الكويت - كونا
قال تقرير اقتصادي متخصص إن تراجع أسعار النفط خلال عام 2014 لم يأت كحدث مفاجئ بل كان نتيجة زيادة حجم المعروض النفطي بشكل منتظم منذ عام 2008.
وأوضح التقرير الصادر عن المركز الدبلوماسي للدراسات الاستراتيجية خص بنشره وكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم أن إجمالي الإنتاج للنفط الخام والوقود السائل ارتفع بنسبة 10 في المئة في خمس سنوات بحسب وكالة الطاقة الأمريكية ليرتفع من 3ر83 مليون برميل يوميا مطلع عام 2009 إلى 91 برميل يوميا منتصف 2014.
وأضاف أن قرار منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) الشهر الماضي إبقاء سقوف إنتاج الدول الأعضاء عند مستوياتها الحالية دون تخفيضها أدى إلى خفض أسعار النفط اللحظية إلى أدنى مستوى لها منذ أربع سنوات.
وذكر ان معظم الزيادة جاءت من دول خارج (أوبك) وخصوصا من الولايات المتحدة الامريكية التي زودت السوق النفطية ب 9ر3 مليون برميل يوميا وهو معدل أعلى من أي بلد في (أوبك) باستثناء السعودية.
وبين ان الزيادة السنوية في الإمدادات من السوق الأمريكي بلغت 4ر1 مليون برميل يوميا عام 2014 مقارنة مع عام 2013 وأسهمت تلك الطفرة بالانتاج في تراجع معدل تنامي الطلب العالمي على النفط "إذ إن الولايات المتحدة هي أكبر مستهلك للنفط في العالم".
ولفت الى انها ليست المرة الأولى التي تتراجع فيها أسعار النفط بمستويات قياسية بل سجلت أسعار نفط برنت 14ر128 دولار للبرميل في 13 مارس 2012 بفعل التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز ثم ما لبثت الأسعار أن اتخذت مسارا تنازليا إلى 68ر88 دولار للبرميل في 25 يونيو 2012 مع ارتفاع المعروض عن المطلوب في سوق النفط قبل أن تعاود الأسعار التعافي مع أحداث ليبيا وغياب 6ر1 مليون برميل يوميا عن السوق لتسجل اعلى مستوياتها عند 48ر117 دولار في 14 سبتمبر عام 2012.
وأشار الى أن الشيء ذاته حدث عام 2008 بعد أن سجلت أسعار نفط خام برنت متوسط 95ر143 دولار للبرميل في 3 يوليو 2008 ونتيجة لحالة الكساد والأزمة المالية التي عصفت في العالم آنذاك وانخفاض الطلب على النفط وارتفاع المعروض فقد انخفضت أسعار النفط لتصل خلال أشهر إلى 16ر34 دولار للبرميل في 29 ديسمبر 2008.
وقال تقرير المركز الدبلوماسي أنه بعد اجتماع (أوبك) آنذاك في الجزائر والنجاح في سحب 3ر4 مليون برميل يوميا من السوق استقرت أسواق النفط في حين ظلت الأسعار ترتفع تدريجيا لكنها لم تصل الى 100 دولار للبرميل في المتوسط إلا بعد عامين من التقلبات والارتفاع التدريجي لتسجل 4ر100 دولار للبرميل في 1 فبراير 2011 اثر اندلاع الثورات والاضطرابات السياسية في منطقة الشرق الأوسط.
وأشار الى أن أسعار النفط تتحرك حسب معطيات السوق وليست عوامل العرض والطلب فقط من تمتلك القدرة على تحديد الأسعار بل هناك العوامل الاقتصادية الأخرى وخصوصا معدلات النمو والعوامل الجيوسياسية التي كان لها الدور الأكبر في رفع أسعار النفط مع اندلاع التوترات في دول الشرق الأوسط منذ بداية عام 2011 وغير ذلك من العوامل الأخرى ولاسيما المضاربات في العقود الآجلة للنفط.
وذكر أنه بالنظر الى النمو الاقتصادي على المستوى العالمي "نجد أن القارة الأوروبية يقترب بعض دولها من نمو اقتصادي بمعدل صفر بالمئة وكذلك شهدت الصين انخفاضا في الطلب على النفط بسبب تراجع النمو بها والنشاط الاقتصادي القطاعي بصفة عامة.
واوضح ان صندوق النقد الدولي خفض توقعاته للنمو العالمي عدة مرات خلال 2014 محذرا من ضعف النمو في الدول الرئيسية في منطقة اليورو واليابان والأسواق الناشئة الكبرى مثل البرازيل وكذلك خفضت إدارة معلومات الطاقة الأميركية توقعاتها للطلب العالمي على النفط بواقع 24ر1 مليون برميل خلال عام 2014.
وبين أنه في وقت كان ينتظر فيه أن ينمو فيه الاقتصاد العالمي بمعدلات تتجاوز حاجز ال 4 في المئة خلال عام 2014 أتت تقديرات صندوق النقد الدولي في أكتوبر 2014 لتشير إلى أن النمو المتوقع بنهاية هذا العام يبلغ 3ر3 في المئة بانخفاض قدره نحو 2ر0 في المئة عن التقدير السابق للصندوق.
وأشار التقرير الى إحصاءات وكالة الطاقة الدولية التي تتحدث عن اختلال معادلة العرض والطلب خلال الفترة المتبقية من عام 2014 لاسيما خلال عام 2015 "فنسبة الزيادات في إنتاج النفط بالنسبة للدول المصدرة تأتي بضعف حجم الزيادة اليومية في الطلب والبالغ 700 ألف برميل يوميا فقط".
وبين أن توقعات السوق التي تعكسها الأسعار اليوم تشير إلى انخفاض الطلب وزيادة العرض مستقبلا في حين تشير التغيرات في الطلب والعرض إلى أن سعر النفط في المستقبل سوف يكون أقل من توقعات القائمين على الصناعة "ولعل بعض التغيرات الأخيرة في الطلب والعرض المتوقع مستقبلا كان يمكن توقعها في وقت سابق لكن ليس هناك من سبيل لمعرفة متى قد تتغير المواقف والتوقعات".
وذكر ان انخفاض أسعار النفط يصب في مصلحة البلدان الصناعية التي لا تنتج كميات كبيرة من النفط بينما سوف يتسبب في تراجع إيرادات البلدان المنتجة للنفط التي اصبح بعضها يعيش مشاكل حقيقية بسبب تراجع أسعار النفط.