اطفال النقب

لم تعد منطقة النقب جنوبي البلاد منكوبة بسبب حملات الهدم المتواصلة هناك منذ عشرات السنين، والتي طالت آلاف البيوت والمساجد والمحال التجارية تحت ذريعة البناء بدون ترخيص فقط، فهي وإن كانت كارثية على مجتمع النقب الصامد على أرضه، رغم بشاعة هذه الحملات المستمرة، إلا أنها ليست كل الحكاية.

فالإحصاءات التي أعلن عنها بمناسبة اليوم العالمي للطفل، والتي أظهرت أن 75% من الأطفال ما بين جيل 3 إلى 4 أعوام لا يذهبون إلى الروضات بسبب النقص الحاد في عدد روضات الأطفال في النقب، يكشف عن مدى استهتار المؤسسة "الإسرائيلية" بسكان النقب من كل الشرائح دون استثناء.

وفي المقابل يوضح تقرير "إسرائيلي" أن نسبة الأطفال اليهود الذي لم يدخلوا الروضات هو 5% فقط في العام 2014، ما يجعل الفجوة بين أطفال النقب والأطفال اليهود كبيرة جدًا، وهو ما يراه المراقبون بأنه نتيجة متوقعة للسياسات العنصرية والعرقية التي تمارسها المؤسسة "الإسرائيلية" بكل أذرعها على سكان النقب كبارهم وصغارهم دون استثناء.

خيري الباز عامل اجتماعي وناشط في قضايا التعليم في النقب ذكر لـ " فلسطينيو 48"، أن وضع التعليم في النقب متدني ويعاني من مشاكل كثيرة، ليس فقط في القرى غير المعترف بها، بل حتى في القرى والبلدات التي تحظى بالاعتراف.

وأضاف بأن المشاكل التعليمية في النقب بداية من الجيل الغض وحتى المرحلة الجامعية هي في مجملها ناتجة عن سياسات التهميش التي تقوم بها المؤسسة "الإسرائيلية" تجاه المواطنين في النقب.

وأكد الباز أن الاحصاءات الأخيرة التي كشفت عن نسبة الاطفال الذين يُحرمون من التعليم في الجيل الغض وحتى الروضات، بسبب نقص الصفوف والبرامج والكوادر يدل على أن وزارة "التعليم" تتعامل مع أطفال النقب كأنهم من عالم آخر.

ونوه إلى أن هذه السياسات حرمت أجيالًا كاملة من أبسط حقوقهم في التعليم والإعداد قبل مراحل المدرسة، وهو ما سينعكس سلبًا على تحصيلهم الدراسي في المراحل المتقدمة.

يشار إلى أن معظم القرى غير المعترف بها تعاني بشكل كبير من نقص الروضات بسبب تصنيف هذه القرى بغير شرعية بحسب المؤسسة "الإسرائيلية"، ما يجعل عشرات الآلاف من أطفال النقب الذين يسكنون في هذه القرى محرومين من أبسط حقوقهم في الإعداد التعليمي، في فترة مهمة جدًا من حياتهم وتكوين شخصياتهم، في مجتمع تبلغ نسبته الطفولة والشباب فيه نحو 64% من مجمل السكان.