القاهرة ـ أ.ش.أ
يشارك الرئيس عبد الفتاح السيسي، في القمة العالمية الثامنة لطاقة المستقبل 2015 ، المزمع انعقادها في دولة الإمارات العربية في الفترة من 19 إلى 22 يناير الجاري ، تلبية لدعوة الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تشكل القمة المحور الرئيسي لفعاليات أسبوع أبو ظبي للاستدامة.
ويمثل أسبوع أبوظبي للاستدامة منصة عالمية تهدف إلى معالجة التحديات التي تؤثر على سرعة انتشار وتبني التنمية المستدامة والطاقة النظيفة في العالم. ويعد هذا الحدث أكبر تجمع للمتخصصين في مجال الاستدامة في تاريخ منطقة الشرق الأوسط، كما أنه يشجع على تحقيق نتائج سريعة ويمهد لزيادة اعتماد أساليب الاستدامة في العالم ، ومن المتوقع أن يستقطب أكثر من 32 ألف شخص من 170 دولة .
وسوف يناقش خلال المؤتمر الدروس المستفادة من مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في جميع أنحاء العالم بمشاركة عدد من كبار خبراء الطاقة النظيفة الذين يستعرضون أهم النجاحات والتحديات التي واجهتهم في تطوير مشاريع الطاقة المتجددة. .كما يسلط المؤتمر الضوء على ضرورة وأهمية إجراء تقييم دقيق للجدوى التجارية والبيئية للمشاريع قبل إطلاقها.
ويتجه العالم إلى إنتاج الطاقة من مصادر بديلة و مستديمة لسببين رئيسيين أولهما تلويثها لجو الأرض بثاني أكسيد الكربون وبروز ظاهرة الاحتباس الحراري والتغييرات المناخية ، والثاني هو محدودية موارد الطاقة الأحفورية واحتمال نضوبها من باطن الأرض.
ففي الجانب الأول الذي يتعلق بتلويث البيئة نجد أن مساهمة العرب في انبعاثات غازات الدفيئة لا تتجاوز 5%، إلا أن التغيير المناخي العالمي سيكون له تأثيره على المنطقة العربية وسيكون له مترتبات وانعكاسات على المكاسب الاقتصادية والتنموية في المنطقة وفي مقدمتها الأمن الغذائي الذي يعتمد على الزراعة والمياه.
أما في الجانب الآخر المتعلق بمحدودية موارد الطاقة الأحفورية، فمن المعروف أن العديد من البلدان العربية تعد من أغنى بلدان العالم في مصادر الوقود الأحفوري وفي مقدمتهما النفط و الغاز حيث تملك نسبة 58 % من احتياطات النفط في العالم، وقد بلغ مجموع احتياطاتها من النفط في العام 2009 ، 683.6 بليون برميل، كما أنها تمتلك نسبة 26% من احتياطي الغاز.
ولكن بالمقابل هناك ازدياد كبير في الطلب على موارد الطاقة في المنطقة العربية خاصة في انتاج الكهرباء حيث من المتوقع أن يزداد الطلب على الطاقة بنسبة تفوق ال 7 % خلال السنوات القليله القادمة.. ولذلك فإن المنطقة العربية بحاجة للطاقة المتجددة لأسباب عدة منها المساهمة مع المجتمع الدولي في التخفيف من الآثار البيئية وخفض نسبة تركيزات غازات الاحتباس الحراري المسببة للتغيير المناخي كما أنها بحاجة أيضاً لمواجهة الطلب على موارد الطاقة الحالية في المستقبل حيث يشكل النفط والغاز نسبة 98.2 % من استهلاك الطاقة في الوطن العربي وبالتالي فإن الاعتماد الكلي على هذه الموارد يؤدي لإلى استنزافها لاسيما وأنها محدودة في باطن الأرض ومرشحة للنضوب.
ويعتبر العالم العربي غني جداً بموارد الطاقة المتجددة وأهمها الطاقة المائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، فقد ذكر تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية (افد) لسنة 2011 أن لدى المنطقة العربية قدرة كهرمائية مركبة تبلغ نحو 10,7 ميجاوات ، وتوجد محطات كهرمائية كبيرة في مصر والعراق ، ومحطات مختلفة القدرات في كل من الجزائر والأردن ولبنان وموريتانيا والمغرب والسودان وسوريا وتونس.
كما أن العديد من الدول العربية مؤهلة للإستفادة من طاقة الرياح لا سيما مصر والأردن، حيث يبلغ معدل سرعة رياح بمقدار 11.8 متر/ الثانية في خليج السويس في مصر، و 7.5 متر/ الثانية في الأردن مما يجعل هذين البلدين مؤهلين لتوليد الكهرباء من الرياح وكذلك يمكن توليدها في مواقع عديدة في المغرب وسوريا وبعض الدول العربية الأخرى.
وفي مجال الاستفادة من الطاقة الشمسية فإن العـالم العربي يتمتع بموارد هائلة من الطـاقة الشـمسـية تبعـاً لموقعه الجغرافي المميز الذي يجعله يمتلك أعلى سطوع شمسي حيث يقع جزء كبير منه ضمن ما يسمى بحزام الشمس الذي يستفيد من معظم أشعة الشمس الكثيفة على الكرة الأرضية من حيث الحرارة والضوء على حد سواء.
وتتراوح مصادر الطاقة الشمسية في البلدان العربية بين 1460 و 3000 كيلوواط ساعة في المتر المربع في السنة. وحالياً يوجد أكبر برنامج فوتوفولطي في المغرب حيث تم تركيب 160 ألف نظام طاقة شمسية منزلي في نحو 8 % من البيوت الريفية بقدرة اجمالية تصل إلى 16ميجاوات. كما لدى بلدان الخليج العربي وشمال افريقيا امتدادات واسعة من المناطق الصحراوية التي يسطع فيها ضوء الشمس ، وحتى هذه اللحظة تكاد قدرة الطاقة الشمسية المركبة لا تذكر، إذ هناك أقل من 3 ميغاوات من الطاقة الفوتوفولطية في السعودية وقدرة مركبة تبلغ 10 ميغاوات في الامارات.
وفي الوقت الحـالي يقتصر إسـتغلال الطـاقة الشـمسـية من قبل المسـتهلكين في العـالم العربي على تطبيقات تسـخين الميـاه وإنـارة الحدائق ، هذا إلى جانب البدء في خطط ومشــاريع حكومية كبيرة لتوليد الكهربـاء من الطاقة الشـمسـية للإسـتخدام التجاري كمـا هو الحال في مصر والإمارات العربية المتحدة والبحرين ، وتنفرد المملكة العربيـة السـعودية بإسـتخدام الطاقة الشـمسـية لغرض تحلية ميـاه البحر.
ولكن وبرغم هذا فإن البلدان العربية هي من أفقر المنـاطق في العـالم فيمـا يتعلق بإسـتغلال وتوظيف الطاقة الشمسية. وخلال السنوات الأخيرة تعددت المشاريع العربية لاستغلال موارد الطبيعة من أجل إنتاج الطاقة البديلة والمتجددة والنظيفة ، ونستعرض ثلاثة من تلك المشاريع الرائدة في المنطقة العربية وهي في الأمارات والمغرب ومصر.
وتعتبر شركة "مصدر" والتي تأسست عام 2006 كمبادرة من حكومة أبوظبي لتطوير القطاع الاقتصادي للطاقة المتجددة وتكنولوجيات الطاقة الأنظف في العالم باستثمارات زادت عن 22 مليار دولار ، وذلك من خلال التعليم والبحث والتطوير والاستثمار والتسويق . وهي إحدى شركات مبادلة لتنمية ذراع الاستثمارات الاستراتيجية المملوكة لحكومة أبوظبي وتعمل على دعم جهود التنويع الاقتصادي وفق "الرؤية الاقتصادية 2030 لإمارة أبوظبي" الرامية إلى تنويع مصادر الدخل وتعزيز القطاعات الاقتصادية القائمة على المعرفة.
وتضم "مصدر" 3 وحدات أعمال هي : "مصدر للاستثمار" ؛ "مصدر للطاقة النظيفة" ؛ "مدينة مصدر" ؛ بالإضافة إلى "معهد مصدر" الذي يعد جامعة مستقلة للدراسات العليا تركز على الأبحاث.
وترسخ "مصدر" مكانتها في صدارة قطاع الطاقة النظيفة العالمي عبر تطوير تكنولوجيات ونظم مبتكرة ومجدية تجارياً.
ومنذ عام 2008 عقدت "مصدر" اتفاقيات عدة مع شركات عالمية لتنفيذ طائفة واسعة من المشاريع في مجال الطاقة المتجددة بينها مشروع لبناء منشأة تنتج ألواحاً شمسية في إطار برنامج رصد له مليار دولار، واتفاقية مشاركة قيمتها 1.2 مليار دولار لبناء محطة توليد تعمل بالخلايا الشمسية أو الفولتضوئية ، إضافة إلى عدد من المشاريع الأخرى. ومنها مشروع لخفض الانبعاثات الغازية التي تسبب الاحتباس الحراري وكذا مشروع لاستخدام طاقة الرياح.
وتعد مدينة "مصدر" مركزاً عالمياً ناشئاً للطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة التي تضع الشركات القائمة في أبوظبي في قلب هذه الصناعة العالمية ويصف الخبراء مدينة مصدر في أبوظبي بدولة الامارات العربية بأنها مدينة المستقبل ، مدينة خالية من ثاني أكسيد الكربون وخالية من النفايات وخالية من السيارات. إنها مدينة القرن 21 وهي تتسع لنحو 5000 نسمة وستغطي معظم حاجاتها من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة حيث ستبنى فيها محطة مركزية لانتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية مع خزانات تحتفظ بالطاقة عند غروب الشمس كما يوجد فيها محطة لتحلية مياه البحر.
وتعد المدينة مجتمعاً تجري فيه باستمرار أحدث وآخر مشاريع البحوث والتطوير في مجالات التقنيات النظيفة، وتجرى فيه المشاريع التجريبية واختبارات التكنولوجيا، وبناء بعض أحدث المباني وأكثرها استدامة على مستوى العالم.. وبذلك توفر مدينة "مصدر" بيئة خصبة تلهم المؤسسات العاملة في هذا القطاع الإستراتيجي والديناميكي وتحثها على الإبداع والنمو، من المتوقع أن تكون مدينة مصدر موقعاً قيادياً ومركزاً عالمياً لأبحاث وتطوير تقنيات الطاقة المتجددة.
وفي إطار المساعدات الإنسانية والتنموية التي تقدمها دولة الإمارات، قامت مبادرة أبوظبي المتعددة الأوجه للطاقة المتجددة (مصدر) من خلال اتفاقية تعاون مع هيئة الهلال الأحمر الإماراتي بإدراج حلول الطاقة المتجددة والنظيفة ضمن المساعدات التي تقدمها الهيئة إلى عدد من الدول النامية والفقيرة، مثل أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية وأنظمة ضخ المياه وتحليتها بالطاقة الشمسية.
وقد قامت دولة الإمارات من خلال "مصدر" بتنفيذ مشروع حيوي في أفغانستان يتمثل في توريد وتركيب 600 نظام شمسي منزلي في 27 قرية ضمن مقاطعة هلمند جنوب البلاد.. وساهم هذا المشروع في تحسين مستوى معيشة أكثر من 3000 شخص ممن كانوا يفتقرون تماماً إلى أي شكل من أشكال الكهرباء. وتم تمويله بمنحة من صندوق أبوظبي للتنمية ليغطي 545 منزلاً و55 منشأة عامة بينها مدارس ومساجد وعيادات. إضافة إلى ذلك تم تزويد البيوت بأجهزة منزلية كالثلاجات والمراوح وأجهزة التلفزيون ومصابيح الإنارة. ولضمان استدامة المشروع، وفرت مصدر برنامجاً تدريبياً لتعليم القرويين كيفية تشغيل الأنظمة الشمسية وصيانتها.
وتضم مملكة تونغا مجموعة جزر منتشرة في جنوب المحيط الهادئ ، وتعمل الحكومة هناك على تنفيذ سياسات لتوفير الطاقة بطرق مستدامة بغية تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء نظراً لتكاليف استيراده المرتفعة بسبب الموقع الجغرافي البعيد فضلاً عن تخفيف آثاره البيئية. وللمساعدة في تحقيق هذه الأهداف قامت "مصدر" بتنفيذ أول مشروع للطاقة المتجددة على مستوى المرافق الخدمية في تونغا. وتساهم محطة الطاقة الشمسية الكهروضوئية التي أنشأتها في جزيرة فافاو، والبالغة استطاعتها 512 كيلووات بتلبية نحو 17 % من اجمالي احتياجات الكهرباء السنوية في المملكة.
وتعد هذه المحطة أول المشاريع المستفيدة من صندوق الشراكة مع دول المحيط الهادئ ، الذي تبلغ قيمته 50 مليون دولار ويقدم منحاً بتنسيق من وزارة الخارجية الإماراتية لدعم تطوير مشاريع الطاقة المتجددة في دول المحيط الهادئ. ويوفر المشروع أيضاً ما يصل إلى 70 % من الطلب على الشبكة المحلية خلال ساعات الذروة. وتعمل المحطة على توليد 866 ميغاوات من الطاقة النظيفة سنوياً مما يساهم في تفادي إطلاق 724 طناً من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون سنوياً.
وتعتمد جزرسيشل بشكل كبير على مولدات الديزل لتأمين احتياجاتها من الطاقة الكهربائية..و هناك قامت "مصدر" بتطوير أول مشروع لتوليد الكهرباء بالطاقة المتجددة على نطاق المرافق الخدمية باستطاعة 6 ميغاوات بمنحة من صندوق أبوظبي للتنمية. وذلك لدعم الخطة التي تبنتها حكومة سيشل والرامية الى تقليل الاعتماد على الوقود المستورد، وتوليد 15 % من إجمالي احتياجاتها من الطاقة بالاعتماد على مصادر متجددة بحلول سنة 2030.
ونظراً لطبيعة التضاريس الجغرافية في سيشل المكونة من مجموعة جزر، فإن وجود محطة لطاقة الرياح يمثل حلاً اقتصادياً عملياً لمساعدتها في تحقيق هذا الهدف. وتساهم محطة ميناء فيكتوريا لطاقة الرياح في تأمين أكثر من 8 % من إجمالي الطاقة المركبة في جزيرة ماهي، وهي تضم 8 توربينات رياح مثبتة على امتداد جزيرتين صغيرتين قبالة ساحل ماهي، بقدرة إنتاجية تبلغ 7 جيغاوات ساعة من الطاقة النظيفة سنوياً، تمد أكثر من 2100 منزل بالكهرباء وتعمل على تفادي إطلاق 5500 طن من ثاني أوكسيد الكربون كل عام.
وتفتقر موريتانيا إلى مصادر الطاقة التقليدية ويتم إنتاج معظم القدرة الحالية لشبكة الكهرباء من مولدات الديزل. وقد نفذت "مصدر" محطة الطاقة الشمسية الكهرضوئية في العاصمة نواكشوط بقدرة 15 ميغاوات وهي الأكبر من نوعها في أفريقيا.
وتمتلك موريتانيا موارد غنية من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح مما يتيح لها تأمين جزء كبير من الطاقة الكهربائية عبر مصادر نظيفة ومستدامة وموثوقة خصوصاً طاقة الرياح التي يمكنها إنتاج 4 أضعاف الطلب السنوي على الطاقة في البلاد.
وسوف تساعد محطة الطاقة الشمسية على مواكبة نمو الطلب على الكهرباء في موريتانيا الذي يقدر بـ 12 % سنوياً. .وهي تنتج 25.4 جيغاوات ساعة من الطاقة النظيفة سنوياً أي ما يلبي احتياجات نحو 10 آلاف منزل من الكهرباء، كما تساهم في تفادي إطلاق نحو 21 ألف طن من ثاني أوكسيد الكربون سنوياً فضلاً عن دورها في خلق فرص عمل مستدامة.
لقد احتلت الإمارات المرتبة الأولى عام 2013 كأكثر دول العالم منحاً للمساعدات الإنمائية مقارنة بدخلها القومي. وبهذا النهج الذي لا يقتصر على تقديم الدعم المالي أو العيني باتت نموذجاً ليس فقط في مجال المساعدات التنموية الدولية، بل أيضاً في نشر حلول الطاقة المتجددة والنظيفة في أنحاء العالم.
وفي المملكة المغربية وعلى أطراف الصحراء يتم إنشاء أول محطة لانتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية و بقدرة 160 ميجاوات. ومن المقرر زيادة قدرتها خلال سنتين أو ثلاث سنوات إلى 500 ميجاوات وستكون بذلك أعظم محطة في العالم لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية الحرارية.
وخلال سنة 2020 سيصل توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية فيها إلى 2000 ميجاوات. وتعد محطة ورزازات هي أول حلقة ضمن شبكة تضم عشرات المحطات المختصة في إنتاج الطاقات البديلة، وفي طليعتها الطاقة الشمسية والريحية وسيتم نشرها في عرض الصحراء الكبرى لشمال إفريقيا وبلدان الشرق الأوسط.
وكان قد أعلن عن إطلاق مشروع محطة ورزازات للطاقة الشمسية في عام 2010 ، وتشمل بناء 5 محطات ستمثل 38 % من طاقة التوليد الفعلية بحلول 2020. وستوفر المحطة الشمسية كل عام 230 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون وستزود ما يقارب 32 ألف نسمة بالطاقة الكهربائية ، كما إنها ستزود بكودولات التي ستعمل على تخزين الطاقة وبذلك سيتم انتاج الكهرباء حتى بعد غياب الشمس.
وفي مصر تتسم بعدد من المقومات الطبيعيبة التي تساعدها على إنتاج الطاقة من المصادر المتجددة لاسيما في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. إذ أنها تمتلك أعلى معدل سطوع للشمس ، حيث تسطع الشمس فيها لما يزيد على 3 آلاف ساعة سنوياً. كما تصل سرعة الرياح على سواحل البحر المتوسط المصرية بداية من العريش ووصولاً إلى السلوم، إلى 7 أمتار/الثانية ، وتبلغ 5.5 أمتار/الثانية في هضبة شرق العوينات. وقد نفذت الحكومة المصرية عدداً من مشاريع الطاقة المتجددة لانتاج الكهرباء من الشمس والرياح، وقد برز فيها مؤخراً مشروع لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح في منطقة الزعفرانة سيغطى خمس حاجة البلاد من الكهرباء.
وقد بدأ تشغيل مزرعة التوربينات الهوائية في الزعفرانة على البحر الأحمر، حيث 700 توربينة موزعة على 8 مزارع منفردة. ويدعم بنك الإعمار والتنمية الألماني 4 منها، تولد ما مجموعه 550 ميغاوات من الطاقة الكهربائية. وعلى مسافة أقل من 200 كليومتر جنوباً في خليج الزيت تنشئ الآن أكبر مزرعة للتوربينات الهوائية على الاطلاق بنيت في إفريقيا في إطار مشروع للمعونة الدولية .
إن القدرات المتوفرة في مصر لتوليد الكهرباء من طاقة الريح هائلة ، حيث أنها تستطيع توليد أكثر من 20 ألف ميغاوات من طاقة الريح وحدها.. وبذلك سيكون في مقدورها ليس فقط تغطية حاجتها الذاتية وإنما أيضاً تصدير الكهرباء وخاصة إذا ما استفادت أيضاً من الطاقة الشمسية (فوتو فولتايك) ومن محطات الطاقة الشمسية الحرارية.
وعند تخطيط المنشآت تم الحرص بشكل خاص ودقيق على مراعاة المعطيات المحلية كما يتبين من ترتيب التوربينات الهوائية في زعفرانة. وتعد المنطقة الساحلية على البحر الأحمر من الطرق الرئيسية لعبور الطيور المهاجرة التي تنتقل كل عام إلى الجنوب عبر مصر، ومن أجل حمايتها ترك لها المخططون معبراً عرضه أكثر من 300 كيلومتر، علاوة على ذلك تم تزويد مزرعة التوربينات بنظام مبتكر للرادار عندما يرصد الرادار سرباً من الطيور تتوقف المراوح تلقائياً عن الدوران.
إن التحول إلى الطاقة النظيفة في البلدان العربية له العديد من الفوائد التي تعود على البيئة والمجتمع ككل ، كون الطاقة المتجددة مصدرا محليا لا ينتقل ولا ينضب ويتلاءم مع واقع تنمية المناطق النائية والريفية واحتياجاتها، كما أن هذه الطاقة نظيفة ولا تلوث البيئة ولا تحدث أي ضوضاء ، كما أنها تستخدم تقنيات غير معقدة ويمكن تصنيعها محلياً في جميع الدول النامية.
أما اقتصادياً ، فإن الانتقال للطاقة النظيفة يحقق للدول العربية عائدات اقتصادية كبيرة كونه بمجرد بناء محطات الطاقة المتجددة ، فإن توليد الطاقة لا يكلف شيئاً وهذا ما يضمن استمرار توافر الطاقة بسعر مناسب ومنتظم، وعلى عكس ما يعتقده أغلب الأشخاص فإن الانتقال إلى الطاقة المتجددة يساعد على دعم قطاع العمل في العالم العربي الذي تعاني معظم بلدانه من مستويات عالية من البطالة، وسيقوم بتزويد قطاع العمل بالمزيد من الوظائف ، كما أن هذا الانتقال سيوفر وظائف مناسبة للعمال الأقل حظاً من التعليم وهو ما قد يشكل دفعاً اقتصادياً مهماً في أغلب بلدان العالم العالم العربي التي تعاني أيضاً من مستويات عالية من الأمية. ويشير تقرير جديد صادر عن كندا " وهي إحدى أهم البلدان التي تمتلك النفط الرملي" بأن الانتقال من استخدام الوقود الأحفوري المستخرج من النفط الرملي إلى الطاقة المتجددة عمل على زيادة فرص العمل في قطاع الطاقة النظيفة بنسبة 37% .
إن نظرة سريعة للواقع الاقتصادي في العالم العربي كافية للقول بأنه لا يوجد حالياً أية استثمارات حقيقية وكبيرة في مجال الطاقة، كون أغلب استثمارات الأموال في البلدان العربية تتجه نحو أسواق العقارات، لذا فإن الانتقال إلى الطاقة النظيفة سيساعد على إنعاش السوق الاقتصادي في بلدان العالم العربي، كون مجال الطاقة المتجددة هو مجال جديد نسبياً في السوق الاقتصادية العربية، وهذا سيثير شهوة كبار المستثمرين الذي سيعملون على ضخ استثمارات كبيرة ضمن هذا السوق الواعد، وهذا سيساعد على دفع العجلة الاقتصادية في البلاد بالإضافة إلى زيادة القدرة التوليدية للطاقة النظيفة خلال فترة صغيرة تماماً كما حدث في كندا التي نمت قدرتها على توليد الطاقة النظيفة خلال السنوات 5 الماضية بنسبة 93 % نتيجة لضخ المستثمرين مبلغ لا يقل عن 250 مليار دولار للاستثمار بالطاقة الخضراء في هذه الفترة.