الدكتور أحمد عمر هاشم

شهدت قاعة بحر الثقافة محاضرة قيمة ألقاها الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر، الدكتور أحمد عمر هاشم، بعنوان " وسطية الإسلام"، ضمن فعّاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب 2014.

وتناول هاشم خلالها العديد من مظاهر الثقافات السائدة حول الإسلام، ومفهوم الوسطية، والانحرافات الفكرية المختلفة التي نتجت عن تنحية هذا المفهوم من الحياة الإسلامية، وأهمية تعزيز المعرفة والثقافة الإسلامية والوعي الفكري والسلوكي من أجل تحقيق منهجية الإسلام بصوره المتجددة المشرقة.

واستهل الدكتور هاشم حديثه: "تمر أمتنا العربية والإسلامية بظروف صعبة وقاسية، وكان وراءها فكر مغشوش، وتضليل في ثقافة بعض الشباب، ومحاولة منهم للإقصاء عن وسطية هذا الدين، مما جعل العالم من حولنا يفهم أنَّ الدين الإسلامي دين عنف وتشدد وغلو، بيد أنَّ الإسلام يتصف بأنه دين السماحة والوسطية والرحمة، والوسطية تعني الإعتدال الذي يجب أنَّ يفهم على أنه ليس التوسط بين الكمال والإنحدار، وإنما هو الأعدل في تلبية حاجات الإنسان الروحية والمادية على حد سواء".

 واستعرض هاشم جوانب الوسطية في الدين الإسلامي من خلال العقيدة والعبادات والأخلاق، والمنهج، مبينًا أنَّ الوسطية في العقيدة تعطي الإنسان حرية التفكير والنظر والتدبر والحرية في الإختيار، وأنها عقيدة واضحة لاغموض فيها ولا تزوير، ولا قدرة لأحد على تغييرها، وأنَّ الإنسان مسيَّر في أمور ومخيَّر في أخرى ومن هنا تتجلى معاني الوسطية التي دعا اليها الإسلام، فلا تخيير كليًا، ولا تسيير كليًا، وهذا أعظم الرفق بواقع الإنسان وطبيعته.

 وبيّن هاشم أنَّ ملامح الوسطية في العبادات تظهر في أنَّ الله سبحانه لم يفرض العبادات على مدار اليوم، ولكن جعلها وسطًا بين حاجات الناس اليومية للراحة والاستجمام والترفيه وبين التوجُّه إليه بالعبادة، فليست الصلاة مفروضة طيلة اليوم، ولا الصيام على امتداد الاشهر ولا الحج في كل عام، ولا الزكاة، ولا أيّة عبادة أخرى، بل لكل منها وقت معلوم، وما عداه للإنسان يفعل فيه مايشاء.

 وحول الوسطية في الأخلاق الإسلامية، أكد هاشم إنَّ الأخلاق أعظم مادعت إليها الشريعة الإسلامية، وهي تشمل جميع مجالات الحياة، وأنَّ الإنسان يفتقر إليها على الدوام بين نفسه ومع محيطه الخارجي، وأنَّ أعظم شخص على وجه الأرض تمثلت فيه الصفات الكاملة هو الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم، وضرب العديد من الأمثلة على الوسطية في الأخلاق ومنها: انه سبحانه أمر الناس بالإنفاق لكنه وجّه العبد إلى عدم الإسراف وعدم الشحة، بل التوسط في ذلك.

 وأما الوسطية في منهج الإسلام، فقد بيّن هاشم أنها تتجلى من خلال وجود التوفيق بين حاجة الإنسان النفسية والروحية، وبين حاجته النفسية، فلم يطلب من الإنسان أنَّ يكون ملائكيًا في أعلى درجات السمو، كما لم يطلب منه أنَّ يكون منحدرًا في الشهوات والرغبات واللذات وينسى الغاية التي خلق من أجلها، ولكن طلب منه التوسط والتوفيق بينهما، وهو مقصد الوسطية التي أكدها الإسلام في مجال المنهجية العادلة، لكي تستقيم حياة الإنسان الدنيوية والأخروية على حد سواء.