الألعاب الأولمبية الشتوية 2018

تشهد الساعات الأخيرة قبل الانطلاق الرسمي لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية 2018 في بيونغ تشانغ الكورية الجنوبية، الجمعة، تجاذبًا قضائيًا بين اللجنة الدولية والرياضيين الروس على خلفية المشاركة من عدمها، وستكون أروقة محكمة التحكيم الرياضي "كاس" مسرحًا لعملية مد وجزر بين اللجنة الأولمبية وعدد من الرياضيين الروس الذين منعوا من المشاركة في أولمبياد بيونغ تشانغ على خلفية فضيحة التنشط الممنهج برعاية موسكو، التي تهز الرياضة العالمية منذ أكثر من عامين.

وكما في أولمبياد 2016 الصيفي في ريو دي جانيرو، منعت الأولمبية مشاركة الرياضيين الروس تحت راية بلادهم في بيونغ تشانغ "9-25 فبراير"، وأتاحت لعشرات منهم فرصة خوض المنافسات تحت راية محايدة، إلا أن محكمة التحكيم الرياضي دخلت على الخط الخميس الماضي، ورفعت عقوبة الإيقاف مدى الحياة عن 28 رياضيًا روسيًا، بموجب استئناف تقدموا به للطعن بقرار اللجنة الأولمبية. ومن أصل هؤلاء الـ 28، لا يزال 15 "13 رياضيًا ومدربين اثنين" قادرين عمليًا على المشاركة، بعد اعتزال 13 من الرياضيين الـ 28 في وقت سابق. لكن اللجنة الأولمبية رفضت السماح للـ 15 بالمشاركة في الأولمبياد، ما دفعهم للعودة إلى المحكمة.

وقالت "كاس" الأربعاء، إن الغرفة التابعة لها والمولجة النظر في هذا الأمر "فتحت إجراء طارئًا ضد اللجنة الأولمبية الدولية بخصوص موضوع الرياضيين والمدربين الروس الـ 15"، وأضافت أن المعنيين "يطلبون من كاس إلغاء قرار اللجنة الأولمبية الدولية والسماح لهم بالمشاركة في هذه الألعاب كرياضيين أولمبيين من روسيا".

ومن بين هؤلاء الرياضيين بطل السباقات الطويلة ألكسندر ليغوف "34 عامًا" الفائز بذهبية السباق الأهم لمسافة 50 كلم في أولمبياد 2014 في مدينة سوتشي الروسية، وفضية التتابع 4 مرات 10 كلم، وفي تعليق على هذا الإجراء الجديد، والذي يأتي غداة تقدم 32 رياضيًا روسيًا آخرين "غير مشمولين بالعقوبة لكنهم لم يتلقوا دعوات بسبب فضيحة المنشطات" بطلبات أمام محكمة التحكيم للسماح لهم بالمشاركة أيضًا، وقال رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، الألماني توماس باخ، الأربعاء "جلسات الاستماع تتواصل، وآمل في أن نحصل على القرارات في أقرب وقت ممكن".

وأضاف المسؤول الذي انتقد بشكل حاد القرار السابق للمحكمة، "لدينا العديد من الحجج الجيدة لتقديمها"، وفرضت الأولمبية الدولية قبل أشهر عقوبة الإيقاف مدى الحياة بحق 43 رياضيًا روسيًا، على خلفية فضيحة كشف وجود نظام تنشط ممنهج برعاية الدولة في بلادهم، امتد لأعوام وبلغ ذروته خلال أولمبياد 2014 الشتوي الذي استضافته روسيا في مدينة سوتشي.

وأدى كشف وجود هذا النظام إلى حرمان الرياضيين الروس من المشاركة في العديد من المنافسات الدولية، لاسيما أولمبياد 2016 الصيفي في ريو دي جانيرو. كما منع الرياضيون الروس من المشاركة في أولمبياد 2018 الشتوي، وسمح لعدد ممن ثبتت "نظافتهم"، بالمشاركة تحت راية محايدة، حيث تقدم 42 من الموقوفين الـ 43 مدى الحياة، باستئناف لدى "كاس".

ورفعت الأخيرة الخميس الماضي، العقوبة بشكل كامل عن 28 روسيًا لعدم وجود أدلة كافية على تورطهم في برنامج التنشط، وخفضتها بحق 11 آخرين "المنع من المشاركة في الأولمبياد المقبل بدلًا من المنع مدى الحياة"، ولم تتخذ بعد قرارا بشأن الحالات الثلاث المتبقية، وفتح قرار رفع العقوبة، الباب أمام 15 رياضيًا للمشاركة في الألعاب الشتوية، إلا أن القرار النهائي بذلك كان يعود إلى اللجنة الأولمبية.

بيد أن الأخيرة رفضت بإجماع أعضاء لجنتها التنفيذية، توجيه الدعوات لهم، في ما بدا أنه سعي منها للحفاظ على استقلاليتها في وجه قرارات "كاس"، ولقي قرار المحكمة انتقادات حادة من باخ الذي شدد على الحاجة إلى إجراء "إصلاح" في هيكلية المحكمة المستقلة التي تتخذ من مدينة لوزان السويسرية مقرًا لها، وأوضحت "كاس" الأربعاء أن القرار بشأن الاستئناف الجديد سيتخذ "سريعًا"، ومن المتوقع أن يصدر مساء الخميس أو صباح الجمعة على أبعد تقدير.

وفي حين كان من المقرر أن تدرس المحكمة الأربعاء الطلب الذي تقدم به الرياضيون الروس الـ 32 الثلاثاء، أرجأت النظر في ذلك إلى الخميس، وجاء ذلك بناء على طلب من الأولمبية الدولية لتقديم "خلاصات مكتوبة"، وتشمل لائحة الـ 32، اختصاصي السباقات السريعة الروسي من أصل كوري جنوبي فيكتور آهن، أحد أبرز الأسماء في الرياضات الشتوية.

وسمحت اللجنة الأولمبية الدولية لـ 169 رياضيًا روسيًا بالمشاركة في الأولمبياد تحت مسمى "رياضي أولمبي من روسيا"، إلا أن العدد انخفض إلى 168 بعد رفض رياضية روسية المشاركة تضامنًا مع زملائها. وكانت هذه الأسماء ضمن لائحة من 500 اسم أعدتها اللجنة الأولمبية الروسية الموقوفة بدورها من قبل الأولمبية الدولية بسبب فضيحة المنشطات.

وستكون الألعاب محط ترقب واسع نظرًا لأهميتها الرياضية وقضية المنشطات، وأيضًا لكونها ستشهد مشاركة كوريا الشمالية بعد أشهر من التوتر العسكري والسياسي مع جارتها الجنوبية التي لا تزال في حالة حرب رسميًا معها منذ توقف النزاع في شبه الجزيرة الكورية "1950-1953" بموجب هدنة لا بمعاهدة سلام.

وستشارك الكوريتان بوفد مشترك في حفل الافتتاح مساء الجمعة بالتوقيت المحلي، وبمنتخب نسائي مشترك في منافسات الهوكي على الجليد، وقبل يومين من الافتتاح الرسمي، سجل الأولمبياد الذي يتضمن 102 مسابقة، عددًا قياسيًا من الوفود وصل إلى 92، منها ست دول تشارك للمرة الأولى هي الإكوادور وإريتريا وكوسوفو وماليزيا ونيجيريا وسنغافورة.