تطبيقات الهاتف

من اخلاص القاضي  حذر علماء دين ومتخصصون بعلم النفس والتربية من تطبيق راج عبر وسائل التواصل الاجتماعي يحدد موعد الوفاة وسببها, باليوم والشهر والسنة. وتقول ثلاثينية لـ ( بترا): "رغم ايماني المطلق بان الاجل والرزق من الغيبيات التي لا يعلم بها الا الله سبحانه وتعالى اكد لي التطبيق الذي وصلني من احدى صديقاتي على موقع الفيسبوك انني ساموت " وفقا لادعاء التطبيق طبعا " بالتحديد يوم 25 / 12 / 2030 نتيجة حادث سير مروع , ورغم سخريتي في البداية من ذلك , الا انني اصبحت متيقظة اكثر في اثناء قيادتي لسيارتي , وتعلق مبتسمة :" التطبيق منحني فرصة للعيش حتى عام 2030 ! " وتضيف , رغم معرفة من يتداول هذا التطبيق بانه لا يتعدى اطار الترفيه , الا ان نسبة كبيرة منهم - ووفقا للدردشات التي تمت بينها وبينهم - عاشت لحظات من الرعب والخوف وتملكتهم الطاقة السلبية , ناهيك عن زيادة توخيهم للحيطة والحذر خاصة على الصعيد الصحي , مشيرة الى الحالة النفسية الصعبة التي انتابتهم لحظة معرفة ايام آجالهم" المفتعلة طبعا وفقا للتطبيق" .

ويحذر متخصصون بعلم النفس من الالتفات الى ما يطلقون عليها " التكنولوجيا الهدامة " , واشاعة اجواء " الثقافة الجاهلة " , والبحث عن سبل ترفيه مرعبة تعكس حالة مرضية لمبتدعيها لا تخرج عن اطار التلذذ بتعذيب الاخرين, كما تشيرالى اصابة الباحثين عن هكذا العاب , بـ " الماسوشية " اي مرض التلذذ بتعذيب الذات .

ويدعون الى تحصين النفس بالدين والعلم والمعرفة والاطلاع , والبعد عن كل ما يسبب للاشخاص طاقة سلبية وامراضا نفسية , مشددين على استثمار التكنولوجيا بالطرق الايجابية المنتجة . وتحرم دائرة الافتاء العام تحريما قاطعا التصديق او الترويج او الاعتقاد بصحة مثل هذه التطبيقات التي تتحدث عن وقت الموت وسببه على وجه الدقة , الامر الذي يتعارض كليا مع تعاليم الدين الاسلامي وكتاب الله تعالى وسنة رسول الله , صلى الله عليه وسلم , حيث يؤكد فضيلة مفتي عام المملكة سماحة الشيخ عبد الكريم الخصاونة لـ " بترا " ولا تدري نفس ماذا تكسب غدا , ولا تدري نفس باي ارض تموت " , وهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ويضيف : ساعة الموت والرزق وكثير من الامور الغيبية لا يعلم بها الا الله سبحانه وتعالى , حتى ان الله عز وجل لم يعط علمها للانبياء والرسل, مؤكدا حرمة الانسياق لعلم الغيبيات وتصديقه وكأنه امر مسلم به , خاصة ممن يتكئون عليه زورا وبهتانا في اطار التكسب والاحتيال على ضعاف النفوس , مشيرا الى ان الغيب استأثر به الله وحده عز وجل, ومن ادعى علمه فقد كفر واشرك بالله , محذرا من انجرار الجيل وراء غث ما يبث عبر وسائل التواصل الاجتماعي , داعيا الى تعزيز الدور التربوي والاشرافي للاسر والمؤسسات التعليمية في سياق توعوي مكثف. " يُحرّم الذهاب الى المُنجّم , او ما شابه حيثيات منظومته , لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من اتى كاهنا فصدقه فقد برأ مما انزل على محمد " , هذا ما يقوله عميد كلية الشريعة في الجامعة الاردنية الدكتور محمد الخطيب , في اطار نفيه المطلق المستند لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لتصديق اي شخص او وسيلة او دعاية تتحدث عن معرفة اي مخلوق على وجه الارض بموعد موت الانسان او رزقه , مؤكدا ان الدين الاسلامي الحنيف يحرم تحريما قاطعا الادعاء بمعرفة الغيبيات المتعلقة تحديدا بالرزق والاجل .

ويستشهد الدكتور الخطيب بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لن تموت نفس الا وقد استكملت رزقها واجلها " , مضيفا : الله عز وجل مالك مفاتيح الغيب , ومن قال غير ذلك فقد كفر , وتلك التطبيقات التي تتحدث وبشكل قاطع عن تواريخ موت البشر , باليوم والسنة والسبب , تدخل في باب التنجيم الذي حرمه الدين الاسلامي الحنيف , فلا يمكن ان يستأثر انسان بعلم الله تعالى , ومن ادعى ذلك فكانه اشرك الله بعلمه , والعياذ بالله .

وفي سياق متصل يشدد الخطيب على استثمار وسائل الاتصال الحديثة ووسائل الاعلام المتعددة لنشر الافكار النيرة والقيم المجتمعية الصالحة ومساعدة الاقل حظا وكل ما يعود بالفائدة على المجتمع برمته , وعدم المشاركة بترويج اي تطبيق هدام , او فاسد , اذ ان الدال على الخير كفاعله , فيما ان الدال على الشر آثم .

ويستغرب المتخصص بعلم النفس التربوي في كلية التربية بجامعة اليرموك الدكتور عبد الناصر الجراح تصديق اي فئة في مجتمعاتنا لمثل هذه التطبيقات او ما يطلق عليه " التكنولوجيا الهدامة " حتى لو كان في اطار التسليه , اذ انها كما يتابع تسلية مزعجة , تشتت التفكير , وتفضي الى انفاق مظلمة وتجعل من الفكرة الايحائية السلبية اساسا لمسارات الحياه .

ويوضح ان الايحاء السلبي يلغي العقلانية ويعطل الانتاجية حين يركز الانسان على موضوعات لا تسمن ولا تغني من جوع , وتعد مضيعة للوقت والجهد , مشيرا الى ان ثمة اسبابا تقبع وراء الانجرار لمثل هذه الظواهر ومنها الفراغ الذي يقع به معظم الناس والشباب على وجه الخصوص , وابتعادهم عن مباعث التوعية الحقيقة والثقافة المجدية التي عمادها القراءة والكتب والاستزادة من المعرفة التي تحصن بدورها من طرق التفكير وتعزز القدرة على التحليل المنطقي .

ويرى الدكتور الجراح ان اعتماد معظم الشباب على وسائل التواصل الاجتماعي , واخذ كل ما يصدر عنها على محمل التصديق رغم احتوائها مضامين لا يصدقها العقل ولم يات بها دين سماوي , افضى لنشر نوع من " الثقافة الجاهلة " , التي عززها ضعف الوازع الديني , وانخفاض مستوى الوعي , والبحث عن كل ما يعتقد انه مختلف حتى لو كان منافيا للاعراف والعادات , وتعاليم الدين الاسلامي الحنيف .

ويشدد على " ان تحصين النفس من كل ما هو سلبي وهدام يتمركز في الدرجة الاولى بالعودة للدين والالتزام بتعاليمه , لتخطي عقبات الالتفات التام وراء كل ما تبثه " الميديا الجديدة " , مؤكدا ان الرزق والاجل كما هو معلوم للجميع امران بيد رب العالمين .

و في اطار تحليله للجانب النفسي لمن يتفنن في ابتداع طرق لاثارة الرعب في نفوس الاخرين , يقول الجراح " هنالك اشخاص ساديون يتلذذون بتعذيب الاخر " , واصفا من يبحث ايضا عن امور تحزنه وتبكيه بـ " الماسوشي " اي الذي يتلذذ بتعذيب ذاته , ويحصرها في اطار البكائيات والحزن السرمدي , مبتعدا عن التفاؤل والفرح وفاقدا للامل بالمطلق , مستدركا فيما يبحث الانسان السوي عن السعادة وينشدها في مساعيه اليومية , الامر الذي يحصن من جهاز المناعة النفسي , ويقلل من ردات فعل الجهاز العصبي السلبية الناجمة عن حصر الانسان لذاته في نفق من التعاسة والشكوى واليأس , داعيا للبعد عن السوداوية في الحياة على الرغم من اي مصاعب قد تواجه الانسان .

ويتحدث الدكتور الجراح حول الشق المادي والتجاري من انتشار مثل هذه التطبيقات المثيرة للجدل , حيث تتم الصفقات التجارية من مطلقي هذه التطبيقات والشركات المروجة لها , داعيا الى عدم الانجرار وراءها , اذ ان العوائد المادية الكبيرة تتأتى من تصديق الناس لها والفضول لفتح روابطها ومتابعتها والترويج لها عبر الاصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعي , مشددا على دور الاعلام في توعية الجيل على الصعد كافة .