عمان - بترا
اكد وزير المياه والري المهندس حازم الناصر ان الاعتداء على شبكات المياه "يهدد الامن الوطني الاردني لأن المعتدي يأخذ حق غيره في الثراء على حساب غيره من المشتركين".
واشار الى ان معاناة الاردن من ازمة مائية شديدة، تتزامن مع عجز مالي صعب تحول الى "تحد كبير نعيشه ليلا نهارا، صيفا وشتاء، انعكس بانقطاعات متكررة للمياه او ما يسمى برنامج الدور"، مشيرا الى ان 80 بالمئة من فاقد المياه هو عبارة عن سرقة و20 بالمئة بسبب اهتراء الشبكات.
واوضح الناصر في ندوة حوارية نظمتها المبادرة الوطنية للبناء "زمزم" مساء امس "ان الوزارة تصدت لظاهرة سرقة المياه بكل حزم واوقفت الكثير من هذه الاعتداءات وتم تحويل المعتدين الى القضاء، كما تم ردم 400 بئر مخالفة منذ بدء الحملة في شهر حزيران من العام الماضي وحتى الحادي والثلاثين من شهر آب الحالي، مشيرا الى ان تغليظ العقوبات "جنب الاردن صيفا مائيا صعبا جدا هذا العام".
وعرض الناصر خلال الندوة التي جاءت بعنوان الامن المائي الأردني للعناصر الرئيسة التي شكلت الازمة المائية في الاردن، والتي تتمثل بتدني مستوى الهطول المطري والذي لا يزيد على 200 بالمئة في 90 بالمئة من مناطق المملكة، والزيادة السكانية والهجرات القسرية كانت هي "العامل الابرز في موضوع الزيادة السكانية نتيجة الصراع العربي الاسرائيلي وظروف الاقليم الملتهبة سواء بسوريا او العراق".
واشار الى ان الزيادة السكانية الطبيعية وغير الطبيعية أحدثت خللا في معادلة الموارد والسكان، حيث اصبح ما هو متوفر لدينا من مياه بموجب الكميات التي تعتبر كافية لأغراض الشرب والزراعة والصناعة للفرد في أي منطقة لا تكفي لـ 3ملايين نسمة في حين يعيش على الارض الاردنية الآن 10 ملايين نسمة بين مواطن ولاجئ، وهذا يفسر الازمة المائية التي تحولت الى تحد بحاجة الى جهود كبيرة للتغلب عليه.
ونبه الناصر الى ان اللجوء السوري زاد الطلب على المياه في الاردن بنسبة 21 بالمئة، توزعت على محافظات الشمال بنسبة40 بالمئة، وفي الكرك 10 بالمئة ، لافتا الى ان الموارد المائية المشتركة مع دول الجوار شكلت صعوبة اخرى تضاف الى المشاكل السابقة، "حيث تقوم اسرائيل بتحويل نهر الاردن والاستيلاء على المياه، اضافة الى الخلاف المائي بين الاردن وسوريا، حيث قلل السوريون من حصة الاردن المائية بشكل كبير رغم وجود اتفاقية بين البلدين منذ العام 1977 تنظم هذا الموضوع.
وبين ان موضوع الهيكلة المؤسسية وبناء القدرات هي من العناصر المهمة في ادارة ازمة المياه، اضافة الى كلف الانتاج العالية حيث ان 80 بالمئة من كلف انتاج المياه في الاردن هي كلف طاقة وكهرباء .
واكد ان التحدي المالي هو السبب الرئيس في العجز المائي، موضحا ان تنفيذ المشاريع المائية يشترط توفر التمويل اللازم سواء اكانت هذه المشاريع للتحلية او عن طريق جلب المياه من اي مكان، لافتا الى ان الحاكمية الرشيدة لها دور كبير بتطوير مصادر المياه وتقديم الخدمة للمواطنين بشكل جيد، لافتا الى دور وزارة الداخلية والامن العام والقضاء وغيرها من المؤسسات الوطنية وتعاونها في استدامة ايصال المياه الى المواطنين.
وقال ان مجموع مصادر المياه لأغراض الزراعة والصناعة والشرب ظلت تراوح مكانها منذ 1994 وحتى العام 2012 وتتراوح بين 800 الى 900مليون متر مكعب، علما ان الوزارة تقوم بتطوير مشاريع جديدة لكن الضخ الجائر، والتغير المناخي والتلوث تؤثر سلبا على هذه الجهود، مشيرا الى "اننا في العام 2014 نستخدم كمية المياه ذاتها التي كنا نستخدمها في العام 1994 عندما كان عدد سكان الاردن 4ملايين مقابل 10 ملايين حاليا.
واوضح ان نسبة 35بالمئة من المياه تذهب لأغراض الشرب وحوالي 7بالمئة لأغراض الصناعة و 58 بالمئة لأغراض الزراعة المروية، في حين يستهلك الفرد الاردني لأغراض الشرب بين 80- 90 لترا يوميا، لافتا الى انه لتوفير هذه الكمية لابد من ضخ 150 لترا، جزء منها يذهب كفاقد.
وبين ان حصة الفرد الاردني من المياه قبل اللجوء السوري كانت 140 مترا مكعبا في العام لجميع الاستخدامات، الا ان هذه الكمية تدنت بسبب اللجوء السوري لتتراجع الى فيما يبلغ نصيب الفرد في الاقليم 1250متر مكعب والمعدل العالمي 8000 متر مكعب، عارضا لأبرز الحلول التي تتعامل معها الوزارة لمواجهة هذا التحدي الذي يشكل مصدر قلق لكل الاردنيين، والتي تضمنتها الخطة الاستراتيجية للوزارة.
واشار الناصر الى ان الوزارة رفعت حصة محافظات الشمال خلال العام الماضي الى 2000 متر مكعب في الساعة، وطورت العديد من المصادر المائية الجديدة وكان على رأسها جلب مياه الديسي والذي كانت تشير الدراسات الى ا هذا المشروع الاستراتيجي يكفي الاحتياجات المائية لغاية 2022 لكن بسبب اللجوء السوري تناقصت هذا الفترة الى العام 2015.
واعلن الناصر عن العديد من المشاريع الطموحة مثل اطلاق الوزراة لبرنامج رفع السعة التخزينية للسدود في الاردن من 320 الى 400مليون متر مكعب حتى العام 2020 وتحلية مياه مالحة من الابار وتأهيل لشبكات وبناء سدود لحل مشكلة المياه وزيادة المخزون الاستراتيجي.
واكد اهمية التوجه نحو مشروع البحر الاحمر- البحر الميت "في ظل هذه التحديات وهو المشروع البديل للمشروع الاسرائيلي المتوسط الميت، حيث تقدم الاردن بهذا المشروع منذ العام 1980كمشروع استراتيجي سيوفر المياه للأردن بشكل كبير".
واوضح ان المشروع سيوفر حوالي 550مليون متر مكعب من المياه وهذا تحد اخر "علينا مواجهته من حيث الكلف المالية والقدرة على استيعاب الفائض من هذه المياه، لذلك تم تجزئة المشروع الى مراحل حيث ستوفر المرحلة الاولى ما يقارب 100مليون متر مكعب بتكلفة 900مليون دولار حصة العقبة منها ما بين 30 و35مليون مت مكعب".
ودار خلال الندوة نقاش موسع اجاب الناصر خلاله على العديد من التساؤلات حول مشروع البحر الاحمر- الميت ومزارع الديسي، والاستخدام الجائر للمياه.
وقال الناصر ان الوزارة قامت بإغلاق ثلاث شركات في حين تم التعامل مع الشركة الرابعة من خلال تخفيض نسبة الضخ من 30 مليون متر مكعب الى 15 مليونا، واستبدال 3 ملايين متر مكعب بمياه عادمة يتم ضخها من مدينة العقبة.
من جهته اكد رئيس المبادرة الوطنية للبناء "زمزم" الدكتور رحيل الغرايبة، دعم المبادرة للجهود الوطنية التي تبذلها وزارة المياه والمؤسسات الوطنية الاخرى في الحملة التي تقوم بها للحد من الاعتداءات على المياه لأن هذه قضية وطنية بحاجة الى تكاتف كل الجهود لنصل الى مرحلة الاستقرار المائي والعدالة في التوزيع دون تمييز.