من بين غبار القصف، وأشلاء الضحايا، والحصار المُدقِع، تمكَن الفنان الفلسطيني الموهوب مهند زهير صيام من لفت أنظار جميع من شاهد أعماله التشكيلية، حيث استطاع عبر قلمه الرصاص، وأوراقه البيضاء، أن يرسم رسومات خارقة تضاهي نظيرتها العالمية، والتي من خلالها أرسل رسالة قطاع غزة إلى العالم أجمع.

 

الفنان صيام (19 عاما) أستطاع أن يحول عبر رسوماته الجميلة الملهمة والمبدعة الألم إلى أمل، والعنف إلى حب، وان يبعث الفرح والمتعة إلى قلوب من شاهد ورسوماته، وان يزرع وردة في شوك المحنة التي يعيشها قطاع غزة.

 

ويتقنُ صيام الرسم بجميع مدارسه وأشكاله وهي ميزة مفقودة عند اغلب الفنانين حتى العالميين منهم، إلا أنه كثيراً ما يركز أعماله الفنية على فن رسم الأشخاص "portrait" وهو فن رسم الشخصية أو من وجهة نظر الفنان، ويعتبر هذا النوع من الفن أحد أنواع الرسم التي ينظر إليها الفنانون على أنها معقدة، لاعتمادها على تقديم الشخصية عبر ملامح الوجه.

 

ومن خلال فن "portrait" استطاع الفنان أن يرسم صورا تحاكي واقع القضية الفلسطينية، حيث رسم صورا لقيادات عاملة في الساحة الفلسطينية من أبرزها رسمة للمؤسس والأمين العام لحركة "الجهاد الإسلامي" في فلسطين الشهيد المفكر فتحي الشقاقي، وأخرى لمؤسس حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أحمد ياسين، وأخرى للشهيد القائد ياسر عرفان، وللأسير المجاهد الشيخ خضر عدنان، وللأسير المجاهد عبد الله البرغوثي.

 

والناظر إلى رسومات صيام يُخيلُ أن رسوماته عبارة عن صورة فوتوغرافية، أو مطبوعة، وليست مرسومة بأقلام رصاص، وذلك ناتج للدقة المتناهية والروح التي يرسم بها الفنان.

 

يذكر صيام عن بداية موهبته، "اكتشفتُ موهبتي بشكل ذاتي عن طريق الرسم بالطباشير على الألواح المدرسية في المرحلة الابتدائية، وما حفزني على ثقل موهبتي إعجاب زملائي والمدرسين والأقارب في الرسومات".

 

ويوضح أن أهله تفاجئوا بمهاراته التشكيلية، وبدأوا بثقل مهاراته عبر التشجيع، كما حفزه لذلك ثلة من مدرسي الرسم والفنانين أمثال أستاذه في المرحلة الإعدادية الاستاذ عاكف شلبي الذي دعمه ماديا ومعنويا.

 

ومن الأشخاص الذين تأثر فيهم صيام المجاهد رماح الحسني الذي تتلمذ على يديه، إلا أنه لم يكمل الدورة التي كان يديرها الحسني، يبين، "تأثرت بالشهيد الفنان رماح الحسني بشكل كبير، وهذا أعطاني حافز الاستمرار وتطوير الذات".

 

وبالإضافة إلى تأثره بعاكف والحسني، عكفَ على ثقل موهبته عن طريق وسائل التواصل الاجتماعية وقنوات اليوتيوب، كما تأثر بطريقة الرسم لدى الفنانين العالميين أمثال ليوناردو دافنشي، بابلو بيكاسو.

 

و"ليوناردو دافنشي" فنان ونحات إيطالي اشتهر في عصر النهضة، برع في التشريح والجيولوجيا أيضا، وكانت رسوماته تعبر بشكل دقيق الجسم البشري كما أنها تعكس الحالة النفسية له، ومن أشهر لوحاته لوحة الموناليزا، ولوحة سيدة الصخور.

 

ويوضح حول تخصص البروتريه، "ذلك القسم من الفن من أصعب المدارس الفنية، وما جذبني لرسم قيادات عاملة للشعب الفلسطيني إعجابي الكبير في أدائهم الوطني والفكري التحرري".

 

ويسعى صيام لإثبات ذاته الفنية عبر إقامة معارض دولية ومحلية، ومعارض شخصية، والعمل الجاد لإيصال رسالة أهالي قطاع غزة عبر الفن والرسم الذي يتحدث فيه، "الفن لغة عالمية الكل يفهمها بدون مترجم"، إلا أن ما يحول دون وصول رسالته إلى أكبر عدد ممكن الحالة المادية المتواضعة لديه.

 

وأضاف، "الرسالة التي أود أن تصل للجميع ان غزة ليست صورا للدماء والحرب والرصاص فقط، بل يوجد داخلها ابتسامة طفل، وقلب عاشق، وريشة فنان، وأجسد من خلال بريشتي ما في وجداني".

 

ويطالب الفنان صيام المسؤولين وذوي الشأن بضرورة تبني موهبته، ليتمكن من إيصال رسالة الحب والوئام والحق إلى العالم أجمع.