المشاكل الزوجية

 ما نظرة الإسلام للخيانة الزوجية؟ وما حكم الإسلام لخيانة الرجل والمرأة؟ الشيخ وسيم المزوق يجيب على هذه الأسئلة في هذا المقال:

فقد قال بعض السلف: خلق الله الملائكة عقولاً بلا شهوة، وخلق البهائم شهوة بلا عقول، وخلق ابن آدم وركب فيه العقل والشهوة، فمن غلب عقله شهوته التحق بالملائكة، ومن غلبت شهوته عقله التحق بالبهائم، فمن انساق وراء شهوته، واتبع هواه، فقد انحط عن رتبة الإنسانية إلى رتبة الحيوانية.

قال سبحانه: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا * أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا {الفرقان: 43-44} ومن الشهوات الوقوع بالزنا، وهذه الفاحشة من أكبر الكبائر وأقبح الفواحش، ولا فرق في الأصل بين أن يصدر هذا الفعل الشنيع من رجل أو امرأة، فإن وقوع الرجل أو المرأة في الزنا أو ما دونه من أي علاقة مشبوهة محرمة، هو خيانة لحق الله تعالى، ونقض لميثاقه سبحانه، وتعد لحدوده، قال تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء: 32}، وقال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ {الفرقان: 68- 70} وأصحابه عرضة لأن يشملهم الوعيد الوارد في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم التي قصها على الصحابة الكرام وفيها: فانطلقنا فأتينا على مثل التنور قال وأحسب أنه كان يقول فإذا فيه لغط وأصوات قال فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم...، وفي آخر الحديث سأل عنهم صلى الله عليه وسلم فقيل: وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني. رواه البخاري.

 حكم الاسلام للخيانة الزوجية للرجل والمرأة

وإثم الزنا وعقوبته سواء في حق الرجل والمرأة، فكل منهما مرتكب لمعصية كبيرة، وعقوبتهما إن كانا غير محصنين سواء (مائة جلدة)، قال تعالى: (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة)، وعقوبتهما إن كانا محصنيين سواء (الرجم حتى الموت)، فعقوبة الزاني (أو الزانية) البكر مائة جلدة، والرجم للثيب حتى يموت، عن جابر رضي الله عنه: أن رجلاً من أسلم أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فقال: إنه قد زنى فأعرض عنه فتنحى لشقه الذي أعرض فشهد على نفسه أربع شهادات، فدعاه فقال: هل بك جنون؟ فقال: لا, هل أحصنت؟ قال نعم فأمر به أن يرجم بالمصلى، ... رواه البخاري، قال النووي: أجمع العلماء على أن الرجم لا يكون إلا على من زنى وهو محصن، وأجمعوا على أنه إذا قامت البينة بزناه وهو محصن يرجم. اهـ هذا ومن تاب إلى الله تاب الله عليه بشرط أن تكون التوبة توبة نصوحا وذلك بالإخلاص والإقلاع عن الذنب والندم على فعله والعزم على عدم الرجوع إليه.

وأن تكون التوبة قبل أن يصل العبد إلى حال الغرغرة عند الموت، فمن تاب وأقلع عن الزنا وستر نفسه ستر الله في الدنيا والآخرة فعلى العبد أن لا يؤخر التوبة فقد قال لقمان لابنه: يا بني، لا تؤخر التوبة، فإن الموت يأتي بغتة، ومن ترك المبادرة إلى التوبة بالتسويف، كان بين خطرين عظيمين، أحدهما: أن تتراكم الظلمة على قلبه من المعاصي، حتى يصير رينا وطبعا فلا يقبل المحو، الثاني: أن يعاجله المرض أو الموت فلا يجد مهلة للاشتغال بالمحو.