كاير او بوت يمكن أن يستجيب للأوامر المنطوقة والتحدث الى الناس

تهدف لعبة بسيطة مصممة للأطفال تعليمهم حول النظام الغذائي ومرض السكري، فيجلس شخصان بينهما شاشة تعمل باللمس، ولديهما مهمة لتحديد أي من الأطعمة المختلفة التي تحتوي على كربوهيدرات أقل أو أكثر عن طريق سحب الصور وفرزها في مجموعات مناسبة. ويبدأ الشخصان اللعب بالتناوب، ويهنئ بعضهم البعض الأخر عندما يختار الخيار الصحيح ويتذمرون عندما يخطئون، ويتضح في النهاية أن أحد اللاعبين هو إنسان ألي يسمى تشارلي، يبلغ طوله قدمين، يمكن أن يتحرك ويتكلم، في ألة تبدو مثل البشر.

ويهدف تشارلي في الأساس إلى اللعب مع الأطفال، وليس مع الأشخاص كبار السن، فالأطفال يتفاعلون بشكل طبيعي مع الدمى ويتخيلون أنها كائنات حية، فهذا جزء من مرحلة الطفولة، ولكن الشخص البالغ يضع دائمًا حدودًا لردود أفعالهم مع الدمى.
وتعتبر ردود أفعال الكبار غريبة مع تشارلي ولكنها ردود نموذجية لأشخاص في مثل عمرهم، وبطبعية الحال فإن الروبوتات ليست جديدة فمنذ عام 2010 شهد العالم زيادة في الاهتمام في ألات الحكم الذاتي التي تشعر في المحيط وتستجيب له وينقل ويفعل بعض الأشياء، وقبل كل شيء التعامل مع البشر، وشاهد الجميع الألات التي تهدف إلى مساعدة العجزة في حياتهم.

ويدفع هذا الأمر إلى التساؤل كيف يمكن أن يتعامل الإنسان مع التجربة التي لا تقتصر على ساعة أو على يوم ولكن تمتد لأشهر أو سنوات عدة، وقريبًا جدًا يبدو أن الإنسان سيعتاد على فكرة العيش مع الروبوتات، وتحديدًا كبار السن والعجزة.
وتضافرت جهود الطب الحديث بسبب زيادة طول العمر لتعزيز الحاجة إلى الرعاية الاجتماعية، سواء في المنزل أو في المؤسسات، وتقليديًا كان مقدمي الرعاية موردًا نادرًا للقوى العاملة الأفقر، لذلك بدأ صانعي السياسات أن ينتبهوا للروبوتات كمصدر محتمل للمساعدة المتوافقة والأقل تكلفة.

وسارت الشركات بالفعل لإنتاج هذا النوع من الانسان الالي، ويشير أستاذ نظم الذكاء ومراقبة ذاتية الحكم في جامع بيلموث توني بيلبيم أن الهدف في الأساس مواجهة في صناعة الروبوتات إلى مراقبة كبار السن والعجزة وتوفير الرفاهية لهم، وحتى الآن فهي تقدم أكثر المهام مادية.
وأضاف " بالرغم من أنها تقدم اليوم الحاجة المادية فقط، إلا أنه سيكون من الأفضل أن يحصل كبار السن على الرفقة، وأظهرت الدراسات أن الناس لا تمانع وجود روبوت في المنزل لتتحدث معه، وطالما أجاب المسنون المستطلعون اذا كانوا يرتاحون لقضاء وقت طويل مع الروبوت بالايجاب."

وتصنف علاقات الانسان مع الكيانات الغير بشرية بأنواع مختلفة، منها العلاقة مع الحيوانات، فعندما بدأ الباحثون ينظرون في الأثار الصحية لامتلاك الحيوانات الأليفة وجدوا أنواعًا مفيدة من النتائج المادية والعقلية بما في ذلك انخفاض القلق وانخفاض الشعور بالوحدة والاكتئاب، فضلاً عن زيادة متوقعة في الرياضة، ويبدو أن الحيوانات الاليفة تحد من عوامل الخطر القلبية الوعائية مثل الدهون الثلاثية في الدم وارتفاع ضغط الدم.

ويتضح الأمر من خلال حزن الناس على حيواناتهم عندما تموت أو العكس، وكشفت البحوث في اليابان عن وجود أساس بيولوجي وتطوري لهذه العلاقة، قاسها العلماء بمستويات الأوكسيتوسين في الدم لدى الكلاب وأصحابها لمدة طويلة، ويعرف هذه المادة في الهرمون المرتبط ببناء العلاقة بين الأمهات والأطفال، وزادت فترات من الاتصال المتبادل بين الإنسان والحيوان الخاص به إلى زيادة مستويات الهرمون لدى الطرفين، واستطاعوا بالتالي الكشف عن الأساس البيولوجي للأمر.

ويرى الغالبية العظمى من أصحاب الحيوانات الأليفة حيواناتهم بأنها جزء من الأسرة، ويشرح البروفيسور من جامعة وارويك وعالم الاجتماع المختص في العلاقات بين الانسان والحيوان تشارلز بيك " هذا لا يعني أنهم يعتبرونهم من البشر، ولكن الصلات الوثيقة التي تربط بينهم تشابه العلاقات مع العائلة والأصدقاء." وتشير التوقعات أن العناصر الغير حية بما في ذلك الروبوتات قد تكون قادرة على استحضار ردود فعل الانسان مثل المشاعر، مع ذلك فان الادلة أن الانسان يرتبط أيضا بالاله بدليل أنه يصرخ عليها اذا تعطلت، واذا كان يعتقد أن هذا السلوك مجرد غضب مكبوت فعليه التفكير مرة أخرى، ففي منتصف التسعينات ظهر حيوان أليف تفاعلي يتطور بشكل مختلف بناء على طريقة الاعتناء به.

وظهر في اليابان حيوان صغير ألي يسمى بارو بزن بضعة كيلوغرامات، وأكبر بقليل من طفل رضيع قدم منذ أكثر من عشر سنوات وبيع منه 4000 قطعة، وصمم بكسوة من الفراء الأبيض الناعم، وكان يستجيب للمس والضوء والحرارة والكلام، ويجلس على الطاولة أثناء مداعبة الانسان له وينبعث منه صرير على الاستجابة ويخفض رأسه ببطئ ويغلق عينية بجاذبية، ويمكن حمله في اليدين والتمسيد عليه أكثر وهو ما زال يستجيب بشكل جميل.

ويشرح المهندس من المعهد الوطني الياباني للعلوم المتقدمة والتكنولوجيا الصناعية وصانع بارو تاكانوري سيباتا " يعطي بارو فوائد ثلاثة هي النفسية فهو يقلل من الاكتئاب والقلق والشعور بالوحدة، والفسيولوجية فهو يقلل من التوتر ويساعد في تحفيز الناس الذي يخضعون لإعادة التأهيل، والاجتماعية، فهو يشجع الناس على التواصل ويساعدهم على التفاعل مع الاخرين، وخصوصًا الاشخاص في المستشفيات نظرًا لأنها لا تسمح بوجود الحيوانات الأليفة لاعتبارات تتعلق بالنظافة والأمراض."

وتستند الكثير من الأدلة على بارو ومن بينها دراسة تجريبية أجراها باحثون في نيوزيلندا على مجموعة من سكان دار رعاية المسنين في التعامل مع باروا، فانخفض ضغط دمهم، من ناحية اخر وجدت اماندا شاركي وزملائها في جامع شيفيلد بعد المخاوف من استخدام بارو وقالت " يمكن أن يساء استخدامه في دار رعاية المسنين بالتفكير بأنه طالما يوجد بارو فلا داعي لتفاعل بشري."

وقدم نوع أخر من الروبوتات يسمى كير او بوت لا يتكلم ولكنه يرحب بصاحبه عن طريق رسالة تعرض على شاشة تعمل باللمس في المنطقة الأمامية من بطنه، ويستطيع هذا الربوت أن يأخذ صاحبه إلى المطبخ لاختيار الشراب ومن بعد ذلك يأخذه إلى غرفة المعيشة، مع زجاجة المياه أو أي شيء أخر يحمله على صينية، فيما عجلاته الغير مرئية تدور بصمت ورشاقة بشكل غريب، وعندما يصل صاحبه الى المائدة يبسط أمامه ما يحمله.

وتابع توني بيلبيم أن الروبوتات الحالية لا تملك المهارات الأكثر حاجة مثل القدرة على ترتيب الملابس أو مساعدة الناس في اللبس وما شابه، وبالرغم من أن هذه المهمات سهلة على الانسان، إلا أنها ما تزال صعبة على الآلات، ويستطيع أحدث إصدار من كير أو بوت الاستجابة للأوامر المنطوقة وأصبح يتكلم، ويمكن أن يتطور هذا الربوت كي يجلب الفطور ويغسل ويرتب الأسرة، مما سيجعل الحياة أسهل على الكبار، ولكن هل سيستطيع الانسان التأقلم معها وقبولها في المهمات الأكثر حميمة مثل مسح الدموع أو تهدئة البشر، فهل سيستطيع.

ويعتبر التكيف مع الوجود المادي للروبوت هو الجزء الأسهل، ويمكن أن تكون مشاعر الانسان تجاهه هي الأكثر تعقيدًا، ولكن إذا كان الإنسان يتفاعل مع الكلاب والقطط والخواتم والمفاتيح بسهولة ويحبها فلماذا يقلق من التعامل مع الروبوت؟ فهو في النهاية لا يقلق من تشكل هذا النوع من العلاقات بين الاطفال والدمى أو بين الأطفال وأصدقاء وهميين.
وأضاف بوب " أنا لا ارى لماذا سيكون من المستحيل تكون علاقة بين الروبوت والانسان، لا يوجد مانع لحدوث ذلك، فالالة ستكون على اطلاع بتفاصيل حياة الانسان، والمصالح والانشطة، وهي تبدي اهتمام خاص وتساعد صاحبها."

وتأمل أستاذة الذكاء الاصطناعي في هيرتفوردشاير كيرستين داتينهاهان ألا تصبح الروبوتات بديلا من البشر، وتقول " انا أعارضها تماما، ولكن اذا كانت هذه هي طريقة التقدم التكنولوجي فهناك القليل مما يمكن أن أفعله، ولكن انا لست من البشر الذي يمكن أن ينتجوا أو يسوقوا هذه الأنظمة." أنا بالنسبة لبوبي بيلبيم فهو يخالفها في هذه النقطة الأخلاقية موضحا ان مرحلة ستأتي سيكون فيها الاتصال بين الروبوت  والبشر أفضل من الاتصال بين البشر، ولكن لا داعي للقلق نظرا لأن الأطفال يلعبون مع أقرانهم ساعات مساوية للعبهم على الأجهزة اللوحية.

ويمكن للروبوتات من الناحية العلمية أن تساعد العجزة في حياتهم، ولكن أن يصبح الروبوت يمتلك مهارات تواصل وبراعة ليصبح رفيق للانسان فهو محض خيال، لأن الرفقة تأتي من ثلاث شروط أساسية هي المشاركة الفكرية والتعلق العاطفي والوجود الفعلي.
ولا تعتبر الأخيرة قضية، ولكن الأولى تعتبر مصدر جدل، ففي عام 2014 قدم الانسان الالي شابوت على أنه صبي يبلغ من العمر 13 عاما كان أول من خدع البشر بالاعتقاد أنه بشري حقه، مع ذلك فهناك عقبة أمام محادثة مرضية مع الانسان الالي، وهي افتقاره لوجهة النظر، فهذا يتطلب أكثر من صياغة اجابات ذكية لأسئلة صعبة، فوجهة النظر شيء خفي ومتسق يكونها الانسان ليس في بضعة ساعات ولكن خلال تبادلات كثيرة حول العديد من المواضيع لا علاقة لها على مدى فترة طويلة.

وسيحصل الارتباط العاطفي بلا شك بين الانسان والروبوت، ولكن نوعية ومعنى هذا الارتباط تعتبر قضايا اساسية هنا، ففي حالة ارتباط الانسان بالكائنات الحية كان السبب فيزيائي وكيميائي، ولكن كيف سيرتبط جسم من المعادن والسيلكون بالإنسان لتوليد ذخيرة عاطفية مساوية للتي يقدمها البشر؟
ويستطيع الانسان بالعموم قبول جهاز يعتني به، شريطة الا يتصل به عاطفيا فهذا افضل لمصحة القلب، ولكن يعود الانسان ويفكر لماذا لا يحصل اتصال عاطفي مع الروبوت ففي النهاية سيعيش معه فترة طويلة، وفي النهاية على البشر أن ينتظروا ليروا شكل التفاعل الذي سيحدث في حياتهم مع الانسان الآلي وخصوصًا مثل كير وا بوت الذي يقدم الرعاية بطريقة مميزة.