القاهرة - فلسطين اليوم
يقتفي السياح أثر الدروب القديمة التي خطا عليها الإنسان العماني قديما في تنقلاته وتجارته وحياته ومعيشته، يعتلي قمم الجبال حين لم تكن هناك عوائق تحول دون الوصول إلى أهدافه مختارا العودة تسلقا في بعض الأحيان، وتمتاز السلاسل الجبلية في سلطنة عمان من رأس مسندم في أقصى الشمال إلى رأس سمحان في أقصى الجنوب مليئة بالمسارات الجبلية القديمة التي خطها الإنسان العماني منذ القدم ولازالت تحافظ على ما تحويه من جماليات حاضرة لتحكي تفاصيل الذين مروا من هذه الدروب التي أصبحت مقصدا للسياح والمغامرين.
اتخذ العمانيون منذ القدم سلسلة الجبال الممتدة من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال كسكن وملجأ يأوون إليه بماشيتهم وأيضا كدروب مختصرة بين القرى والمدن لقضاء شؤون حياتهم، كل هذا ترك أثره في تلك الجبال، لكنها أصبحت اليوم دروبا للسياحة والرياضة والمغامرة والاستكشاف من أجل التمتع بجمال البيئة.
وتصنّف المسارات الجبلية إلى نوعين منها المسارات الخاصة التي كان يرتادها الإنسان وهي الأكثر صعوبة لصلابة إنسان ذلك الزمان وبحثه عن أقصر المسافات للاتصال بين جهتين، أما النوع الثاني فهو مسارات الدواب أي التي كان يسلكها الإنسان حينما يتخذ من الدواب رفيقا لحمل الأمتعة، وهي الأسهل حيث أنها تمر بمسارات سهلة تستطيع أن تمرّ بها قوافل الحمير.
وتختلف هذه المسارات من مكان إلى آخر وذلك وفقاً لوعورة المنطقة الجبلية والمسافة التي تفصل بين نقطة البداية والنهاية، وأيضا من حيث فروقات الارتفاع، لذا يعد كل مسار رحلة مستقلة وكلما كان فرق الارتفاع أكبر كانت الصعوبة أكبر.
وهناك مساران في الحجر الغربي والحجر الشرقي من وادي طيوي إلى وادي بني خالد وهو أطول مسار بطول 28 كيلومترا، وأيضا هناك مساران مشروعان في مسقط من حديقة ريام إلى سوق مطرح وأيضا في منطقة قنتب.
ويعتبر مسار جبل شمس الذي يمر بقرية ساب بني خميس من أشهر المسارات، نظرا لسهولة الوصول إليه، فمسافته معقولة وقصيرة وقد تستغرق الرحلة عبره 3 ساعات ونصف الساعة، ويمكن للسياح أن يسلكوه بصحبة أطفالهم، وفي نهايته يوجد مكان مخصص للتسلق لمن لا يرغب بالعودة من نفس المسار.
من لم يعش المغامرة لا يعرف متعتها
والباحثون عن المغامرة يختمون هذا المسار بالتسلق والذي يسمى “فيا فراتا” وهو عبارة عن مسار تسلق مجهز بكابل وما على السائح سوى إحضار أدواته الشخصية لمغامرة تسلق شيقة.
ولا بد من أخذ الاحتياطات بإعلام أحد الأصدقاء بموعد الذهاب والعودة من الرحلة والتأكد من أحوال الطقس قبل بداية الرحلة التي من المفضل أن تكون عند طلوع الفجر، إضافة إلى التزود بكميات كافية من الطعام والماء، وحبوب تعقيم المياه للتقليل من كمية المياه التي يجب حملها مع التزود بأكياس عازلة للماء وملابس جافة إضافية وهاتف يعمل بالأقمار الصناعية.
ويوجد في سلطنة عمان عدد من مواقع التسلق، فهناك ما هو ممهد من المسارات وهناك ما هو شديد الوعورة، فرياضة تسلق الجبال والمرتفعات من الرياضات التي تلقى إعجابا وممارسة من السياح الشغوفين بدراسة التكوينات الجبلية والألوان الزاهية للجبال والصخور مع الاستمتاع بمناظر الطبيعة وشلالات المياه وخريرها بين الصخور.
وتوجد في السلطنة بعض الأودية التي يتطلب عبورها الالتجاء إلى سباحة حينا أو التسلق في بعض الأحيان.. ومن بين تلك المواقع جـبل المشـط الذي يعتبر الأمثل للتسلق، حيث يملك واجهة صخرية لعلها الأضخـم في شبه الجزيرة العربية. فواجهته الجنوبية الشرقية تمتد لحوالي 6 كيلومترات، وترتفع إلى 850 مترا، موفرة مسالك من جميع المستويات.
ومن أبرز الأماكن التي يمكن ممارسة تسلق الجبال فيها منطقة بندر الخيران التي تقع على بعد 30 إلى 40 دقيقة بالقارب من مرسى بندر الروضة للقوارب في قلب مدينة مسقط.
وتنتشر حول مسقط العديد من المرتفعات التي يمكن تسلقها، سواء كانت للمبتدئين أو لمحترفي هذه الرياضة، كما تنتشر في بندر الخيران الكثير من الشعب المرجانية والتي تأوي إليها العديد من الأحياء والأسماك المتنوعة، ولا يكاد يخلو المكان من الغواصين، حيث أنه قد تم إحصاء أكثر من 22 موقعا للغوص بها، ولكل موقع سحره وجماله.
وتعتبر منطقة بندر الخيران من البيئات المميّزة جيولوجيا، حيث تشكل منطقة مصاطب للأودية وتشكل ساحلا صخريا تتخلله عدة جزر وخلجان رائعة، وتتميّز بوجود عدة أنواع من الصخور تكوّن الجبال المحيطة. وفي هذه المنطقة توجد ثلاثة أنواع من الصخور، فالجزيرة التي تقع في عرض البحر تتكوّن من صخور الحجر الجيري المتكوّن في العصر الثلاثي أي قبل ما يقارب 50 مليون سنة.
ويمكن ملاحظة الصخور القريبة والتي تكونت قبل ما يقارب 250 مليون سنة من الحجر الجيري الطيني ذي اللون الأصفر بتداخلات طبقية من الحجر الجيري الأسود، وخلف هذه السلسلة يمكن مشاهدة صخور الدولومايت التي تكونت خلال العصر الترياسي أي قبل ما يقارب 240 مليون سنة.
وقد تكونت هذه الصخور عبر الحقب الجيولوجية المختلفة في قاع المحيط وقد ظهرت على السطح بفعل حركة الصفائح التكتونية. وتتميز محافظة مسندم بالعديد من الارتفاعات الجبلية، ويتمتع الزائر بمشاهدة الجبال الصخرية والبيوت الصغيرة المطلة مباشرة على البحر.
وهناك أيضا العديد من الأودية مثل وادي بني عوف في محافظة جنوب الباطنة الذي يمتاز بطرقه الملتوية والمعلقة على الجبال، ووادي غـول في محافظة الداخلية الذي يقع على ارتفاع 300 متر ويوفر فرصا مثالية للتسلق، بالإضافة إلى المسارات الجبلية الموجودة بتلك المنطقة، وأيضا نجد وادي تعب الذي يستدعي النزول لـ500 متر باستخدام الحبال، وكذلك وادي النخر عند القرية التي تحمل الاسم نفسه على ارتفاع حوالي 1000 متر.
وهناك وادي الحيل أحد الفروع الرئيسية لوادي العربيين الذي يبدأ وينتهي عند قرية السويح في رحلة قد تتطلب تسلق الجانب الأيمن للوادي فيما تكون السباحة أسهل في الجانب الأيسر، وأيضا هناك وادي الهجري الذي يضم نزلات تصل أقصاها إلى 120 مترا.
وأيضا هناك وادي الميح حيث يمكن بدء الرحلة الجيولوجية منه بدخوله من جهة الجنوب الغربي على طريق ولاية قريات، ومن ثم إنهاء الرحلة بالخروج من جهة قرية البستان في الشمال.
وبالإمكان دمج هذه الرحلة مع مسار الخيران الجيولوجي لتشّكل رحلة جيولوجية ليوم واحد. كما يمنح المسار الجيولوجي بولاية مطرح فرصة لاستكشاف الممشى الجبلي المطلّ على المناظر الخلابة لجبال الأوفيوليت التي تعانق بحر عمان.
وفي الجبل الأسود ووادي مجلاص يمكن استكشاف التراث الجيولوجي وجمال الطبيعة في الجزء الجنوبي الشرقي من العاصمة مسقط.
قد يهمك ايضا ننشر أفضل وجهات المغامرة في العالم لزيارتها العام المقبل