الرياضي ميلو الكروتوني

يعتبر الرياضي ميلو الكروتوني والمُلقب أيضا بـ"ميلو من كروتوني" (Milo of Croton) أبرز مصارع عرفه التاريخ القديم، حيث حقق انتصارات عديدة ومذهلة بمعظم الألعاب التي كانت تُقام حينها، وتحول إثر ذلك إلى شخصية يضرب بها المثل في قوة البنية الجسدية والشدة.

وخلال فترة التاريخ القديم، تميّزت منطقة كروتوني (Crotone) الواقعة بجنوب ايطاليا التي كانت مستعمرة إغريقية حينها، بالبنية الجسدية القوية لسكّانها، وقدمت هذه المدينة العديد من الأبطال خلال فترات الألعاب الرياضية، لعل أبرزها أثناء الألعاب الأولمبية القديمة سنة 576 قبل الميلاد، فخلال سباق العدو السريع لمئتي ياردة كان السبعة الأوائل الذين بلغوا خط النهاية من مدينة كروتوني، ومن ضمن الرياضيين الذين أنتجتهم المدينة، برز المصارع ميلو الذي تمكن بمفرده من تحقيق ألقاب وإنجازات عظيمة خلال النصف الثاني من القرن السادس قبل الميلاد.

وبحسب المصادر القديمة، حصد ميلو الكروتوني العديد من الألقاب في مجال المصارعة بمختلف الألعاب والمناسبات الرياضية، كان من ضمنها 6 ألقاب خلال فترة الألعاب الأولمبية القديمة، و7 ألقاب أثناء ألعاب بيثيا الرياضية (Pythian Games) و9 ألقاب خلال ألعاب نيميا (Nemean Games) و10 ألقاب خلال مشاركته بالألعاب البرزخية (Isthmian Games)، وإضافة إلى إنجازاته الرياضية المذهلة، حظي ميلو بتجربة عسكرية كللت بنجاح مذهل، ففي حدود سنة 510 قبل الميلاد قاد الأخير جيوش كروتوني لمواجهة الطاغية تيليس (Telys) الذي حكم مدينة سيباريس (Sybaris) المجاورة. حين اندلعت مواجهات بين الطرفين إثر نشوب خلاف حول عدد من اللاجئين الذين حلوا بكروتوني عقب فرارهم من طاغية سيباريس.

وساند الفيلسوف وعالم الرياضيات الشهير فيثاغورس (Pythagoras) الذي تواجد بكروتوني حينها، فكرة المواجهة العسكرية وإسقاط حكم تيليس وتخريب سيباريس، وبحسب مؤرخين قدامى من أمثال ديودور الصقلي (Diodorus of Sicily) حظي البطل كروتوني بنظام غذائي وتدريب غريب، حيث اعتاد ميلو بشكل يومي التدرب عن طريق حمل عجل (صغير الثور) على كتفيه، والمشي لمسافات طويلة.

وتكونت الوجبة الغذائية اليومية لهذا الرياضي من 20 رطلا من اللحم، و20 رطلا من الخبز، إضافة إلى حوالي 10 لترات من الخمر.

وعلى الرغم من هذه الحياة الزاخرة بالإنجازات الرياضية الخالدة التي جعلت منه أهم مصارع، وواحدا من أبرز الرياضيين خلال التاريخ القديم، عرف ميلو الكروتوني نهاية مأساوية. فبينما كان يتجول بإحدى الغابات القريبة، عثر على شجرة مليئة بالشقوق والثغور، وحاول اختبار قوته عن طريق اقتلاع الشجرة من جذورها بيديه، وعندما بدأ الاختبار، وجد نفسه عالقا بالشجرة، لأن يديه بقيتا عالقتين داخل ثقوبها على الرغم من محاولاته اليائسة لسحبهما، وازداد الوضع سوءا حين حلّت الذئاب الجائعة بالمكان، لتستغل الموقف وتنهش من لحمه ليعرف بعدها أبرز مصارع بالتاريخ القديم نهاية مأساوية.