بروكسل - قنا
عكس الاجتماع الأخير لقمة قادة أوروبا ببروكسل مدي الخلافات الواسعة بينهم فيما يتعلق بالموقف من روسيا وبالأخص إمدادات الغاز، خصوصا في فصل الشتاء
ويكمن سر الخلاف حول مسارات وتنوع مصدر إمدادات الغاز لدول الاتحاد الأوروبي، فبعد إذعان صقور أوروبا - بإملاء أمريكي - أوقفت بلغاريا مشروع خط "السيل الجنوبي" والذي كان قد بدأ العمل بإنشاءاته (المار من تحت قاع البحر الأسود إلي مينة فارنا البلغارية الساحلية ومنه إلي جنوب ووسط أوروبا مارا باليونان ومنه إلى إيطاليا وغيرها)، بل أوقفت بلغاريا عمليا بناء محطة الطاقة النووية البلغارية الجديدة أيتس بيلينه، ولا تزال لجنة فض المنازعات بباريس تنظر الطعن الروسي المطالب بالتعويض للخسائر التي لحقت بها
رئيس المجلس الأوروبي "دونالد توسك"، هاجم ألمانيا ومستشارتها انجيلا ميركل الداعية لتمرير مشروع خط "التدفق الشمالي
توسك بالاجتماع الأوروبي، شدد علي أن ذلك من شأنه، المزيد من التبعية لروسيا في مجال الغاز والطاقة، حيث تحتكر شركة غاز بروم الروسية العملاقة نسبة 80% من إمدادات الغاز به
توسك ربط ذلك بالعلاقات مع أوكرانيا وعملية التضامن الأوروبي، بحرمان "كييف"- بوابة نقل الغاز الروسي إلى الغرب وشرقه- من عوائد، بعد عقاب موسكو لها لخضوعها للإملاءات الأمريكية وللصقور الأوروبية، بل تهديدها بوقف إمدادات الغاز لها، مع زيادة سعر المتر المكعب
أوروبا تخشي تأثير تداخل أبعاد أزمة العلاقات الأوكرانية الروسية وتأثيراتها العكسية علي عصب حياتها الاقتصادية، لكن ازدواجية المعايير في صنع القرار الأوروبي شاهد عيان فيما بين الغرب الغني والشرق الفقير
توسك حاول استمالة دول الشرق الفقيرة بتأليبها علي ألمانيا، داعيا بلغاريا وإيطاليا واليونان الذين تضرروا من وقف خط "السيل الجنوبي"، لاتخاذ موقف جاد حيال هذه القضية
أماي رئيس الوزراء التركي "ماتيو رينسي" استشاط غضبا ونقما علي ألمانيا، بسبب خسارة شركات بلاده من جراء وقف إنشاءات "مشروع السيل الجنوبي" وموقف النفاق للمفوضية الأوروبية
في نهاية الأمر عارضت 7 دول من شرق أوروبا، منها المجر، ودول البلطيق مشروع التدفق الشمالي لألمانيا
الدول المذكورة وجهت رسالة شديدة اللهجة إلي المفوضية الأوربية، بطلب دراسة الاقتراح الألماني من النواحي السياسية، والمالية والقانونية الملزمة للدول الأعضاء، علي أن يكون الإنتهاء من تقرير المفوضية وعرضه منتصف يناير المقبل
تركيا ومحاولات الاستفادة من الخلافات بعد القطيعة الروسية
بعد تجميد موسكو لمشروع خط "السيل التركي"- المار عبر قاع البحر الأسود – وبما في ذلك مشروع تشييد محطة الطاقة النووية التركية الجديدة - علي أثر إسقاط تركيا لطائرة "سو 24" الروسية المقاتلة علي الأراضي السورية
وبعد تداعي الأوهام التركية في لعب دور اللاعب الأساسي بمنطقة البلقان مع روسيا في الإمدادات لأوروبا، علي أثر خروج بلغاريا من الساحة، اجتاحها الشك في انقطاع إمدادات الغاز الروسي لها، ما اضطرها إلي اللجوء الي أذربيجان وكردستان بالشمال العراقي.
أسباب ثلاث رئيسية جعلت أنقره تقدم علي ذلك
1- تجميد مفاوضات مشروع خط "السيل التركي"، هذا المشروع كان مقدرا له حصه سنوية بمقدار 63 مليار متر مكعب سنويا والحصة الأكبر منه لوسط وجنوب أوروبا، بما يعود علي الخزينة التركية بعائدات من رسوم وترانزيت.
2- تجميد العلاقات التركية الروسية إلي أدني مستوياتها، ما اضطر أنقرة إلي اللجوء لإسرائيل في إعلان تطبيع شامل للعلاقات.
3- إعلان وزير دردستان "اشتي هرماوي" بتزويد تركيا سنويا بسعة 20 مليار متر مكعب سنويا، لكن أنقره تعاني من العجز وتغطية الاحتياجات، والتوقعات التركية تشير إلى تصاعد زيادة الاستهلاك من 47 مليار متر مكعب إلي 65 بحلول عام 2023 .