دبي - وفا
صرخ به مصور محترف، "شكشك" بكاميرتك بعيدًا عن هنا، وهي كلمة باللهجة الغزية تعني "ابتعد عن المكان". بعد خمس سنوات من الحادثة، وصل المصور خالد السباح إلى المكان الذي يريده، والحدث الذي ناداه، بفوزه بجائزة حمدان بن محمد الدولية للتصوير الضوئي.
في الثالث من كانون الثاني لعام 2015 احترق منزل عائلة محمد الهبيل، بعد أن أضاءت العائلة بيتها بشمعة، حيث يعاني قطاع غزة من انقطاع وأزمة كهرباء منذ عشر سنوات، ما أدى لوفاة الطفلين عمر وخالد الهبيل، فخرجت في اليوم التالي جنازتهما.. حملهما والدهما وأحد الأعمام، الذي احتضن خالد وبكاه طوال الجنازة، بينما حمل محمد (والد الطفلين) عمر، وكان يتحدث إليه ويوصيه بأن يحافظ على أخيه الصغير خالد، فيما كان المشيعون يقبضون على أيادي عمر وخالد وكأنهم أطفالهم، فالتقط السباح المشهد بأكمله، فحملت الصورة الأب والعم والمشيعين.
يضيف: كُنت واثقًا من فوزي بالجائزة، لأنني أعرف ما الذي التقطته عدستي، وكيف عبرت عن قساوة الحالة، وكيف يكون الحزن حكاية توثق بصورة وحول البدايات، يقول: كان أصدقائي يستشهدون بفعل القصف الإسرائيلي على غزة، واحدًا تلو الآخر، حتى وصلوا إلى 23، لهم معي حكايات وحياة، أقربهم الشهيد أحمد عوكل، والذي أهديته فوزي بالجائزة.
يتابع: بدأ التصوير في مخيلتي في العام 2008، إثر تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة، واستشهاد عدد كبير من أصدقائي، وكنت أفكر وقتها في تصوير أصدقائي كتوثيق لصداقتنا قبل أن تخطفهم صواريخ الاحتلال، وساعد قرب بيتنا من مستشفى الشفاء على وجودي في المكان الأكثر بروزًا في القطاع في أوقات الحروب المتكررة. بدأت رحلتي في عالم التصوير بواسطة كاميرا هاتفي البدائية، ثم بدأت أتقاسم مع صديقي عماد نصار كاميرته الشخصية، حيث لم يكن بإمكاني شراء كاميرا خاصة بي. اليوم تحديت العالم بأكمله، أكثر من 32 ألف مصور، ينتمون إلى 173 دولة.
السباح درس الصحافة والإعلام في جامعة الأقصى بغزة، ويستعد لدراسة الماجستير في جامعة "غينت" في بلجيكا، وسبق أن فاز بأفضل صورة إنسانية في فلسطين في العام 2015، وفي عام 2014 فاز بجائزة مسابقة "أنا لست رقما"، وهي جائزة "الأونروا" حول اللاجئين الفلسطينيين، كما حصل على جائزة الاتحاد الأوروبي في الشرق الأدنى عن فئة اللجوء، ويعمل حاليا مصورا وكالة (ABA) في غزة.
أصيب السباح ثلاث مرات خلال العدوان الإسرائيلي على غزة في العام 2014، إصابة بالرصاص المطاطي في الركبة، وبالرصاص الحي في الفخذ، بينما الإصابة الأخيرة كانت بالرصاص الحي في الصدر، حيث ما زال نصف الرصاصة في صدره، وتعرض للإصابات الثلاث خلال قيامه بتغطية العدوان.
القدمان اللتان تعرضتا للإصابة والكسر، مشى بهما السباح إلى منصة مسرح توزيع الجوائز، بينما توشح صدره الذي ما زال محتفظًا بنصف رصاصة، بالكوفية الفلسطينية، وهو يتسلّم جائزته من وزيرة السعادة في دولة الإمارات عهود الرومي.