اللجنة الأولمبية الروسية على مقرها في موسكو

عندما تقام كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم (يورو 2020) ودورة الألعاب الأولمبية المقررة في العاصمة اليابانية (طوكيو 2020)، وهما أبرز حدثين رياضيين خلال العام المقبل، سيجرى التعامل مع روسيا بطريقتين مختلفتين في ظل العقوبات المفروضة عليها من قبل الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات (وادا).

ففي يونيو 2020، سيخوض المنتخب الروسي نهائيات يورو 2020 بشكل طبيعي تحت العلم الروسي، وستشارك مدينة سان بطرسبرج في استضافة منافسات البطولة، ضمن 12 مدينة أوروبية.

وبعدها بأسابيع قليلة، سيسمح للرياضيين الروس بالمشاركة في أولمبياد طوكيو 2020، لكن كرياضيين مستقلين دون رفع العلم الروسي أو ترديد النشيد الوطني الروسي.

وكان هذا ما خلصت إليه الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات، بعد إعلان قرارها في 9 ديسمبر الجاري بإيقاف روسيا لمدة أربعة أعوام عن المشاركة في المنافسات الدولية، وذلك بتهمة التلاعب ببيانات مختبر موسكو لمكافحة المنشطات، قبل تقديمها إلى وادا.

وطبقا للعقوبة، لا يحق لأي فريق روسيا المشاركة تحت العلم الروسي في المنافسات الدولية كما لا يحق لروسيا التقدم بطلب استضافة أي بطولة كبرى خلال فترة الإيقاف، مع تجريدها من حق استضافة أي فعاليات كانت قد فازت بها لهذه الفترة وذلك في حالة إمكانية ذلك من الجانب القانوني.

وكانت هذه هي الحلقة الأحدث في مسلسل فضيحة الانتشار الممنهج والمدعوم من قبل الدولة، للمنشطات بين الرياضيين الروس، والتي شهدت إعلان وادا في عام 2015 إيقاف الوكالة الروسية لمكافحة المنشطات (روسادا)، قبل أن تعلن وادا قرارا مثيرا للجدل في 2018 يقضي بإعادة روسادا إلى وضع الامتثال، وفقا لشروط تتضمن تقديم بيانات مختبر موسكو.

وأفلتت الرياضة الروسية من الحرمان من المشاركة في أولمبياد 2016 في ريو دي جانيرو، باستثناء اتحاد ألعاب القوى الروسي، المتورط الرئيسي في الفضيحة والذي أوقف من قبل الاتحاد الدولي لألعاب القوى منذ 2015، وشهد أولمبياد ريو 2016 فقط مشاركة داريا كليشينا محترفة الوثب الطويل.

ولا يزال الإيقاف المفروض من قبل الاتحاد الدولي لألعاب القوى قائما، مع السماح فقط بمشاركة الرياضيين الروس كرياضيين مستقلين طبقا لمعايير وشروط صارمة، وهو ما سيطبق في طوكيو 2020 إذا نجح استئناف روسيا لدى محكمة التحكيم الرياضي الدولية (كاس) ضد عقوبة وادا.

وأعلن مسؤولو الرياضة وكذلك الحكومة الروسية أنه سيجرى التقدم باستئناف لدى محكمة كاس، وهو ما حظي بتأييد ودعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ووصف بوتين العقوبات بأنها "غير عادلة" ، مؤكدا أن روسيا لديها جميع الأسباب والدواعي للاستئناف، مشيرا إلى أن قرار وادا لم يتخذ لمصلحة الرياضة النزيهة وإنما جاء لاعتبارات سياسية ليس لها علاقة بـ"مصلحة الرياضة والحركة الأولمبية."

وتنافس رياضيون روس بالفعل في أولمبياد بيونجتشانج 2018 الشتوي كرياضيين مستقلين لكن تحت العلم الأولمبي ومع ترديد العزف الأولمبي عند مراسم التتويج بالميداليات الذهبية، وكان منتخب هوكي الجليد للرجال قد ردد النشيد الوطني الروسي بصوت عال إثر التتويج بالميدالية الذهبية.

وواجهت وادا انتقادات لعدم فرض حظر شامل على روسيا، ولكن الوكالة لا تتمتع بالاستقلالية التامة، حيث يديرها مسئولون حكوميون من دول مختلفة وكذلك أعضاء في اللجنة الأولمبية الدولية.

وتعارض اللجنة الأولمبية الدولية ورئيسها الألماني توماس باخ، فرض عقوبة الحظر الشامل، نظرا لأن العقوبة تلقي بظلالها بذلك على الرياضيين الروس المتنافسين بنزاهة.

بينما يرى آخرون أن المخالفات، ومنها التلاعب بنتائج مختبر موسكو وكذلك استمرار عمل مدربين يخضعون للإيقاف، تظهر أن روسيا "لم تتعلم الدرس بعد".

وذكرت صحيفة "ذا تايمز" البريطانية في عنوان نشرته بعد إعلان عقوبة روسيا :"وادا الضعيفة فشلت في فرض عقوبة تتناسب مع الجريمة".

أما ترافيس تايجارت رئيس الوكالة الأمريكية لمكافحة المنشطات (يوسادا)، فعبر عن معارضته بكلمات أكثر حدة، حيث نادى بـ"التمرد" ضد وادا.

ووصف تايجارت ما حدث بأنه "ضربة مدمرة أخرى للرياضيين المتنافسين بنزاهة لسلامة الرياضة وسيادة القانون"، مضيفا أن رد فعل "كل من يقدرون قيمة الرياضة يجب ألا يقل عن التمرد على النظام المحطم من أجل الإصلاح."

ومع ذلك جاءت ردود فعل مختلفة من آخرين، حيث قال الألماني ماركوس ايزينبيخلر بطل العال ثلاث مرات في تزلج الوثب، إنه يشعر بالأسف من أجل منافسيه الروس "لأنني واثق من أنهم لا يتعاطون شيئا."

ولن تؤثر عقوبة وادا على مشاركة روسيا في نهائيات يورو 2020 والمشاركة في استضافة مبارياتها أيضا، وذلك بداعي أن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) لم يوقع اتفاقية مع وادا كما أن يورو 2020 تعد بطولة قارية وليست عالمية.

وكان اليويفا ذكر في بيان، عقب إعلان عقوبات وادا، أنه "يبدو" أن يورو 2020 لن تتأثر بالعقوبات.

وبدا الموقف أكثر غرابة عند النظر إلى كأس العالم 2022 لكرة القدم، التي تقام نهائياتها في قطر.

فالتصفيات المؤهلة إلى المونديال تقام تحت مظلة الاتحادات القارية ومنها اليويفا، وهو ما يعني إمكانية مشاركة روسيا في التصفيات بشكل طبيعي، ولكن في حالة تأهل المنتخب الروسي للنهائيات، التي تندرج ضمن البطولات الدولية التي تشملها العقوبة، قد يشارك الفريق دون ارتداء لاعبيه قميص المنتخب الروسي أو رفع العلم الروسي.

كذلك يدور الجدل حاليا بشأن المستقبل القريب، حيث من المفترض أن تحتضن روسيا بطولة العالم للزحافات الثلجية في منتجع سوتشي في فبراير المقبل.

وقال كريستوف شفايجر المدير التنفيذي للاتحاد الدولي للعبة إنه يعتقد أن الاستئناف الذي سيقدم من قبل روسيا ضد العقوبات، لن يجرى الحسم بشأنه على الفور، وهو ما يعني أن البطولة ستقام في موعدها في سوتشي.

وفي فبراير، يمكن للرياضيين الروس أيضا المشاركة بشكل طبيعي في بطولة العالم للبياثلون في إيطاليا، ولم يتضح حتى الآن ما إذا كانت محكمة كاس ستصدر حكما نهائيا قبل حفل افتتاح أولمبياد طوكيو 2020 في 23 يوليو، أم لا.

وقال ستانيسلاف بوزدنياكوف رئيس اللجنة الأولمبية الروسية :"نواصل الاستعدادات للأولمبياد والمنافسات الكبرى الأخرى بكامل قوتنا ، مضيفا أنه في أسوأ الأحوال، سيشارك الرياضيون الروس في المنافسات تحت مسمى "رياضيين أولمبيين من روسيا".

قد يهمك ايضاً :

الأولمبية الموريتانية تبدأ حقبة جديدة من البناء

مسؤولو الرياضة في روسيا ينتقدون «توصيات وادا» قبل الأولمبياد