الجزائر ـ ربيعة خريس
رغم التطور الذي شهده سوق الأواني المنزلية في الجزائر، بعد اقتحام أشهر الماركات العالميةـ لازالت الأواني الفخارية تحتفظ بمكانتها على موائد الجزائريين خلال شهر رمضان المبارك. فلا يمكن الحديث عن لذة الأطباق التي تتفنن ربات البيوت في طهوها كهدية دنيوية للصائم، بدون الحديث عن هذه الأواني التي تشهد إقبالا كبيرا عليها قبيل حلول شهر رمضان.
وبمجرد بروز هلال شعبان، يدخل التجار في سباق مع الزمن لتزيين واجهات محلاتهم بأجمل وأروع الأواني الفخارية لاستقطاب أنظار ربات البيوت اللواتي لازلن يحتفظن بعادات " الجدات "، فينزلن إلى الأسواق لاقتناء الأواني الفخارية التي تلقب بسيدة وملكة المائدة الرمضانية الجزائرية.
وهناك من يفضلن التوجه نحو محافظة تيزي وزو شرق الجزائر التي تشتهر بصناعة هذا النوع من الأواني.. ويحرص أبناؤها على المحافظة على هذا التقليد ونقله إلى الأجيال الصاعدة. وتحتضن سنويا منطقة " معاتقة " بالمحافظة مهرجان سنوي للفخار، وأيضا المحلات المقابلة للطريق الوطني رقم 75 الرابط بين محافظتي باتنة وسطيف، وتشهد هذه المنطقة توافد الزبائن بشكل كبير من مختلف محافظات الجزائر.
يقول التاجر " سعيد . ب " البالغ من العمر 60 عاما، قضى 30 منها وهو يزاول مهنة بيع الفخار داخل محل صغير بالسوق البلدي لمنطقة الرغاية شرق محافظة الجزائر العاصمة تبعد عنها بحوالى 28 كلم، لـ " العرب اليوم " " إن الإقبال على شراء هذا النوع من الأواني يكون طيلة فترات الموسم. لكنه يشهد حركة كبيرة قبل حلول شهر رمضان المبارك. ومن أشهر ما تقتنيه النسوة: " الطاجين القبائلي " الذي يستعمل في طهي " كرسى " أو " خبر الدار " و " القلة " وهي إناء أشبه بالزجاجة غير أنها مصنوعة من الفخار، وتعتبر من أقدم العادات والطبائع الجزائرية التي اعتاد الجزائريون على شرب المياه منها بخاصة في فصل الصيف الذي تشتد فيه الحرارة.. وأيضا تتهافت النسوة على شراء " قصعة الكسكسي " وهي وعاء كبير يؤكل فيه مصنوع من الفخار.
وتعتبر السيدة " وردية . خ " أم لأربعة أطفال وربة بيت، أن السيدات في الجزائر يرغبن في الحفاظ على تقاليد وعادات الأجداد. فالأواني الفخارية هي جزء من التراث الجزائري، مشيرة إلى أن أغلب الأكلات التي يتم إعدادها بالأواني الفخارية تحمل ذوقا مميزا، بخاصة أن هذه الأواني تخلو من المواد الكيماوية، فهي مصنوعة من مادة الطين وتستخرج عادة في فصل الشتاء. وأضافت أن " اللمة " في شهر رمضان المبارك لها ميزة خاصة بوجود الأواني الفخارية على الموائد.. وتقول إن " الشوربة " ومختلف الأطباق والطواجن التي تعد خلال الشهر الفضيل لا تحلو دون هذا النوع من الأواني.