القاهرة - فلسطين اليوم
"إن لكل أمة أمينا، وإن أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة بن الجراح"، هكذا وصف النبي محمد صلى الله عليه وسلم الصحابى الجليل أبو عبيدة بن الجراح، وبالرغم من أن صفة الأمانة كانت من صفات الصحابة، إلا أن النبي ميز أبو عبيدة بأن لقبه بـ"أمين الأمة"، وذلك لما عرف عنه من التقوى، والأمانة، والثبات، وحسن الخلق، والقدرة على القيادة.
من هو أبو عبيدة بن الجراح؟
هوأبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال القرشي الفهري، ويجتمع نسبه مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم في فهر.
كان أبو عبيدة من السابقين إلى الإسلام، وأسلم مع مجموعة من الصحابة منهم عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن مظعون، وكان إسلامة قبل أن يتخذ النبي دار الأرقم بن الأرقم مقرا للدعوة الإسلامية، وهاجر مع المسلمين من مكة إلى المدينة المنورة.
وكان عبيده من الوجوه المريحة، عن عبد الله بن عمرو قال "ثلاثة من قريش أصبح قريش وجوها، وأحسنها أخلاقا، وانبتها جنانا، إن حدثوك لم يكذبوك، وإن حدثتهم لم يكذبوك، ابو بكر الصديق، وابو عبيدة بن الجراح، وعثمان بن عفان".
أمين الأمة وأحد المبشرين بالجنة
كان أبو عبيدة بن الجراح رجلا أمينا، حافظا لكتاب الله، شديد التقوى، قادرا على القيادة، لذا لقبه النبي محمد صلى الله عليه وسلم بلقب أمين الأمة، حيث قال النبي "إن لكل أمة أمينا، وإن أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة بن الجراح"، وروي أن عمر بن الخطاب قال "لو كان أبو عبيدة بن الجراح حياً لاستخلفته، فإن سألني ربي عنه قلت استخلفت أمين الله وأمين رسوله".
وعندما جاء أهل نجران إلى النبي قائلين له " ابعث لنا رجلا أمينا فقال لأبعثن إليكم رجلا أمينا حق أمين، فاستشرف له الناس فقال النبي لأبعثن لكم رجلا أمينا حق أمين فبعث أبا عبيدة بن الجراح".
بشر النبي محمد عشرة من الصحابة بالجنة وكان من بينهم أبو عبيدة بن الجراح، ويقول النبي"أبو بكر في الجنة، وعلي في الجنة، وعثمان في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة".
جهاد أبو عبيدة في سبيل الله
كان أبو عبيدة من المدافعين عن الدين الإسلامي والنبي محمد، وشارك في غزوات النبي، ومن شدة إيمانه بالله وحبه للنبي قاتل أباه في غزوة بدر، حيث كان أبوه الجراح بن هلال من أعداء الله ورسوله وخرج في بدر لقتال المسلمين، فقاتله ابنه أبو عبيدة حتى قتله وضرب مثلا من أروع أمثلة الشجاعة والثبات في سبيل الله ونزل قول الله تعالى "لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَـئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ".
وشارك أبو عبيدة في غزوة أحد، ليضرب لنا مثلا أخر في الشجاعة وحبه الشديد لله ورسوله، فعندما هجم المشركون على المسلمين وهناك من فر من المعركة، ظل أبو عبيدة صامدا في المعركة، وعندما أصيب النبي محمد صلى الله عليه وسلم في وجهه ودخلت حلقتين المغفر في وجنتيه، وقف غلى جانبه قلة ممن ثبتوا في المعركة، وعلى رأسهم أبو بكر الصديق وابو عبيدة بن الجراح، وروي عن السيدة عائشة أنها سمعات أبو بكر يقول " لما كان يوم أحد ورمي رسول الله في وجهه حتى دخلت في وجنتيه حلقتان من المغفر، فأقبلت أسعى إلى رسول الله ورجلا قد أقبل من قبل المشرق يطير طيرانا، فقلت اللهم اجعله طاعة او طلحة حتى توافينا إلى رسول الله فإذا أبو عبيدة بن الجراح قد بدرني فقال أسألك الله يا أبا بكر إلا تركتني فأنزعه من وجنة رسول الله قال أبو بكر فتركته، فأخذ أبو عبيدة بثنية إحدى حلقتي المغفر فنزعها، وسقط على ظهره، وسقطت ثنية أبى عبيدة، ثم أخذ الحلقة الأخرى بثنيته الأخرى، فسقطت، فكان ابو عبيدة في الناس أثرم".
وروي عن أبو بكر رضي الله عنه قوله "أسرعت نحو رسول الله، وإذ برجل يركض نحو رسول الله كالبرق وإذ بأبي عبيدة، فلمّا وصلنا إلى رسول الله هممت بأن أنزع حلقات المغفر من وجنتيه، فقال لي أبو عبيدة: أسألك بالله يا أبا بكر ألا تركتني فأنزعها أنا، فتركته، فأمسك بالحلقة بأسنانه فنزعها، ثمّ سقط على ظهره وفقد ثنيته، ثمّ عاد فأمسك الحلقة الأخرى وسحبها من وجنتي رسول الله فانتزعها وفقد الثنية الأخرى، فأصبح أبو عبيدة أثرم".
وشارك أبو عبيدة في سرية ذات السلاسل ضمن المدد الذي أرسله النبي إلى عمرو بن العاص، واختاره النبي أيضا أميرا على سرية الخبط، وولاه عمر بن الخطاب على جيوش الشام للتصدي للروم.
طاعون عمواس ينهي حياة أبا عبيدة
أصيب أبو عبيدة بن الجراح بطاعون عمواس الذي كان منتشرا في ذلك الوقت، وتوفى عام 8 هجرية وعمره ثمانية وخمسون عاما.
نقلًا عن التحرير الإخباري