الحب في ثوب جديد

للقاء الأحبة بعد غياب واشتياق مذاق جميل لا ينسى ويظل عالقا بالوجدان، لذا لا بد وأن يحرص جميع الأزواج على تذوقه بين الحين والآخر، وذلك بتمتع كل منهما بأجازة زوجية ببعده عن الآخر بمدة معقولة تسمح بتجدد الحب والإشتياق، فالإعتدال ينفع ويحقق الهدف منه وبنجاح والمبالغة حتما ستضر. فالهدف الأساسي لأي أجازة هي التجدد والنشاط لتحقيق الإقبال على الحياة بعدها بأمل وتفاؤل، وليتقن كل منا عمله بمجرد العودة منها، والأمر لا يختلف عن ذلك في حالة الأجازة الزوجية فالهدف منها تجديد النشاط، والتخلص من الرتابة والروتين وكافة السلبيات التي تحدث بسبب الظروف الحياتية اليومية بما فيها من ضغط العمل والمسؤوليات.
 
والآن كيف تكون الأجازة الزوجية ثوبا جديدا للحب؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال دعوني أطرح سؤال آخر وهو: ماذا يفعل الأطباء عندما يتوقف القلب؟ هل يتركون المريض فريسة للموت أم يحاولون إنعاش قلبه أولا ثم يقررون الحالة بعدها؟
 
إن الحياة الزوجية هنا بمثابة المريض الذي أصابه المرض في فترة من حياته، والقلب هنا هو الحب، والأجازة الزوجية هي الطبيب أو الدواء الموصوف لإنعاش القلب أي الحب والعمل على تجدده وبعثه بروح جديدة كلها نشاط وتفاؤل وأمل. وفي ما يلي أهم ما تحققه الأجازة الزوجية القصيرة والهادفة:
 
أولا: القضاء على الملل
من شأنه أن يصيب العلاقة بفتور، وبالبعد لفترة معقولة غير طويلة سيخلق التجدد والحيوية لروح العلاقة الزوجية.
 
ثانيا: معرفة قيمة القرب
بالبعد يقدر كل طرف قيمة الطرف الآخر، فكل من الطرفين ستدور في فكره مقارنة لحاله بين بعده عن الطرف الآخر و قربه منه، وحتما سيشعر بالفرق.
 
ثالثا: الإشتياق
وهو نتيجة مهمة لبعد الأزواج عن بعضهما وهي دلالة على وجود الحب وقوته، وللتأكيد على أن ما يعترض الحياة الزوجية من عثرات هي أمور طبيعيىة في حياتنا، يمكن التغلب عليها بالصبر ومعاونة كل طرف للآخر.
 
رابعا: القرار السليم
ببعد كل طرف عن الآخر ستختفي المشاكل مما يعطي فرصة لكل طرف للتفكير بتمعن والحكم على أفعاله، ووضع أسس جديدة للتعامل مع شريكه، ورسم خط جديد لسير الحياة بينهما متوج بهدف نبيل وهو الحفاظ على العلاقة في أبهى صورها.
 
خامسا: تهدئة النفس المتعبة
في البعد سيختلي كل طرف بنفسه وسيرتاح قليلا من عصبية الطرف الآخر التي تتلازم مع المسؤوليات والإبتلاءات المختلفة التي تحدث لهما، وبالتالي ستهدأ النفس المتعبة وستأخذ هدنة من المشاحنات والضغوط التي تضيق منها الأنفاس والصدور.
 
وأخيرا أود أن أنوه إلى أن الأجازة الزوجية التي أقصدها هنا هي مدة قصيرة يتفق عليها الزوجان ويقرراها سويا لصالح حياتهم المقبلة، وتستأنف بعدها الحياة مزينة بالحب والشوق والأمل، لكن هذا الأمر لا ينطبق على الأجازات الزوجية الطويلة التي تثير مشاعر الجفا، والعند، والإبتذاذ كأن يقوم أحد الأطراف بهجر الآخر والبعد عنه لفترة طويلة حتى يخضع له راكعا كما يتصور بعض الأزواج والزوجات حتى وإن كانت النية الإصلاح، فلن يكون هناك إلا فساد في العلاقة لأن البعد الفائق عن الحد كفيل بقتل أواصر المحبة والود.