مقاتلات عربيات يشاركن في الحرب ضد "داعش"

إلى جانب المقاتلات الكورديات تقف مقاتلات عربيات في الخطوط الأمامية للجبهات المشتعلة في ريف منبج والرقة معقل " تنظيم داعش" في سورية، تمزقن أكفان التقاليد وعادات العشائر التي ينتمين لهن، والرصاصة الأولى خرجت من إرادتهن قبل خروجها من فوهات البنادق التي باتت الصديق والمخلص من الطاعون الذي اجتاح مدينتهن منبج.

وقالت المقاتلة ليلى جاسم لـ" فلسطين اليوم" :"كان السواد يكتسح طرقات مدينتي وبيوتها وسمائها، عندما أحكم مقاتلو التنظيم قبضتهم عليها، كانت تساق عشرات الفتيات من قبل شرطة الحسبة وهن داعشيات كانت مهمتهن أخذ النساء بالإكراه، والتهديد والوعيد بالجلد والحرق والتشويه والنحر تسبق سلاحهن، وهن تجبرن الفتيات على الزواج من مسلحي داعش لتصبحن عبيدات الجنس"، وتتابع مضيفة :" واقع النساء كان مأساوي لذا صممت على تحرير المرأة وتخليصها من العبودية، وأولهن كنت أنا ".

115 كم تفصل منبج عن مدينة حلب ثاني أكبر المدن السورية، وفيها تراقب "عبير" زملائها المقاتلين وهم يقتادون بعض عناصر التنظيم ممن يقبض عليهم بشكل شبه يومي خلال المعارك الدائرة بين قوات سورية الديمقراطية وعناصر داعش، وتستذكر ذات العشرين ربيعًا فترة وجودها في مدينتها منبج وإجبار التنظيم لها إما الزواج من أحد عناصره أو فقدانها لحياتها بعد اتهام والدها بالسرقة.

وتابعت عبير :" عانى أهلي وجيراني وسكان مدينتي من ممارسات التنظيم المتطرف الذي مارس أبشع الجرائم، ومنذ دخوله منبج أقام منصّة إعدام في الساحة العامّة منتصف المدينة، صلب عناصره شيخ ستيني من قرية رمّانة في ريف منبج، وتمّ إعدامه بالقرب من حيّ الحزاونة وكتب على اللافتة التي عُلقت على جسد القتيل أنّ اسمه "إبراهيم"، ولم نكن نجرؤ الوقوف في وجههم، لكن انضمامي لوحدات حماية المرأة منحني القوة والثقة الكافية على مواجهتهم والنيل منهم".

عقلية المجتمع  الذكوري التي تتحكم بالمرأة بذريعة العادات والتقاليد دفعت "سميرة عبود"، ذات الاثنين والعشرين عامًا من عشيرة "العنزة " أكبر العشائر العربية المعروفة في المنطقة، أن تتمرد على التقاليد البالية، وتصبح مقاتلة ضمن قوات حماية المرأة التي تشكل جزءا من وحدات حماية الشعب الكردية، في خطوط المواجهة الأمامية في الريف الشمالي الشرقي لمدينة الرقة، منذ العام والنصف.

وتروي سميرة :" عندما رأيت المقاتلات الكورديات، تساءلت لماذا الفتيات العربيات لسن مثلهن؟ وفي نفس الوقت قلت: لأنهنّ تحت ضغط كبير من التخلف والرجعية من قبل مجتمعهن وعوائلهن، تأثرت بجسارة المقاتلات الكورديات كثيرًا، وتمنيت مرارًا وتكرارًا بأن أصبح مثلهن، لذا انضممت إلى وحدات حماية المرأة بدافع قوي وهو للدفاع عن أرضي وعرضي، وأيضًا لأنتقم من تنظيم داعش الذي تسبب بقتِل مئات المدنيين الأبرياء ".

سميرة مقاتلة كعشرات المقاتلات العربيات اللواتي يشاركن في حملة “غضب الفرات” ضمن قوات سورية الديمقراطية، وتهدف العملية التي بدأت في تشرين الثاني/نوفمبر بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، إلى طرد تنظيم الدولة الاسلامية من الرقة، أبرز معاقل الجهاديين في سورية.

المتحدثة باسم “حملة غضب الفرات” والقيادية ضمن قوات سورية الديمقراطية، جيهان شيخ أحمد، كشفت أن عن عدد المقاتلات العربيات تجاوزت الألف وقالت :"تجربة وحدات حماية المرأة انعكست على جميع المكونات والقوميات في سورية، وبعد تحريرنا لمناطق ذات غالبية عربية كالشدادة وتل حميس ومنبج، ازدادت أعداد المقاتلات العربيات بيننا”، وفمشهد حمل المرأة السلاح بات مألوفًا في شمال سورية، بعد تعرض مناطقه لهجمات شرسة من قبل مسلحي داعش العدو الأكثر فتكًا عرفه القرن 21 والذي باتت خطورته تهدد المجتمع الدولي برمته.