معرض فني في تل أبيب

لا تزال الأوساط الثقافية في العاصمة البلجيكية بروكسل تشهد نقاشا محتدما حول موافقة الفنان مايكل بوريمانس، على إقامة معرض فني في تل أبيب يحمل عنوان 'سيكون أجمل، لو تحظى به'، في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة الإسرائيلية عدوانها على قطاع غزة.

يستضيف المعرض (الذي افتتح مساء الرابع من شهر أيلول الجاري ويستمر حتى أواسط تشرين الأول المقبل)، 'متحف الفن الحديث' في مدينة تل أبيب للفنان البلجيكي بوريمانس.

الصحفي البلجيكي نيكي ايرتس سأل الفنان مايكل بوريمانس، أثناء عرض مجسماته الفنية في صالة المتحف، عن إصراره على عرض أعماله في إسرائيل على الرغم من احتجاج الوسط الثقافي البلجيكي على هذه المبادرة، وفي هذه اللحظة بالذات، أجاب بوريمانس بأن المعرض 'مخطط له في الأيام السابقة على المواجهة الحربية بين الإسرائيليين والفلسطينيين'. وأضاف، 'أن الأمر يتعلق بالمؤسسة المقاولة لنقل المعرض من بروكسل إلى تل أبيب، والتحضيرات التي قامت بها والعقود التي وقعتها مع شركات التأمين وشركات النقل'.

واستهجن بوريمانس 'السلوك المتناقض' لبعض الصحافيين البلجيكيين الذين سبق وأشادوا بأعماله أثناء عرضها في بروكسل، ثم تراجعوا عن تقييماتهم الايجابية لمجرد إقامة هذا المعرض، وأخذوا ينتقصون من قيمته 'بشكل غير مبرر تحت تأثير المعسكر المؤيد للفلسطينيين في بلجيكا'.

واتهم بعض المثقفين البلجيكيين الفنان بوريمانس بكسر المقاطعة الثقافية للمؤسسات الإسرائيلية، في حين دعا الأخير المثقفين الأوروبيين إلى 'عقد المزيد من ورشات العمل والندوات الهادفة إلى تحقيق العدل والسلام بين الشعبين في كل من فلسطين وإسرائيل'.

وبدأت بوادر النقاش في الصحافة البلجيكية والمنتديات الثقافية حول اقامة هذه الفعالية في إسرائيل منذ أن أفصح بوريمانس، في الأيام الأولى من شهر آب الماضي، عن نيته الموافقة على عرض أعماله في تل أبيب. ثم احتد النقاش بالحملة الواسعة ضد هذه المبادرة والتي قادها مصمّم الرقصات البلجيكي آلن بلاتل وشارك فيها عدد من الكتاب والفنانين والاعلاميين وصناع الرأي العام، وبدعم صريح من نشطاء حركة 'المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات' التي تعمل في البلاد على نشر وتعزيز توجهات مقاطعة الدولة العبرية على غير صعيد.

وبلغت الحملة ضد تنظيم معرض 'سيكون أجمل، لو تحظى به' في تل أبيب ذروتها بالرسالة المفتوحة التي وجهها آلن بلاتل إلى الفنان بوريمانس عبر صحيفة 'دي ستاندارد' (14/8/2014)، قال فيها: 'كأن بوريمانس، بعرض أعماله في تل أبيب في هذا الوقت بالذات، يوافق على تصرفات الجيش في تلك البلاد'.

ويضيف: 'كان بودي أن أطلب منك ألا تذهب إلى إسرائيل احتجاجا على حرب غزة الثالثة خلال ست سنوات. ألا تذهب إلى هذا البلد الذي لم يعد هناك من يعتقد بخرافة أنه الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط'.

وينهي بلاتل نداءه إلى بوريمانس بقوله، 'أنا لا أطلب منك الالتزام بقواعد 'المقاطعة، وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات'، ولا أطلب منك عدم الذهاب إلى إسرائيل، ولكنني أنصحك، وخلال وجودك هناك، بأن تذهب إلى غزة، لترى بأم عينيك ما يجري، وتتحدث مع الفنانين في غزة، حول عملهم وحياتهم وتصغي إلى وجهات نظرهم، وترى كيف يمكن أن تساعدهم على ترويج أعمالهم، لعلك بذلك تساهم في كسر العزلة التي يفرضها الاحتلال عليهم، وتعين على فك الحصار ووقف الحرب حفاظا على الحياة والأحياء في هذا الشريط المكتظ بالسكان والنار'.

على العموم، وعلى الرغم من تجاهل الفنان مايكل بوريمانس دعوات المثقفين البلجيكيين الداعية الى مقاطعة دولة الاحتلال، إلا أن غبطة الاسرائيليين باستقدام واحد من أهم الفنانين المعاصرين في بلجيكا، والقارة الأوروبية عموما، والذي تستقطب أعماله أثناء عرضها أكثر من 150 ألف زائر، لم تكتمل، إذ أدان الفنان الضيف، أثناء تواجده في إسرائيل سياسة الاستيطان التي تنتهجها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، معتبرا أن 'الاستيطان (الإسرائيلي) عدوانيّ ويؤجج الصراع، وهو لا يمتّ للعقيدة الدينية بصلة، إنما هو بدوافع اقتصادية خالصة وفجة'.

وعبر الفنان بوريمانس عن ارتياحه لزيارة رام الله التي وصفها بـ'المدينة العربية اللطيفة والمضيافة'، داعيا، من ربوعها، إلى نبذ العنف، وتطبيق الحل السياسي القاضي بقيام دولتين متجاورتين يسود بينهما التعاون والسلام.

وفا