باريس - أ. ف. ب
يدرك المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا ان تعيينه مديرا لمتحف الهجرة في باريس يؤشر على نهاية عهد من الجدل السياسي حول هذا المشروع، لكنه يصر على مواصلة التطرق لقضايا مثيرة للجدل منها حقبة الاستعمار وحرب الجزائر.
وبنجامين ستوار متخصص في حروب الاستعمار وفي حركة الهجرة المغربية، وقد عين في اب/اغسطس الماضي "رئيسا لمجلس التوجيه" لمتحف الهجرة، خلفا للوزير السابق جاك توبون الذي تحول الى مجال الدفاع عن حقوق الانسان.
وقال ستورا في مقابلة مع وكالة فرانس برس "ادرك ان تعييني في هذا المنصب يؤشر الى تسوية ايجابية، فقد بات للمثقفين مكانهم في هذا المتحف، وبات منفصلا عن الوصاية السياسية".
وتعود فكرة انشاء متحف حول موضوع الهجرة الى جامعيين ونشطاء ارادوا في التسعينات من القرن الماضي الاشارة الى مساهمة المهاجرين في المجتمع الفرنسي.
وكان هذا المتحف من المشاريع التي ينادي بها رئيس الوزراء الاشتراكي ليونيل جوسبان (1995-1997)، وكان ضمن البرنامج الانتخابي للرئيس السابق جاك شيراك (1995-2007).
لكن هذا المتحف لم يفتح ابوابه فعليا سوى في العام 2007 اثر انتخاب الرئيس نيكولا ساركوزي، وحمل اسم "المدينة الوطنية لتاريخ الهجرة"، في ظل جدل كبير آنذاك حول قانون يطالب بالحد من الهجرة.
لكن الصيغة التي انشء فيها المشروع في عهد ساركوزي لم تكن مرضية للكثيرين، فقد استقال عدد من الاكاديميين منه في العام 2009. وفي العام 2010 ادى احتلال مبنى المتحف من مئات الاشخاص الذين لا يحملون اوراقا ثبوتية الى طمس صورة المشروع تماما.
لكن، ومنذ العام 2012، هدأت الامور، الا ان المتحف ما زال يعاني من نقص حاد في الامكانات.
ويأمل المدير الجديد ان يكون له دور في تنشيط هذه المؤسسة التي عادت وحملت اسم "متحف" مؤخرا، على ان تحتل مكانها في المشهد الثقافي في فرنسا.
ويقول ستورا "حتى نجذب جمهورا جديدا، علينا ان نجعل هذا المتحف مرتبطا مع ما يجري اليوم في المجتمع".
ويوضح "عليننا ان نجد مواضيع معاصرة"، وان "نزيل الحدود في الذاكرة".
ويضرب مثلا على ذلك ما جرى ما حرب الجزائر، ويقول "هناك ثلاث قصص لا ينبغي اغفال اي منها، قصص الجنود الفرنسيين، وقصص الجزائريين، وقصص اولادهم..علينا ان ننظر الى كل ذلك، والا سنقع في خطر الصدام".
وعلى ذلك، فان ستوار يعتزم التوجه الى ثلاثة انواع من الجمهور، الفرنسيين "حتى يتعرفوا على اسهامات المهاجرين في مجتمعنا"، والمهاجرين الذين يميلون احيانا للقطع مع ماضيهم"، وابنائهم الذين تطرأ عندهم اسئلة عن هوياتهم واصولهم.
ويرى ستورا ان الاضطراب في الهوية قد يؤدي الى التشدد، آملا ان تساهم مؤسسته في مكافحة "حروب الذاكرة".
واذا كان ستورا ينوي التركيز على القضايا المعاصرة الا انه يؤكد على ضرورة استعادة المسار التاريخي للامور "كي لا نقع في طغيان الحاضر.