هروب ثلاث طالبات إنجليزيات نحو سورية

علمت صحيفة "التليغراف" البريطانية أن الفتيات الثلاثة اللاتي هربن من المنزل للانضمام إلى تنظيم "داعش" في سورية، تم إبقاءهم تحت حراسة مشددة في مجمع للأرامل والنساء اللاتي تم اختبار ولائهم للجماعة فيما يسمى بـ"عرائس الجهاد".

وقضت الفتيات شيماء بيجم (15 عامًا) وكاديزة سلطانة (16 عامًا) و أميرة عباسي (15 عامًا) الشهور الأولى لهم في معقل خلافة "داعش" في مجمع مغلق للجهاديين في معقل الرقة، وذلك عند هروب الفتيات من منزلهم شهر شباط/فبراير، وقد وضعت الفتيات الثلاثة تحت رعاية سيدة تدعى أم ليث والتي تولت مهمة تنقية عقول فتيات مدرسة "بينتال غرين" من المفاهيم الغربية وغرس المفاهيم المتشددة للشريعة الإسلامية في عقولهم.

وأكد الناشطون الذين راقبوا الفتيات، أنه في الأشهر الأولى لم يكن حكام "داعش" يثقون بالفتيات، ولذلك تم منعهن من مغادرة شقتهم دون وصي، حيث أوصى أحد أمراء "داعش" بالتحدث مع الفتيات دون تحديد هوية المتحدث مع حفظ الفتيات معا في مكان واحد واختبارهن، باعتبارهن ليسوا محل ثقة حتى الآن، ولكن قبل سبعة أسابيع التقط بعض النشطاء المناهضين لـ"داعش" فيديو للفتيات وهن يتجهن إلى محلات البقالة، وتم إرسال الفيديو إلى "تيلغراف".

وظهرت نسخة أخرى من نفس مقطع الفيديو عبر وسائل إعلامية أخرى من خلال وسطاء لا يعرفون قيمة هذا المقطع، إلا أن بعض المنظمات تحدثت عن الأمر، حيث ذكر مدير منظمة "Eye on the Homeland" أحمد عبد القادر أن "رجالنا شاهدوا ثلاث فتيات يخرجن من الشقة التي يعشن فيها مع أم ليث ولم يكن لديهن أي زوار"، وأوضح النشطاء أنهم شاهدوا ثلاث سيدات يرتدين النقاب والعباءة السوداء مغادرين المبنى ويعتقد أن أحداهن هي "أم ليث" حيث لا يسمح للفتيات بالخروج بمفردهن.

وأضاف السيد عبد القادر "نحن لا نعرف على وجه اليقين، ربما قد أصبح الفتيات محل ثقة للخروج بمفردهم بعد وجودهم في المكان لأكثر من شهرين "، وحصلت منظمة "Eye on the Homeland " على فيديو للفتيات مدته دقيقتين باستخدام كاميرا سرية ويظهر فيه الفتيات وهم يسيرن في شوارع الرقة.

ويظهر مقطع الفيديو أن واحدة من الفتيات كانت ترتدي "بدلة رياضية " تشبه تلك التي كانت ترتديها أميرة (15 عامًا) عندما شوهدت في لقطات فيديو وهي في محطة الحافلات التركية في شهر شباط/فبراير أثناء انتظار الفتيات للاتجاه إلى سورية، وتشير لقطات الفيديو إلى وجود علاقة بين الفتيات الثلاثة والذين تقودهم أميرة وتحمل شنطة سوداء في يدها ويتدلى من كتفها الأيمن بندقية "كلاشينكوف"، بينما تحمل الفتاتان خلفها المشتريات من محل البقالة.

وعلّق السيد عبد القادر بأنه "من الطبيعي أن تحمل الفتيات سلاحًا، فليس هناك محارب أجنبي يترك منزله دون سلاح حتى ولو كان امرأة، فهم يخشون من هجمات المعارضة عليهم داخل المدينة"، وأضاف أن العديد منهم غالبا ما يرتدون سترات واقية من الرصاص تحت ملابسهم أيضا.

وتركت الفتيات الثلاث عائلاتهن متجهات إلى اسطنبول في شهر شباط/فبراير من هذا العام، وباعوا مجوهراتهن ليزدن رصيدهن من المال وليدفعن للرجال الذين سيتولون عملية تهريبهن إلى منطقة الخلافة التي يسيطر عليها "داعش"، وبعد وصولهم إلى جنوب تركيا بالقرب من الحدود السورية، تم تصوير الفتيات في محطة الحافلات بواسطة كاميرات المراقبة .

وظهرت الفتيات الثلاثة وكل منهم تحمل حقيبة صغيرة، بينما أظهر فيديو أخر تم تصويره بواسطة محمد رشيد، وهو وكيل مزدوج لـ"داعش"، حيث يقوم ببث تقارير للحكومتين البريطانية والكندية، وقبض عليه في وقت لاحق من قبل السلطات التركية، حيث ظهرت الفتيات وهن يرتدين سترات إسلامية سوداء طويلة ويجتمعون في سيارة، في حين أعطاهم رشيد جوازات سفر سورية ، وأخبرهم بالأسماء الجديدة التي تم اختيارها لهم ومنها "أم أحمد"، مؤكدا لهم أنهم سيكونون في سورية خلال ساعة واحدة.

وذكر السيد عبد القادر أنه "تم نقل الفتيات إلى نقطة عبور غير شرعية تسمى أبو زيلا شمال تل الأبيض وتم تسليمهم إلى شخص سعودي الجنسية يدعى أبو محارب الجزراوى"، وهو من أعضاء "داعش" المسؤولين عن نقل الجهاديين الجدد إلى الرقة، حيث تؤخذ الفتيات إلى منزل آمن يستخدم للمتطوعين الجدد ليتم فحصهم.

وأوضح أنه تم مصادرة جوازات السفر الخاصة بالفتيات وأخذ بطاقات هويتهم، وظلت الفتيات في المنزل لمدة يوم أو يومين، وبعدها تم تسليم الفتيات إلى مهرب أخر من "داعش" يسمى " أبو فهد"، والذى قلم بأخذهم إلى الرقة، وعلى ما يبدو أن هذا هو اسمه المستعار خصوصًا وأن "داعش" لا يعطي معلومات حقيقية عن أفرادها أمام المتطوعين الجدد حتى يتم التأكد من أنهم ليسوا متسللين، وبعد ذلك تم نقل الفتيات إلى مجمع سكنى خاص بالأرامل والفتيات غير المتزوجات وهو المكان الذي أصبح بيتهم في الأشهر المقبلة.

ووصف عبد القادر المبنى الذي تعيش فيه الفتيات بأنه مبنى مكون من طابقين ويستخدم كمكتب إداري لمصنع تجهيز القمح الذي تديره الحكومة في شمال المدينة بالقرب من صوامع الحبوب، ويعتقد الجهاديون وفقا لرأى السيد عبد القادر أن المكاتب السابقة آمنة وغير مستهدفة من قبل الضربات الجوية لقوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة، لأنها بعيده عن القواعد العسكرية لـ"داعش" كما أنها قريبة من المنازل السكنية، مما يعنى وقوع ضحايا مدنيين بعدد كبير فث حال ضربها.

وأكدت مؤلفة التقرير الصادر أخيرًا بشأن المقاتلات الأجانب من الإناث، والذي نشر بالاشتراك بين معهد الحوار الإستراتيجي ومركز "ICSR" ميلاني سميث "أعتقد أن هناك حوالي أربعة مقرات في الرقة، فهي أماكن لتعزيز فكر "داعش" ورصد القرارات التي يتخذها يوما بعد يوم"، ويوضح السيد عبد القادر " يعتقد أن أم ليث التي تعيش مع الفتيات هي زوجة أحد أمراء "داعش" أما زوجها فقد يكون على خط المواجهة أو أنه ربما قتل في إحدى المعاركة".

ويذكر أن " أم ليث" ليست " أقصى محمود" تلك الطالبة البالغة 20 عاما من غلاسكو، والتي سافرت إلى سورية وساعدت في تجنيد نساء بريطانيات للخلافة في "داعش"، ويعتقد أن لها يد في استدراج فتيات مدرسة "بينتال غرين" إلى الرقة إلا أن الفتاة الجهادية نفت ذلك في اتصال لها بوالديها، بينما يعتقد السيد عبد القادر أن أم ليث هي سيدة كبيرة سنا وموضع ثقة بالنسبة لتنظيم "داعش"، فهي المسئولة عن المنزل الذي يضم المجاهدات الأجانب.

وأضاف عبد القادر "يستمر الناشطون من رجالنا في تتبع الفتيات ومراقبة المبنى الذي يعيشون فيه يوميا"، في حين لم تستطيع "التليغراف" التواصل مباشرة مع النشطاء المتواجدين داخل الرقة، إلا أن السيد عبد القادر ومقره جنوب تركيا كشف عن مقتطفات من رسائله مع مصادره هناك، حيث يعد الحديث إلى صحافيين أجانب جريمة عقوبتها الإعدام، وبخاصة في المناطق التي يسيطر عليها "داعش"، فضلا عن زيادة الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة، كما تسعى "داعش" للسيطرة على خطوط الاتصالات الهاتفية والتي تم قطعها حتى في المنازل الخاصة مع قطع الانترنت في المقاهي المختلفة لإحكام السيطرة على المدينة، وأضاف أن " مصادرنا تقوم هناك بإرسال المعلومات عندما يجدون مكانا آمنا للحديث ، هم لديهم طرقهم ".

وتنفذ قوات الشرطة من الإناث دوريات في المدينة لتطبيق الشريعة المتشددة للجهاديين وتطبيق العقوبات والتي تتمثل في أحيان كثيرة في جلد للنساء اللاتي تتعدى حدودهن، وهناك أيضا "مكاتب للزواج" وفيها يتم تسجيل الفتيات المستعدات للزواج، وذكر أحد سكان الرقة رفض ذكر اسمه أن"هناك أنثى من أعضاء داعش البارزين تحتفظ بملفات الفتيات وتستخدمها لتوصيل الفتيات بالأزواج المقاتلين المناسبين لهم الذين يبحثون عن زوجات ".

وأكدت السيدة سميث أنهم "يدربون القادمون الجدد حتى يمكنهم الوثوق بهم، ولذلك فهم يضعون الجدد تحت الإقامة الجبرية حتى يتم تعليمهم الشريعة وكيفية التصرف في الأماكن العامة وفقا للمعاير الثقافية لداعش".

وأشار عبد القادر إلى إن وجود الفتيات لدى "داعش" يفيدهن في أمور كثير بجانب الزواج، فالجهاديون هناك ليسوا في عجلة من أمرهم، كما نفى السيد عبد القادر الادعاءات التي تزعم تدريب الفتيات على التفجيرات الانتحارية، لكن يتم إدماجهم في آلة الداعية لـ"داعش"، ما يجعلهم أداة جذب لمزيد من الأجانب.

وذكر محامي أسر الفتيات الثلاثة تسنيم أكونجي أن الفتيات اتصلن بعائلاتهن وأبلغوهم بأنهن بأمان، إلا أن المحامي رفض التعليق على أي تفاصيل بشأن الفتيات في الرقة، وجدير بالذكر أن الفتيات كانوا تحت الرقابة المشددة بواسطة "أم ليث" أثناء حديثهم مع أسرهم.

وذكر عبد القادر أن الحديث السلبي عن تنظيم "داعش" يعد جريمة خطيرة تستوجب توقيع عقوبة قاسية، وأضاف أنه علم بإعدام ثلاثة فتيان من الوافدين الخارجيين في الأشهر الأخيرة بعد اتهامهم بخيانة الثقة، في حين ذكرت مصادر أخرى داخل الرقة للصحيفة أن هناك عدد متزايد من الأجانب الذين يرغبون في الهروب، وذكر أحدهم طلب عدم ذكر اسمه أن "هناك مجموعة من 40 من الأوروبيين جاءوا إلى الخلافة لكنهم الآن يرغبون في المغادرة، ويقولون أن الأمر لم يكن مثل الوعود التي وعدوا بها على شبكة الانترنت، لكن الوضع خطير وقاسي، هناك الكثير من عمليات القتل والقنابل والتفجير".

ويعتقد عبد القادر أن الفتيات أيضا يرغبن في الهروب إن كانت لديهم فرصة من خلال الشائعات التي تناثرت في حديث الفتيات مع بعض المنشقين، من جانبه بيّن محامي عائلات الفتيات الثلاثة أن الفتيات الآن تم فصلهن عن بعض، وأوضح السيد عبد القادر أن هذا قد يكون صحيحا، وأن النشطاء لم يستطيعوا تتبع الفتيات حتى شقتهم القديمة في الأسابيع الأخيرة، ويعتقد أنه قد تم نقلهن إلى مدينة الموصل مقر "داعش" في العراق، وأينما كانوا فإن الفتيات لن يستطعن الهرب فالطريق إلى خلافة "داعش" طريق ذو اتجاه واحد.