واشنطن - فلسطين اليوم
سجلت أسعار النفط أكبر انخفاض يومي لها في أسبوعين أمس في ظل زيادة التوقعات بأن تنهي منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" اتفاق خفض الإمدادات المطبق منذ بداية 2017 بفعل المخاوف بشأن الإمدادات من فنزويلا وإيران وبحسب "رويترز"، تراجعت العقود الآجلة لخام برنت 1.08 دولار إلى 78.72 دولار للبرميل في أكبر انخفاض يومي لخام القياس العالمي منذ الثامن من أيار (مايو)، وانخفضت العقود الآجلة للخام الأمريكي 86 سنتا إلى 70.98 دولار للبرميل.
وكانت مصادر في "أوبك" وقطاع النفط قد ذكرت أن المنظمة قد تقرر خلال اجتماع 22 حزيران (يونيو) في فيينا زيادة إنتاج النفط لتعويض تراجع المعروض من إيران وفنزويلا وسط مخاوف واشنطن إزاء موجة صعود في أسعار الخام ويتراجع إنتاج فنزويلا بسبب أزمة اقتصادية بينما أصبح الإنتاج الإيراني مهددا بعقوبات أمريكية، وكانت "أوبك" قد اتفقت مع بعض كبار منتجي النفط من خارجها على خفض إنتاج النفط 1.8 مليون برميل يوميا لدعم أسعار النفط والتخلص من تخمة المعروض.
وينتوي ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي عقد اجتماع مع شركات النفط الروسية لمناقشة اتفاق خفض إنتاج الخام بين "أوبك" والدول غير الأعضاء، وأضاف نوفاك متحدثا خلال منتدى اقتصادي في سان بطرسبرج أن "الاجتماع قد يُعقد الأسبوع المقبل أو التالي". وأشار وزير الطاقة الروسي إلى أن لدى روسيا والسعودية موقفا مشتركا إزاء مستقبل الاتفاق العالمي لخفض إنتاج النفط، في حين قالت شركة لوك أويل الروسية "إن الاتفاق ينبغي أن يظل مطبقا لكنه يحتاج إلى تعديل".
وعبرت بعض أطراف السوق عن القلق بشأن نقص محتمل في النفط في ظل تراجع الإنتاج في فنزويلا وبعدما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الموقع مع إيران.
وقال نوفاك، "إن "أوبك" والدول غير الأعضاء يعتزمون الإبقاء على اتفاق النفط قائما في الوقت الحالي"، لكنه أضاف أن "القيود على إنتاج النفط قد تُخفف قليلا إذا رأت "أوبك" و"المستقلون" أن سوق النفط توازنت في حزيران (يونيو)"، مشيرا إلى أن المخاطر الجيوسياسية وعلى رأسها انسحاب أمريكا من اتفاق إيران أضافت بين خمسة وسبعة دولارات لسعر برميل النفط.
إلى ذلك، أكد تقرير "بتروليوم إيكونوميست" أن روسيا ليس لديها خطط للانضمام إلى عضوية منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، لكن الكرملين يبحث فى مجموعة من البدائل والأشكال الأخرى للتعاون الدائم طويل الأمد مع "أوبك"، وذلك بحسب تأكيدات ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي وأوضح التقرير الدولي أن نوفاك يدعم بقوة خطط التعاون لأجل غير مسمى مع "أوبك"، ومع ذلك كما لاحظ بعض المراقبين في موسكو أن الاعتراف الروسي بوجود حاجة إلى إعادة ترتيب الأمور قد يكون أيضًا اعترافًا ضمنيًا بأن الترتيب الحالي قد انتهى بعدما استوفى أغراضه فى المرحلة الراهنة.
ووفقا لتقديرات التقرير الدولي، فإن الإنتاج الروسي لا يزال أعلى بكثير من المستوى الذي اتفق عليه في كانون الأول (ديسمبر) 2016 ولدى المنتجين خطط توسع كبيرة على الرغم من الالتزام باتفاق خفض الإنتاج حتى نهاية فترته بنهاية العام الجاري. ولفت التقرير إلى أن الحديث الذى يدور حاليا قبل اجتماع "أوبك" في حزيران (يونيو) المقبل في فيينا يتركز حول أهمية العمل على تحويل التحالف الذي وقعته "أوبك" مع روسيا إلى اتفاقية طويلة الأجل مع التوصل إلى آليات ذلك، وكل التفاصيل والترتيبات الخاصة. وأضاف أن "مواقف "الشركات الروسية" مختلفة بعض الشيء عن مواقف الحكومات"، مشيرا الى أنه بعد مرور أكثر من عام على حالة ضبط النفس فى إنتاج الشركات الروسية فإن بعض أكبر منتجي روسيا اعتمدوا بالفعل خططا جديدة للإسراع بتحقيق النمو وزيادة الاستثمارات الجديدة الكبيرة.
وفي هذا الإطار، قال لـ "الاقتصادية"، ديفيد لديسما المحلل في شركة "ساوث كورت" لاستشارات الطاقة، "إن العقوبات الأمريكية على إيران ضربة قوية للاقتصاد الإيراني ومن المؤكد أنها ستؤثر سلبا في مستوى الصادرات النفطية وسيصبح دور منتجي الخليج أكبر فى تعويض هذه الإمدادات الواسعة المنقوصة من المعروض العالمي". ولفت إلى أن طهران تحاول نفي هذا الأمر وتأمل أن تنجح جهود الاتحاد الأوروبي فى محاولة إنقاذ الاتفاق كما تراهن على حرص "أوبك" على التماسك بين الأعضاء وعدم اتخاذ أي قرارات دون إجماع المنتجين ويتطلعون إلى مساعدات قوية من الاتحاد الأوروبي للحفاظ على مستوى الصادرات النفطية الحالي، لكن أغلب التوقعات تشير إلى أن كثيرا من الأمور سيتغير بشأن الإنتاج الإيراني بعد انتهاء مهلة الأشهر الستة وعودة العقوبات، وفي ضوء مخاوف الشركات الدولية من الاستمرار في الاستثمار في ايران.
من جهته، أوضح لـ "الاقتصادية"، أرتوراس فيفراس مدير الاستثمار في "فيكتوريا بنك" في دولة مولدوفا، أن روسيا من المنتجين الذين يخططون لزيادات واسعة فى الإنتاج بضغوط من الشركات الروسية، لافتا إلى أن الاجتماع المقبل للمنتجين قد يشهد تعديلات تسمح بزيادة الإنتاج لتعويض النقص الحاد فى العرض بسبب تعثر عديد من المنتجين وعلى رأسهم فنزويلا وإيران وأنجولا ونيجيريا وغيرها.
وأضاف فيفراس أن "اجتماع المنتجين الشهر المقبل سيكون حاسما حيث يجيء فى ظل كثير من الملفات المتأججة خاصة عودة العقوبات على كل من إيران وفنزويلا ومدى تأثير ذلك في استقرار المعروض وتوازن السوق"، مشيرا إلى أنه يجب بحث مدى الحاجة إلى التمسك بسياسات خفض الإنتاج فى ظل تبدل ظروف السوق. من ناحيتها، تقول لـ "الاقتصادية"، جولميرا رازيفا كبير الباحثين في المركز الاستراتيجي للطاقة في أذربيجان، "إن البعض راهن على أن الإنتاج الأمريكي يمكن أن يلعب دورا في استقرار السوق كمنتج متأرجح ينشط مع نمو الأسعار، ويهدأ مع ضعف الأسعار، لتبقى حول 50 أو60 دولارا للبرميل، لكن واقع السوق كشف عن ضعف قدرة الإنتاج الأمريكي على لعب هذا الدور فى ضوء الاختناقات التي يعيشها حاليا في مقابل التأثير الواسع والعميق للعوامل الجيوسياسية في السوق". وأضافت رازيفا أن "توقعات أطلقها "بنك أوف أمريكا" حول تجاوز سعر البرميل مائة دولار بحلول منتصف العام المقبل عمق حالة من القلق خاصة لدى المستهلكين الذين يرون في هذا المستوى عنصرا معطلا للطلب ومرهقا لاقتصاديات الدول المستهلكة، وفي مقدمة هؤلاء الهند التي ما زالت تعتمد على النفط الخام كمكون غالب على مزيج الطاقة لديها".