بنغازي - أ.ف.ب
امتدت النيران المشتعلة منذ الخميس الى 5 خزانات نفطية السبت في مرفأ السدرة النفطي أكبر مرافئ النفط الليبية في منطقة "الهلال النفطي" في حريق ضخم دفع حكومة ليبية المعترف بها دوليا لطلب مساعدة خارجية لاطفاء الحريق.
واندلعت النار في أول صهريج الخميس جراء قذيفة صاروخية أطلقتها مليشيات فجر ليبيا الإسلامية من زورق بحري باتجاه المرفأ، ثم امتدت الى خزانين آخرين. وباتت النيران مشتعلة الان في خمسة خزانات، من أصل 19 خزانا في منطقة "فارم تانك" بمرفأ السدرة، بحسب مسؤول تقني في شركة الواحة للنفط.
وقال علي الحاسي المتحدث باسم القوات الحكومية المرابطة في منطقة الهلال النفطي أغنى مناطق البلاد بالنفط السبت إن "النيران امتدت السبت لتلتهم خزانين نفطيين آخرين".
وقال شهود عيان لفرانس برس إن ألسنة اللهب والدخان الكثيف غطى منطقتي السدرة وراس لانوف بالكامل ما ينذر بكارثة بيئية في حال عدم السيطرة على النيران التي قد تمتد لبقية صهاريج المرفأ وتأتي عليه.
وطلب وزير الداخلية في الحكومة الليبية المؤقتة المعترف بها من الأسرة الدولية "بشكل كتابي وعاجل سفراء دول كل من أمريكا، وألمانيا وايطاليا المعتمدين لدى ليبيا للتدخل والمساعدة في إخماد النيران".
وقالت الوزارة في بيان إن وزيرها عمر الصنكي طالب "هذه الدول بتقديم المساعدات العاجلة من أجل اطفاء الحرائق التي شبت في خزانات النفط في ميناء السدرة وايقاف الأضرار الخطيرة الناتجة عنه والسيطرة على تداعياتها البيئية".
ودانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بشدة الهجمات التي تجددت على المنشآت النفطية، داعية إلى وقف هذه العمليات فورا.
وحذرت البعثة من التداعيات البيئية والإقتصادية نتيجة أعمال العنف والتدمير في منطقة الهلال النفطي، مطالبة القوات على الأرض إلى التعاون لإفساح المجال أمام فرق الإطفاء لإخماد الحريق.
واعتبرت هذه الهجمات إنتهاكا واضحا لقرارات مجلس الأمن حول ليبيا. مشيرة إلى أن "النفط الليبي ملك لكل الشعب الليبي وهو عصب الحياة الاقتصادية في البلاد".
كما دانت البعثة الهجوم الذي قام به مسلحون مجهولون الخميس وأدى إلى مقتل عدد من الحراس المناوبين في محطة لتوليد الكهرباء بالقرب من مدينة سرت.
وحثت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في بيان تلقته فرانس برس الأطراف الفاعلة المؤثرة لبذل كافة الجهود الممكنة لإنهاء دائرة العنف العديمة الجدوى.
وأكدت أنه لن يكون هناك رابح في الصراع الحالي وأن العنف المستمر في منطقة الهلال النفطي وبنغازي وغيرها من المناطق في ليبيا سيزيد الشقاق بين الليبيين ويؤدي إلى إلحاق المزيد من الدمار بالبنية التحتية للبلاد وبمؤسسات الدولة.
وأشارت إلى أنه إضافة إلى تأثيره السلبي الخطير على الاقتصاد الليبي، فإن هذا التصعيد الأخير في منطقة الهلال النفطي يقوض من الجهود المستمرة لعقد حوار سياسي.
وتدير مرفأ السدرة الأكبر في ليبيا "شركة الواحه للنفط" المحلية، ثاني أكبر منتج للنفط في البلاد. ويقع المرفأ على بعد حوالى 180 كلم شرق مدينة سرت، وبه أربعة مراسي مجهزة لسفن الشحن، كما يحوي 19 خزانا للنفط الخام.
وقال المسؤول التقني في الشركة طالبا عدم ذكر اسمه إن الخزانات ال19 بسعة تخزينية 6,2 ملايين برميل مملوءة بالكامل.
وأوضح أن كمية النفط التي احترقت بسبب الحادثة تقدر بنحو 1,63 مليون برميل من خام البرنت المسعر بنحو 60 دولارا أمريكي في الأسواق العالمية، إضافة إلى خسائر بالمليارات جراء فقدان هذه الخزانات النفطية.
تتبع شركة الواحة للنفط للمؤسسة الوطنية للنفط بالمشاركة مع ثلاث شركات أميركية هي كونوكو فيليبس وماراثون واميراداهيس.
وعادت هذه الشركات للعمل كشركاء اعتباراً من يناير 2006، بعد أن غادرت فى سنة 1986. وإضافة الى تشغيل حقولها التي تمتلكها تتولى شركة الواحة للنفط نقل كميات كبيرة من النفط التابعة لعدد من الشركات ومن بينها ونترشل وتوتال والزويتينة وذلك بواسطة أنابيب إنتاجها الممتدة من حوض سرت إلى مرفأ السدرة.
ومنذ الهجوم الذي بدأته مليشيات فجر ليبيا في 13 كانون الأول/ديسمبر على منطقة الهلال النفطي، اعلنت المؤسسة الوطنية للنفط حالة القوة القاهرة على مرفأي السدرة وراس لانوف اللذين كانا يصدران نحو 300 ألف برميل يوميا.
وتضم منطقة الهلال النفطي مجموعة من المدن بين بنغازي وسرت (500 كلم شرق العاصمة وتتوسط المسافة بين بنغازي وطرابلس) تحوي المخزون الأكبر من النفط إضافة إلى مرافئ السدرة وراس لانوف والبريقة الأكبر في ليبيا.
وأوقفت المؤسسة العمل في المرفأين ما تسبب في تراجع أنتاج النفط إلى نحو 350 ألف برميل يوميا، مقابل 800 ألف برميل قبل اندلاع الازمة.
وأطلقت ميليشيات فجر ليبيا على عملية زحفها مطلع الأسبوع قبل الماضي باتجاه "الهلال النفطي" اسم "عملية الشروق لتحرير الحقول النفطية" قائلة إنها جاءت بتكليف من المؤتمر الوطني العام (البرلمان المنتهية ولايته)، لكن قائدها طارق شنينة المصراتي قتل إثر غارة جوية عقب الهجوم.
وقال الحاسي إن "إدارة الدفاع المدني لم تستجب لمطالب التعامل مع الحريق، وإن عمليات الإطفاء تدار حاليا من قبل متطوعين ومعاونة عناصر حرس المنشآت النفطية".
ولفت إلى أن "رجال الإطفاء والحماية المدنية والمتطوعين يحاولون قدر استطاعتهم إطفاءها حتى لا تنتقل إلى الخزانات الأخرى وسط ظروف صعبة" مشيرا إلى أن عمليات الإطفاء قد تستغرق أياما.
وقال رئيس المؤسسة الوطنية للنفط المبروك أبوسيف إنه "لايمكن تبرير الهجوم الذي استهدف الخزانات النفطية".
واعتبر أبوسيف أن عملية التفجير تعد "انتهاكا صارخا لسيادة الدولة وزعزعة أمنها واستقرارها".
وطالب محمد الحراري المتحدث باسم المؤسسة الوطنية للنفط "تحييد مؤسسات النفط عن الصراع" خصوصا وأن الصهاريج تحوي مخزونات نفطية كانت على وشك التصدير قبل اندلاع الأزمة.
والخميس قتل 22 جنديا على الاقل في مدينة سرت في هجوم لمليشيات "فجر ليبيا" على كتيبة تابعة للجيش في المدينة التي تتمركز فيها هذه المليشيات الإسلامية لمهاجمة ما يعرف بمنطقة "الهلال النفطي" شرق البلاد، كما اندلع حريق في خزان نفطي في المنطقة بعد اصابته بقذيفة.
وكانت وحدات من الجيش المرابطة في "الهلال النفطي" صدت هجوما عنيفا لمليشيات فجر ليبيا شنته على المنطقة الخميس من عدة محاور من بينها البحر والصحراء