دمشق ـ ميس خليل
رائحة القهوة والنرجيلة وصوت فيروز ثلاثية من السحر والرقي، جعلت مقهى "على البال" في دمشق القديمة يحافظ على زبائنه وزواره ويستمر بقوة كأجمل المقاهي الدمشقية وأكثرها ارتيادًا.
وما إنَّ يدفع قاصد المقهى بابه الخشبي العتيق ويدلف من دهليزه الضيق حتى يصبح داخل فسحة سماوية تتوسطها بحرة صغيرة على الطراز الدمشقي وكراسي وطاولات مصنوعة من الخشب مسورة بأشكال مختلفة من الياسمين والورود.
وبمجرد أنَّ تجلس على أحد كراسي المقهى يتناهى إلى سمعك صوت فيروز الذي ينساب بكل رقة ولطف إلى مسمعك، ويأتي نادل لطيف يسألك عنما تطلب من القهوة أو النرجيلة أو أشكال الفطائر المخبوزة على الصاج والتي لا يمكن أنَّ تذوق مثلها إلا في مقهى "ع البال".
يؤكد أحد العاملين في المقهى، ويُدعى أحمد، بأن المقهى يفتح أبوابه من التاسعة صباحًا وحتى 12 بعد منتصف الليل، ويستقطب مجموعة كبيرة من الزوار أغلبهم من فئة الشباب أو من الفنانين والكُتّاب الذين ينجذبون إلى جو المقهى الهادىء.
ويشير إلى أنَّ الزوار يطلبون الفتّة الدمشقية أو الصاج بالجبنة أو الزعتر أو البيتزا الذي يقدمه المقهى بطريقة مختلفة ويلقى إقبالًا شديدًا.
وإذا أراد الزائر الحصول على جو خاص؛ فهناك القاعة الداخلية التي تستقبله بلوحات الفن التشكيلي والمنحوتات التي تتوزّع في أرجاء المكان مع إضاءة الفوانيس الدمشقية الخافتة.
ويذكر أحد زوار المقهى، فارس: "تعودت أنَّ أتناول فطوري في مقهى "على البال" لما يوفّره من جو هادئ وخاص ذو سحر يجعل الإنسان بحاجة دائمًا للذهاب إليه للترويح عن النفس".
ويبدو أنَّ مكان المقهى في منطقة مستهدفة دومَا من قذائف الهاون، ولكن ذلك لم يؤثر أبدًا على عدد زواره، وحتى ارتفاع أسعاره يأتي تماشيًا مع حالة الغلاء لم تجعل محبيه يغيرونه بل أنه احتفظ بهم.
وتذكر إحدى زائرات المقهى منذ ثماني سنوات، عبير: "أرتاد هذا المقهى مع رفاقي مرة كل أسبوع في طقس يجمعنا كأصدقاء مهما فرقتنا الظروف ورغم سفر البعض وانشغال الآخرين فإن ولائنا للمكان ما زال موجودًا وما زلنا نرتاده رغم أنه موجود في منطقة توصف بأنها غير آمنة".
ويبقى مقهى "على البال" على بال كل من يريد قضاء وقت ممتع خارج المنزل بصحبة الصوت الفيروزي الملائكي وسحر دمشق القديمة التي لن تستطع الحرب خطف بهاءها الفريد كأقدم المدن وأعرقها.