ستان بولاند مؤسس شركة فايف أيه أي للسيارات

يُعد ستان بولاند مؤسس شركة "فايف أيه أي" للسيارات ذاتية القيادة ورئيسها التنفيذي، والذي تسعى شركته إلى منافسة شركة غوغل الأميركية؛ وجاء ذلك في ظل التنافس الشديد بين الشركات الكبرى حول العالم لتطوير سيارات ذاتية القيادة، يُراهن ستان بولاند على قدرات العقول البريطانية في مواجهة الأموال الأميركية والصينية.

وتحدَّثت تتحدث "بي بي سي" إلى بولاند البالغ من العمر 58 عاما، وهو من رواد الأعمال في المجال التقني، والذي دشن شركته "فايف أيه أي" في عام 2016. ومنذ ذلك الحين، يجري العمل بالشركة على قدم وساق للانتهاء من تصميم سيارة ذاتية القيادة، على أمل أن يُصرح لها مستقبلا بالسير في الطرقات العامة دون وجود سائق خلف المقود تحسبا لوقوع أخطاء أو أعطال.

وتُعد المشكلة أن شركة "فايف أيه أي" قياسا بالشركات الأمريكية العملاقة مثل "غوغل"، و"أوبر" و"تسلا"، لا تعدو أن تكون شركة ناشئة صغيرة، ولذا فإن حجم تمويلها لا يقارن بحجم الأموال التي تنفقها هذه الشركات المنافسة على مشروعاتها لتطوير سيارات ذاتية القيادة.

إذ أنفقت غوغل على سبيل المثال 1.1 مليار دولار على تطوير مركبات ذاتية القيادة في الفترة ما بين 2009 و2015. في حين أن حجم الأموال المستثمرة في شركة "فايف أيه أي" حتى الأن لا يتعدى 29 مليون دولار.

ويُقدر عدد العاملين بشركة "وايمو" للسيارات ذاتية القيادة التابعة لـ "ألفابيت" الشركة الأم لـ"غوغل"، بنحو 3.500 موظف، ويقال إن عدد العاملين بمشروع "أوبر" للسيارات ذاتية القيادة يبلغ نحو 2.000 موظف.

وفي حين رفضت كلتا الشركتين الإفصاح عن عدد العاملين بمشروعاتها على وجه الدقة، فإن إجمالي عدد العاملين بشركة "فايف أيه أي" لا يتجاوز 120 موظفا.

وتختبر شركة "فايف أيه أي" في الوقت الراهن سياراتها في الطرق المزدحمة جنوبي لندن، وبالنظر إلى حجم هذه المشروعات، ليس ثمة شك في أن بولاند وفريقه لا يطمحون إلى منافسة هذه الشركات الأمريكية العملاقة، ولا المجموعات الصينية مثل "بايدو" ومصانع السيارات، مثل جاغوار، ولاند روفر، وبي أم دابليو، الذين ينفقون مئات الملايين من الدولارات على مشروعات تطوير المركبات ذاتية القيادة.

ولا ينكر بولاند أن هذا المشروع ينطوي على الكثير من المخاطر، ويقول إن "نجاح هذا المشروع يتوقف على تحقق بعض التوقعات". إلا أن هذا لا ينتقص من طموحه.

ويضيف "أعتقد أن الشركة التي نؤسسها الآن ستساوي قيمتها مستقبلا عشرات المليارات، أو يزيد، ولكن هذا سيتطلب بذل مجهود مضاعف"، لعل هذه الثقة الزائدة التي يتحدث بها بولاند لم تأت من فراغ. فبالنظر إلى الاختبارات التي يجريها بالفعل الفنيون بشركة "فايف أيه أي" على سيارات "فورد" فئة "مونديو" المعدلة في طرق جنوب لندن، والسيرة الذاتية لبولاند، من الواضح أنه يعي تماما ما يقول.

وتخرج بولاند في كلية الفيزياء بجامعة كامبردج، وجمع ملايين الدولارات بعد تطوير وبيع شركتين متخصصتين في مجال التكنولوجيا في بريطانيا، بقيمة إجمالية تفوق مليار دولار.

وكانت الشركة الأولى هي "إليمنت 14"، وهي شركة لنقل البيانات الرقمية. إذ شغل بولاند منصب الرئيس التنفيذي للشركة في عام 1999، عندما انفصلت عن شركة "أكورن كومبيوترز"، المالكة السابقة لها.

وبعد 18 شهرا، أشرف بولاند على عملية بيع شركة "إليمنت 14" لمجموعة "برودكوم" الأميركية مقابل 640 مليون دولار.

وفي عام 2002، أسس شركة "أيسيرا"، وباعها في عام 2011 لشركة "نفيديا" الأمريكية مقابل 367 مليون دولار.

وشغل بولاند، الذي درس في إحدى المدارس الثانوية لصفوة الطلاب في مدينة مانشستر، منصب مدير شركة "أيه أر إم" القابضة لتصنيع أشباه الموصلات.

وأنفقت شركة "وايمو"، وهي إحدى فروع "الفابيت"، الشركة الأم لـ"غوغل"، مليار دولار على تطوير سيارتها ذاتية القيادة

ويقول بولاند "إن شركة "فايف أيه أي" ستحتاج إلى المزيد من الاستثمارات حتى يكتمل تطوير مركباتها ذاتية القيادة، ولكن بإمكانها أن تصنعها بتكلفة أقل من منافسيها"، إذ يرى بولاند أن تنفيذها في الشركة لن يتطلب هذا العدد الهائل من الموظفين كما في الشركات المنافسة.

ويقول بولاند "يوجد في أي شركة لتصنيع السيارات ذاتية القيادة، فريق من 20 إلى 50 شخصا يمثلون القوة الدافعة الحقيقية لتطوير السيارات".

ويردف قائلا "وبينما توظف شركة 'وايمو' 3.500 شخص و'أوبر' نحو ألفين، أعتقد أن مهمة تطوير السيارات تنهض بها حفنة من الموظفين. فضلا عن أن العاملين المهرة في مجال الرؤية الحاسوبية وتعليم الآلة في أوروبا ليسوا أقل كفاءة من نظرائهم في الولايات المتحدة".

وتتعاون شركة "فايف أيه أي"، التي أصبح لديها ستة مقرات في المملكة المتحدة، في لندن وبريستول وكامبردج وإدنبرة واكسفورد، بالإضافة إلى طريق خاص لاختبار سياراتها في بيدفوردشاير، مع فرق الرؤية الحاسوبية (أي قدرة الكمبيوتر على معالجة الصور والتعرف عليها) والذكاء الاصطناعي في أعرق جامعات المملكة المتحدة، ومعهد "ألان تيورينغ"، وهو أكبر مركز لأبحاث الذكاء الاصطناعي في المملكة المتحدة.

ومن أجل رفع حس الانتماء الوظيفي لدى العاملين، وزع بولاند أسهم الشركة على جميع العاملين بها، "ليشعروا بأنهم يمتكلون الشركة"، على حد قوله.

وتبنى بولاند هذه الخطة وحرص على تطبيقها طيلة حياته المهنية لأنه يرى أنها تجعل الموظفين أكثر التزاما وتفانيا في العمل؛ ولهذا، عندما باع بولاند شركة "إليمنت 14" أضحى معظم العاملين بالشركة، بين عشية وضحاها، من أصحاب الملايين.

ويقول بولاند "حصل جميع العالمين على مبالغ ضخمة من البيع، كانت أقلهم نصيبا السكرتيرة التي تعمل بدوام جزئي، إذ تلقت 250 ألف جنيه استرليني".

ولا تنوي شركة "فايف أيه أي" طرح سياراتها للبيع للمستهلكين، ولكنها تخطط لتدشين خدمة تقاسم الركوب في سيارات الأجرة ذاتية القيادة.

وجهزت الشركة كل سيارة من سياراتها التجريبية بـ 14 كاميرا، وستة أجهزة رادار، وثلاثة أجهزة "ليدار" للاستشعار، والمسح الضوئي، وأجهزة كمبيوتر تُجري جميعها 300 تريليون عملية حسابية في الثانية.

وتنوي الشركة أن تطلق خدماتها التجارية في لندن بحلول عام 2022، ولكن مع وجود موظف خلف المقود تحسبا لوقوع أخطاء؛ إلا أن الشركة تأمل أن تستغني سياراتها تماما عن القائد فيما بعد إذا اجتازت اختبارات السلامة وحصلت على التراخيص اللازمة من الجهات التنظيمية، وأن تتخطى منافسيها مثل"وايمو" و"أوبر" في السوق الأوروبية على الأقل.

ويقول بولاند "لا يزال أمامنا شوط طويل لاستكمال تطوير هذه السيارات، ولكنني أرى أن السيارات ذاتية القيادة، بعد ثلاث أو أربع سنوات، لن تقل سلامة وأمانا عن السيارات التي يقودها بشر. وبعد أن نصل إلى هذه المرحلة سنبدأ في تحسين أداء المركبات ذاتية القيادة".

لكن كم شخصا سيجرؤ على ركوب سيارة أجرة بلا قائد؟ يرى روبن روبرتس، الصحفي المتخصص في السيارات بالمملكة المتحدة، أن سيارات الأجرة ذاتية القيادة قد لا تلقى رواجا بين الجمهور.

ويقول "أعتقد أن معظم الناس لن يكون لديهم الشجاعة الكافية لركوب هذه السيارات. فالبشر قادرون على الاستجابة سريعا لكل ما يطرأ حولهم من تطورات وأحداث غير متوقعة على الطرق، ولا أظن أن رد فعل الكمبيوتر سيكون بنفس القدر من السرعة مهما بلغت كفاءته".

ويردف قائلا "العقل البشري لا نظير له في المواقف التي تتطلب اتخاذ قرارات في جزء من الثانية".

أما بولاند فهو واثق من نجاح مشروعه، ويقول: "سنغير الطريقة التي تعمل بها مدننا، وسنحدث تغييرا جذريا في عالم النقل".