رام الله - وفا
تعكس الإصابات في صفوف الصحفيين التي بلغت منذ بداية الهبة الشعبية 29 إصابة بحسب نقابة الصحفيين الفلسطينيين، تفانيا يحسب للجسم الصحفي مهنيا ووطنيا، إلا أن خبراء إعلام أكدوا وقوع بعض وسائل الإعلام في شرك الدعاية الإسرائيلية، لعدة عوامل ساهمت دون قصد في خدمة دعاية الاحتلال في رواية الأحداث، والتغطية على جرائم وانتهاكات صارخة.
السرعة جاءت أحيانا على حساب الدقة
ويقول نائب نقيب الصحافيين الفلسطينيين ناصر أبو بكر، إن هاجس السبق الصحفي وعامل السرعة جاء في بعض الأحيان لدى بعض وكالات الأنباء على حساب الدقة والمهنية، دون الرجوع لمصادر عدة أو موثوقة، رغم أنه وبالإجمال أن الأداء الصحفي والإعلامي خلال هذه الفترة كان مهنيا ورائعا.
ويضيف أبو بكر أن عامل الدعاية الإسرائيلية قوي جدا في الترويج لروايته، وللأسف وقع البعض في هذا الشرك، خاصة في راوية إعدامات أصبغ عليها الاحتلال طابع عمليات الطعن، التي تبين لاحقا أنها كانت ملفقة، داعيا وسائل الإعلام إلى التأكد والمراجعة وعدم الوقوع في الإشاعات والإرباك التي خلقتها وسائل الإعلام الاجتماعي.
تبني للرواية الاسرائيلية دون تدقيق
ويشير منسق وحدة الأبحاث والسياسات الإعلامية في مركز تطوير الاعلام في جامعة بيرزيت صالح مشارقة، إلى أن عوامل عدة دفعت بعض وسائل الإعلام إلى تبني الرواية الإسرائيلية، دونما تدقيق في الروايات أو المواد الإعلامية التي ينشرها الاحتلال.
ويقول مشارقة: بشكل عام كان الانفعال الوطني باديا، تبعته فوضى وارتباك وأخطاء، إما لناحية أعداد الجرحى والمصابين، أو لنشر أسماء لمواطنين على أنهم شهداء وهم لم يستشهدوا، أو نشر أسماء شهداء قبل إبلاغ ذويهم.
أما في تبني روايات الطعن بحسب المزاعم والأكاذيب الإسرائيلية، فيؤكد مشارقة أن الخوف والهواجس والتغطية على الجرائم والإعدامات لأبرياء فلسطينيين، كانت روايات للأسف تلقفتها بعض وسائل الإعلام دون أي تدقيق .
ويدلل مشارقة على حوادث من قبيل رواية 'الطعن' للشهيد فادي علون، قائلا: كان هناك تبنٍ لهذه الرواية خاصة مع بداية أحداث الهبة الشعبية من قبل البعض، من أن ما جرى هو محاولة طعن، فيما أن الوقائع أثبتت أن الشاب أعدم رميا بالرصاص، دون أي محاولة للطعن أو غيره.
ويضيف أن ما حدث أيضا مع إسراء عابد من سكان مدينة الناصرة، إذ نشر من قبل البعض أنها عملية طعن في العفولة فيما هي جريمة إطلاق نار، لا لشيء إلا لأنها عربية ومحجبة، وما حدث مع الفتاة جعابيص وغيرها.
ويشدد مشارقة على أن في عالم الصحافة المقدس هو الحقيقة لا الجمهور، وهذا خطأ كان علينا كفلسطينيين ألا نقع فيه ابتداء، وهو خطأ قضى على مهنية ومصداقية ومستقبل فضائيات عربية كانت في الصدارة مع بداية الأحداث الدامية في العالم العربي.
ترجمة حوّلت 'شكوكا' بسماع أصوات إلى تأكيدات بإطلاق نار
ويقول الإعلامي عماد الأصفر، إن التنافس الكبير بين وسائل الإعلام في نقل الخبر، ورغبة بعض الفضائيات وخاصة الحزبية، في تحويل هذه الهبة الجماهيرية إلى انتفاضة طويلة وعميقة، يقف خلف كثير من الأخطاء التي حصلت، وعلى رأسها التسرع في الإعلان عن عمليات طعن اتضح لاحقا أنها عمليات قتل ارتكبها جيش الاحتلال دون أي مبرر، وهذا سببه ضعف الدقة لحساب السرعة.
ويضيف: سبب آخر في الفوضى الإعلامية، كان الاستناد للترجمات الإسرائيلية والإعلام الإسرائيلي المجند بالكامل لخدمة المؤسسة السياسية والأمنية الإسرائيلية، حيث تتم الترجمة أحيانا من مصادر غير موثوقة أو يكون هناك عدم دقة في الترجمة.
ويشير الأصفر إلى وقوع أخطاء كارثية في حقل الترجمة، ترجمت عن مراسل الإذاعة العبرية قوله: 'هناك شكوك في سماع صوت إطلاق نار على بيت إيل'، إلى 'إطلاق نار على بيت إيل'، وخبر آخر عن محلل الإذاعة الإسرائيلية مفاده: 'أن هناك أنباء عن تقديرات بتكثيف التنسيق الأمني في ظل الأحداث الراهنة'، إلى 'مصادر عبرية: السلطة تكثف التنسيق الأمني لمواجهة الهبة الجماهيرية'.