتظرة والتي يعيد فايز السراج تشكيلها مجدداً بعد تحفظات البرلمان الليبي عليها، وأن تسعى القاهرة إلى ضمان بقائه في موقعه قائداً للجيش إن لم تسلم إليه حقيبة الدفاع.
التسريبات تتحدث أيضاً عن مباحثات لحفتر مع قيادات مصرية رفيعة المستوى تتطرق إلى ملفات مختلفة أبرزها: احتياجات الجيش الليبي وتدريب أفراده، والنواحي التسليحية؛ وهي مسألة يجري التعاون المصري-الليبي فيها بشكل معلن أحياناً وغير معلن أحياناً أخرى، بالشكل الذي تراه القيادة المصرية متوافقا مع أمن بلادها القومي؛ فيما يبحث حفتر من جانب آخر تداعيات رفض البرلمان حكومة السراج، وخاصة بعد تلويح جهات دولية بفرض عقوبات على الأطراف المعطلة لتشكيل حكومة التوافق.
وكان فايز السراج قد أنهى الخميس زيارة استمرت ستة أيام إلى مصر، وذلك في إطار مشاوراته لإيجاد مخرج من أزمة رفض حكومته، إضافة إلى مساعيه ﻻختصار عدد حقائبها، وهو ما يتوافق مع المساعي الدولية والأممية، وبخاصة بعد تحفظ البرلمان على أن تتألف الحكومة من 32 وزارة ومطالبته باختصارها إلى 17 وزارة فقط.
وكان الفريق حفتر قد أعلن قبل جلسة البرلمان رفضه للمادة الثامنة من الاتفاق السياسي، المتعلقة بتسليح الجيش، مطالبا بضرورة حصول ليبيا على السلاح؛ الأمر الذي تدعمه مصر بقوة. وانتقد حفتر مساعي المبعوث الأممي مارتن كوبلر لتسريع إعلان حكومة بسبب انتشار الإرهاب، حتى وإن كان ذلك قبل وصول الليبيين إلى توافق فعلي وشامل.
الأزمة السياسية الليبية مع كل ما فيها من صراعات وتداخلات، تأتي في وقت يستعد فيه الغرب للعب دور أوسع في ليبيا بهدف معلن هو مواجهة الإرهاب، هذا فيما كشفت مصادر إعلامية عن تواصل أمريكي مع بعض الجماعات المسلحة على الأراضي الليبية، فسرته واشنطن بأنه محاولة للبحث عن حلفاء على الارض لمواجهة الارهاب، وهو الامر الذي يأتي بالتزامن مع تصريحات لوزيرة الدفاع الإيطالية روبرتا بينوتي عن تدخل عسكري محتمل في ليبيا لمواجهة داعش.
السفير المصري الأسبق في ليبيا هاني خلاف أكد أن الجزائر ومصر من أكثر الأطراف المؤثرة في الملف الليبي، باعتبارهما دولتي جوار تؤثران وتتأثران بالأحداث في ليبيا.. مشيرا إلى أن الأمم المتحدة أدركت أن الحل هناك لا يمكن أن يتم بمعزل عن دول الجوار.
من جهته شدد الخبير العسكري والاستراتيجي محمود زاهر على أن مصر تؤمن بأن تعزيز قدرات الجيش الليبي أمر ضروري ومهم ﻻستعادة الاستقرار الأمني الذي يفسح المجال أمام استقرار سياسي.