حديقة مولاي عبد

تمتاز مدينة مراكش بعدد من المساحات الخضراء، وتعتبر "عرصة مولاي عبد السلام"، كما يطلق عليها باللهجة المغربية، التي يعود تاريخ تأسيسها إلى أعوام قديمة جدا، واحدة من أهم هذه المساحات، والتي تم تشييدها على يد "مولاي عبد السلام" أمير السلالة العلوية قبل 300 عام، وهي من الحدائق التاريخية التي شهدت فترات زمنية مهمة عايشتها مدينة مراكش وسكانها، واعتاد المراكشيون على زيارتها والاستمتاع بمناظرها الخلابة التي تبقى خضراء ورائعة طوال العام، لاسيما بعد أن شهدت عددا من الترميمات والأعمال التي حولتها من مجرد حديقة عادية توجد قرب مسجد الكتبة، إلى مزار وملاذ لعشاق الطبيعة والسياحة الطبيعة .

ولم يعد دور الحديقة يقتصر فقط على منح المنظر الأخضر والطبيعي البيئي للمكان، إنما تحولت إلى فضاء لممارسة مختلف الأنشطة الثقافية والترفيهية، إذ تحتوي على مسرح في الهواء الطلق، كما أنها تحتضن معارض ولقاءات ثقافية. ويبقى "متحف الاتصالات" الموجود عند مدخل الحديقة، فرصة للزائر للتعرف على تاريخ الاتصالات في المغرب، حيث يخال الزائر نفسه يشاهد تحفا عمرها آلاف الأعوام، وفيها تنظم معظم التظاهرات الثقافية والترفيهية البيئية الخاصة بالأطفال ومختلف المؤسسات التعليمية، وكذا الجمعيات العاملة في مجال المحافظة على البيئة في مختلف المناسبات، خصوصًا أن العرصة تعد جسرا للذاكرة ونقل للقيم التاريخية.

كما أن " العرصة " هي ملاذ للسياح الأجانب للاختباء من حرارة مراكش، لاسيما أثناء الصيف، وذلك لما توفره من خصائص طبيعية مميزة تجعل الزائر لا يشعر بالوقت أثناء تواجده بين فضاءاتها المتنوعة، كما أنها تحتوي على نوافير مائية مميزة تجعلها ترسم لوحتها التاريخية القديمة التي يعتز بها كل مراكشي، إضافة إلى التنوع الذي تعرفه على مستوى النباتات والغطاء النباتي الذي تمتاز به والذي يمنحها ذلك الإقبال الكبير من طرف الزوار، لاسيما أنها توجد في موقع استراتيجي يجعلها وجهة لكل من حط رحاله في ساحة جامع الفنا إذ تبعد بخطوات قليلة فقط عن الساحة التي تستقبل يوميا ملاين الزوار .

وقد أصبح هذا الفضاء يمثل متحفا للفنون الروحانية وللحدائق العربية، التي تجتمع فيها مختلف الأشجار والنباتات المتنوعة والكثيفة التي تزيدها ظلا وتجعلها قبلة للمراكشيين وزوار المدينة من كل الجنسيات ومن كل دول العالم، فهي الفضاء الذي يستوحي جماله من لمسة الجنان المغربي، الذي تمتاز به منذ القديم القصور الملكية وبيوت السلاطين في القرن الثامن عشر، وهي ذات مساحات كبيرة تمتد إلى 8 هكتارات بشكل يجعلها رحابا كبيرا وفردوسا اخضر في قلب المدينة الحمراء.

هذه الحديقة تفتح أبوابها أمام الزوار على مدار 24 ساعة في اليوم، للاستمتاع بجمال المناظر الخضراء التي تمتاز بها مدينة مراكش، وعلى الرغم من أن الشمس تسكن سطحها وسماءها على مدار السنة، فإن هذه الحديقة ظلت على غرار باقي الحدائق المتواجدة في المدينة الحمراء، تثير التعجب والحيرة لدى كل من يؤمن بأن الشمس مرادف للجفاف والأرض الجرداء القاحلة، وهو ما دفع عشاق مراكش، إلى إعطائها لقب المدينة الخضراء وذلك لما تحتويه من حدائق غناء وساحات و فضاءات خضراء طيلة العام، لا تؤثر فيها عوامل الطقس المتغيرة مهما كانت، حيث تعد هذه "العرصة" من بين أكثر الحدائق خضرة وإقبالا من طرف الزوار المغاربة والأجانب .