انتقد الناقد والكاتب الدكتور يسري عبد الله الهجمة السلفية/ الإخوانية على وزير الثقافة الجديد حلمي النمنم واعتبر أنها تكريس لمحاولة دمغ الدولة المصرية بطابع الإسلام السياسي المولع بالدماء والسلطة، والذي لفظته الجماهير حين خرجت في ثورتها العارمة في الثلاثين من يونيو 2013.   وقال عبد الله - في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط - إن تلك الهجمة تعني أيضا أن الخفافيش المستترة والعلنية تتأهب دوما للانقضاض على فكرة الدولة المدنية الخالصة في أية لحظة، وتبرر ذلك تارة بدعوى الحفاظ على الهوية الإسلامية الهشة والمهددة دوما كما يزعمون، وتارة بزعم الدفاع عن الإسلام ذاته، جاعلين من أنفسهم حماة سرمديين له.   وأوضخ أنه لو راجعنا تصريحات الوزير حلمي النمنم لاكتشفنا أنه لم يأت بجديد، سواء فيما طرحه من قبل من آراء قبل توليه الوزارة، أو ما يقوله ويكتبه يوميا عشرات المثقفين المصريين، فالإسلام السياسي جرف الحياة المصرية إلى هاوية لا قرار لها، وألحق خرابا هائلا في الذهنية المصرية والعربية، قد تدفع المئات للخروج في مظاهرة اعتراضا على رواية لم يقرأوها، أو تجعل شيخا معمما يعلن أن المياه المكتشفة في كوكب المريخ لا يجوز الوضوء بها شرعا، أو تجعل نائبا برلمانيا سابقا يؤذن في قاعة مجلس الشعب أثناء انعقاد الجلسات، وكأنه في صحن الجامع الكبير!.   ولاحظ أن التوجهات العبثية تتعاظم لتصل إلى الحرب على الوطن ذاته، بدءا من الإرهاب اليومي الذي تمارسه الجماعات الدينية، ووصولا إلى عدم الاعتداد بتحية العلم المصري وتجاهل النشيد الوطني باعتباره بدعة مستحدثة، أو تصدير العبارة الشهيرة: بما لا يخالف شرع الله، فيحلون لأنفسهم ما يحرمونه على الآخرين تحت مظلة دينية خادعة، تنال من القدر العظيم للدين ذاته في نفوس الناس.   وأكد أن على النمنم أن يعمل، على التوظيف المثالي للهيئات الثقافية المختلفة بما يخدم فكرة الثقافة الوطنية المصرية من جهة، وبما يعيد الاعتبار للقوة الناعمة المصرية في ظل عالم يتغير من جهة ثانية.   وتابع أن على الوزير أن يعمل وفق خيال جديد، فلا يعيد إنتاج التصور الكرنفالي عن الثقافة والذي لم يضف شيئا في معركة تحرير الوعي المصري، هذا التصور القشري الذي لم يستطع تحطيم أسوار الجهل والخرافة والاستبداد السياسي والديني، بل أسهم في خلق أدوات تبريرية للسلطة تحت دعاوى لم تصمد لهشاشتها وخوائها، ومن ثم لا بد من تقديم تصور موضوعي يخص الثقافة المصرية يتعلق براهنها المتعثر ومستقبلها المنشود، ولا مبرر للفشل في الحقيقة في ظل دعم الدولة الوطنية للوزير الجديد والذي عليه أيضا أن يجعل من الثقافة خبزا يوميا للناس وشريكا فاعلا في المعركة ضد التطرف والإرهاب.